عندما قامت القوات المسلحة لتايوان بتنفيذ تمرين عمليات مشتركة قبالة مضيق تايوان في الاسبوع الماضي لم يكن من الصعب تخمين «العدو» الذي وضعوه في تمرينهم.
وتم تفجير ألغام وقذائف في عمق المياه في تمثيل لاغراق سفن حربية قادمة من الساحل وتم اطلاق ألغام غواصات على فرقاطات وغواصات معادية وهمية، وقالت صحيفة تايبي تايمز إن ذلك التمرين كان اكبر عرض للقوة تقوم به تايوان خلال سنوات.
ولكن الصين التي تصدر التهديدات باحتلال «الاقليم المتمرد» والتي أصدرت مؤخرا قانونا يمنع انفصال الجزيرة عنها تقوم ايضا بفرض عضلاتها العسكرية.
وسيشهد الاسبوع القادم لعبات حربية اكبر تضم القوات الصينية والروسية حول شبه جزيرة شاندونغ في البحر الاصفر، ويقول المحللون الاقليميون ان مثل ذلك التعاون العسكري امر غير مسبوق ويمكن ان يمثل بداية شيء جديد.
ويقول اندرو يانغ من المجلس الصيني للدراسات السياسية المتقدمة في تايبي «الهدف من التمرين الصيني الروسي هو ارسال رسالة الى تايوان، ولكنه ايضا تحرك مهم جدا فيما يتعلق بالعلاقات المتطورة بين روسيا والصين والجهود المشتركة للتعامل مع الامن الاقليمي».
ومضى يانغ للقول بان الصين تعتبر ان الوقت قد حان لزيادة التعاون الاستراتيجي مع روسيا لموازنة الدور الامريكي في المنطقة وان البلدين مهتمان لرؤية عالم متعدد الاقطاب بدلا عن عالم بقطب واحد.
وكانت الصين سلفاً أكبر مزود بالاسلحة والطاقة للصين، وتوقع يانغ ان التعاون الثنائي بين الحليفين القديمين سيتعمق بصورة مطردة ليس فقط في منطقة آسيا الباسيفيكية ولكن ايضا في وسط آسيا.
واحتمالات تجدد محور بكين موسكو يغذي المخاوف الامريكية من التحديات التي سيواجهها الامن القومي الامريكي والمصالح الاقتصادية الامريكية نتيجة للنهضة الصينية.
وقد ظهرت المخاوف الامريكية جلية في الآونة الاخيرة من خلال المعارضة السياسية للعرض الصيني لشراء شركة اونوكال النفطية الامريكية، وظهرت المخاوف ايضا عند النظر في اتفاقية التجارة الحرة في امريكا الوسطى والتي اجازها الكونجرس بأغلبية بسيطة بعد التلويح بشبح الهيمنة الصينية المحتملة في منطقة تعتبر حديقة خلفية لواشنطن.
وفي الشهر كتب ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية مقالا ينذر بالخطر من «حرب سرية» صينية تشمل حروبا مالية ونفسية واعلامية ومواردية وحتى بيئية.
وفي واقع الأمر يوجد اساس لبعض المخاوف الامريكية، وقد صدر مؤخرا تقرير عن الكونجرس أعاد تأكيد المخاوف بان بناء القوة العسكرية الصينية يمكن ان يشكل في المستقبل خطرا على الولايات المتحدة وحلفائها في مسرح آسيا الباسيفيكية، وفي هذا الشهر اصدرت اليابان تقييما مشابها رغم ان علاقاتها مع كل من الصين وروسيا قد تكون افضل.
وعن طريق العمل من خلال منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم كازاخستان واوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان تسعى الصين وروسيا ايضا لتحقيق أمن مشترك وأجندة اقتصادية في آسيا الوسطى.
والدعوة التي وجهتها منظمة شنغهاي للتعاون الى الولايات المتحدة لاخلاء القواعد العسكرية التي اقامتها في المنطقة عقب أحداث 11 سبتمبر دفعت اوزبكستان لاتخاذ قرار هذا الشهر لطرد القوات الامريكية من أراضيها.
وبجانب سعي الصين وروسيا لخفض النفوذ الامريكي هناك أيضا هدف مشترك أكثر أهمية ويتمثل في مكافحة «الارهاب والتطرف والانفصال» والجهة المقصودة بهذه العبارة هي المقاومة الاسلامية الممتدة من اكسنجيانغ الى الشيشان، رغم ان الصين تضيف اليها طرفا غير مسلم يتمثل في «الانفصاليين التايوانيين».
وعندما قام نظام الرئيس الاوزبكي اسلام كريموف في مايو بقتل اسلاميين في انديجان وجهت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي انتقادات واحتجاجات شديدة ضد سلطات طشقند ولكن روسيا والصين اشادتا بالمجزرة، ان انعدام الديمقراطية وعدم احترام حقوق الانسان هما الميزتان اللتان تربطان تحالف موسكو بكين.
ولكن الباحثة جنيفر مول التابعة لمركز السياسة الخارجية في لندن تقول ان تطور علاقات التعاون الصينية- الروسية القائمة على معاهدة الصداقة التي ابرمتها البلدان في عام 2001 لا يمثل بالضرورة بداية «لعبة آسيوية كبرى»، وتضيف جنيفر «بكل تأكيد لدى روسيا والصين اعتراضات كثيرة على سياسات امريكية ولكن سيكون من الخطأ تعريف العلاقة بينهما بمجرد العداء لامريكا».