أطلق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل موقفا صاعقا، كان له وقع الصدمة على الأوساط الشعبية والسياسية التي فوجئت به يعلن عن سحب السعودية يدها من الوضع اللبناني، محذرا من ان لبنان يواجه خطر الانفصال والتقسيم.
وبدا موقف الفيصل بمثابة ’رصاصة سياسية’ حارقة أصابت مباشرة رأس الجهد القطري ـ التركي، المدعوم سورياً، والذي نعاه رئيس الدبلوماسية السعودية بطريقة خلت من أي جرعة دبلوماسية، عندما أوحى برفع الغطاء السعودي عنه وبالتالي ترك لبنان لمصيره، ما استدعى اتصالا عاجلا من رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بالأمير الفيصل لاستيضاح خلفية تصريحه، مستغربا ما صدر عنه، بالتزامن مع المهمة القطرية ـ التركية في بيروت.

وفي محاولة لاستدراك تداعيات كلام الفيصل أكدت مصادر سعودية’أن المملكة تبارك الجهد القطري التركي الجدي’.

كلام الفيصل تزامن مع تواصل الدفق الاميركي الداعم للمحكمة والذي عبر عنه الرئيس باراك أوباما للرئيس المصري حسني مبارك خلال اتصال هاتفي جرى بينهما أمس، ما دفع أحد قياديي المعارضة الى القول بأن اللاعب الاساسي في هذه المرحلة هو الاميركي بعدما أخلت له الرياض الساحة.

على صعيد الوضع الداخلي، لا يزال التشاؤم غالباً على الأطراف اللبنانية. ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن أحد النواب المقرّبين من رئيس الحكومة سعد الحريري القول إن رئيس الحكومة حمّل داوود أوغلو والشيخ حمد عرضاً لأفكار تسوية من أجل تقديمها إلى قوى المعارضة، والحصول من هذه القوى على إجاباتها بهذا الشأن.

وتوقع المصدر أن يأتي الجواب الرسمي السلبي قريباً من قوى المعارضة، مشيراً إلى معلومات متداولة في أوساط فريقه السياسي تشي بأن ثمة استعدادات للتحرك ميدانياً خلال الساعات القليلة المقبلة.

في المقابل، لخّص مصدر بارز في المعارضة نتائج المسعى التركي ـــــ القطري، وفقاً للآتي:

1ـــــ قبل وصول الوفد إلى بيروت، أجرى وزير الخارجية القطرية اتصالاً بالأمير عبد العزيز بن عبد الله، وأخذ منه تفويضاً بالمساعي مع الحريري على قاعدة الأفكار التي انتهت إليها الوساطة السعودية ـــــ السورية.

2ـــــ حمل الوفدان القطري والتركي اقتراحاً بالتعامل مع الأمر على ما هو، أي من دون تجاهل التطورين، أي استقالة الحكومة وصدور القرار الاتهامي.

3ـــــ أبدى الحريري استعداده للتعاون، شرط أن يكون النقاش شاملاً لملف الحكومة على نحو مسبق، يضمن تأليفها بسرعة مع ضمانات بشأن تفاصيل كثيرة، تخصّ آلية العمل.

4ـــــ في لقاءات الشيخ حمد وداوود أوغلو مع بري وعون ونصر الله، تمّ تثبيت مطالب المعارضة. وبعدها أجرى الحريري اتصالات بالسعودية، وبالتحديد مع الأمير عبد العزيز بن عبد الله، وحصل منه على تفويض.

5ـــــ صاغ الحريري ورقة ضمّنها المطالب الخاصة بالمحكمة، وأضاف إليها مطالبه الخاصة بالحكومة. والجديد أن الحريري أورد في الورقة ما كان قد قاله شفهياً لجنبلاط لجهة إقراره بالبنود الخاصة بالمحكمة (وقف التمويل، إلغاء البروتوكول، سحب القضاة). وتنظر قوى المعارضة إلى هذا الأمر بصفته تطوراً نوعياً، إلا أنها في الوقت عينه ترى أن ثمة التباسات كثيرة وإبهاماً في عدد من البنود التي تتضمّنها الورقة.

6ـــــ كان وزير الخارجية القطري متحمّساً للوصول إلى تفاهم فجر أمس، وكان على استعداد لتوقيعه صباح اليوم، إلا أن المعارضة أعادت تقويم الأمر على أساس أن الأثمان اختلفت كثيراً عمّا كانت عليه قبل صدور القرار الاتهامي، وقبل استقالة الحكومة، وأن ثمة مطالب للحريري في الملفات الداخلية يصعب الأخذ بها