التحدي النووي الإيراني... في ذكرى قنبلة هيروشيما!
التحديات التي تواجه العاهل السعودي الجديد، والمدارس الدينية الباكستانية، وقرار إيران العودة لتفعيل مشروعها النووي، وذكرى قنبلة هيروشيما، موضوعات أربعة نضعها تحت دائرة الضوء في هذه الجولة السريعة في الصحافة الفرنسية.
ما بعد فهد
"بيير روسلين" كتب افتتاحية في صحيفة لوفيغارو يوم 2 أغسطس الجاري خصصها للحديث عن رحيل الملك فهد بن عبد العزيز مستعرضا كذلك الأبعاد السياسية والمستقبلية التي يجد العاهل السعودي الجديد الملك عبدالله نفسه في مواجهتها وأولها طبعاً أن يعمل على الدفع بحركة الإصلاحات شوطاً إلى الأمام في المملكة، بما يحقق إحداث تحولات اجتماعية في المجتمع السعودي، ويضمن في نفس الوقت الاستجابة لمطالب الدمقرطة التي تدفع الولايات المتحدة في اتجاهها والتي يقع التعامل معها إلى حد الآن بشيء من الحذر والتحفظ، وإن كانت المملكة شهدت لأول مرة هذه السنة انتخابات بلدية جزئية. بحثاً عن "الإسلام الحقيقي": هذا هو عنوان مقال نشره "أريك دو لافارين" في مجلة "الأكسبرس"، يأتي في سياق اللهفة الغربية المحمومة على معرفة كل شيء عن المدارس الدينية في باكستان، التي قيل إنها خرَّجت اثنين على الأقل من منفذي تفجيرات لندن في السابع من يوليو الماضي." دو لافارين" ذهب بنفسه لزيارة إحدى هذه المدارس القرآنية بضواحي لاهور وعاد من هناك بوصف للأجواء السائدة فيها، مركزاً على التحولات الحاصلة في حياة فتى فرنسي مسلم يدرس فيها ويقول إنه يريد "العودة إلى حياة الإسلام الحقيقي". ويؤرخ الكاتب أيضاً لأسباب ظهور هذه المدارس الدينية أصلاً، التي يقال الآن إنها تفرخ الإرهاب علماً بأن الأميركيين هم من كان يمولها طيلة الحرب الأفغانية ضد الاحتلال السوفييتي، كما كان العسكريون الباكستانيون يشرفون عليها بشكل مباشر. ولا يكتفي الكاتب في تحقيقه بجمع الشواهد العامة عن المدارس الدينية في منطقة لاهور بل يذهب أيضاً إلى مدرسة "مريدكه" بالذات التي يقال إن المفجرين البريطانيين تلقيا تعليماً دينياً فيها، ويصف فخامة بناء المدرسة وخدماتها بشكل جعله يشبِّهها بمنتجع لقضاء الإجازات. ولا يبخل الكاتب أيضاً بتحديد مصدر "التمويل" وهو أكثر من مليون من الباكستانيين المغتربين في المملكة المتحدة. كما ينقل في نهاية تحقيقه عن المُلا المشرف على إحدى هذه المدارس قوله:"قتل الأميركيين في العراق وأفغانستان أمر لا علاقة له بالإرهاب".
حسابات أحمدي نجاد
الكاتب "ألكسندر أدلر" نشر مقالاً تحليلياً في صحيفة "لوفيغارو" خصصه لتداعيات إعلان إيران أنها ستعود لتجاربها حول اليورانيوم في مفاعل أصفهان في تحد للإرادة الدولية بدأ به الآن الرئيس الجديد أحمدي نجاد ولايته الرئاسية. ويرى "أدلر" أن ما دفع قادة طهران إلى تجاهل المناشدات الأوروبية وعدم التجاوب مع الرسالة الإيجابية التي أرسلها إليهم وزير الخارجية الألماني "يوشكا فيشر"، هو أن الإيرانيين مصرون من البداية على انتهاز فرصة انشغال الولايات المتحدة في المستنقع العراقي، وانشغال إسرائيل في متاهات الانسحاب من غزة ودوامة العملية السلمية في الشرق الأوسط، لكي يضعوا العالم أمام أمر واقع يفرضونه عليه، خاصة أنه بمقدورهم التعويل على فيتو من روسيا أو الصين في مجلس الأمن الدولي إذا قرر أحد ما تحويل ملفهم إليه. إن هذا التحليل يمضي في النهاية إلى أنه لن توجد فرصة مناسبة أكثر من الظرف الدولي الراهن تجعل طهران قادرة على لي ذراع واشنطن. هذا إضافة إلى أن ثمة اعتقاداً منتشراً على نطاق واسع في الطبقة السياسية الإيرانية مفاده أن واشنطن هي المدينة الآن بالكثير للإيرانيين، وإن لحظة دفع هذا الدَّين قد حانت، فهي مدينة لهم بمساعدتهم إياها في تسيير الأمور في العراق من خلال ضغطهم على قيادات مقربة منهم في بغداد للاصطفاف مع الأميركيين، كما أنهم لعبوا دوراً أيضا في ترويض ميليشيا مقتدى الصدر التي سببت إزعاجاً واضحاً للمشروع الأميركي في بلاد الرافدين.
الذاكرة والنسيان
هذا هو عنوان افتتاحية صحيفة "لوموند" يوم الجمعة (أول من أمس)، وقد خصصتها لمخاطر انتشار الأسلحة النووية بمناسبة مرور ستين سنة على إلقاء قنبلة نووية على مدينة هيروشيما يوم 6 أغسطس 1945. وعلى رغم مرور ستة عقود كاملة فإن الافتتاحية الشهيرة التي كتبها الأديب الفرنسي العالمي ألبير كامو صبيحة جريمة هيروشيما ونشرها في مجلة "كومبا"، ما تزال قابلة لوصف موقف العالم من الأسلحة النووية حتى يومنا هذا. قال "كامو" في تلك الافتتاحية، ما يلي:... إن الحضارة الميكانيكية وصلت للتو إلى أقصى درجات توحشها. وسيكون عليها، أن تختار في موعد قريب أو بعيد، بين الانتحار الجماعي وبين الاستخدام الذكي والرشيد للاكتشافات العلمية. ولكن للأسف لا أحد استمع إلى حكمة هذا الأديب الحاصل على جائزة نوبل. والغريب في الأمر أنه على رغم كل هذه الفترة الزمنية وكل ذلك العدد من الضحايا الذين ما زالت معاناتهم ومعاناة أبنائهم مستمرة وتنتقل الآلام من ذاكرة لأخرى في البلد الذي تعرض لتلك الفجيعة، إلا أن العالم ما زال مخفقاً في إيجاد صيغة ما تسمح له بالسيطرة على هذا الخطر الداهم على البشرية جمعاء. فهذه إيران وكوريا الشمالية وغيرهما من الدول الطامحة للحصول على أسلحة نووية. وتلك دول النادي النووي الأولى ما زالت هي الأخرى متمسكة بأسلحتها ومرتهنة لهواجس الحرب الباردة، معطية بذلك صلاحية مفتوحة لعبارة قالها من أمر بإلقاء قنبلة هيروشيما وهو الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان (1884-1972) حين قال:"إن القنبلة النووية أخطر بكثير من أن يعهد بها إلى عالم لا قانون يحكمه".