توجد حركة متنامية في الولايات المتحدة لسحب القوات الأمريكية من العراق، وفي غضون ذلك فإن الرئيس بوش أكد في أحاديث ألقاها مؤخرا أنه لا يمكن سحب القوات من العراق، لأن هذا من شأنه تهديد أمن الولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي كرر مراراً أن الولايات المتحدة لا تستطيع الانسحاب من العراق الآن، لأن هذا يعتبر خيانة لتضحيات المحاربين من الرجال والنساء الذين فقدوا حياتهم هناك، كما انه يهدد أمن أمريكا. وأضاف الرئيس «ان جهودنا في العراق والشرق الأوسط سوف تتطلب المزيد من الوقت والتضحية والعزيمة المستمرة، ولكن الناس في منطقة الشرق الأوسط قد اختاروا الحرية والازدهار والأمل، والأمريكيون سوف يستمرون في الوقوف بجانبهم لأننا نعلم أن الأمم الديمقراطية الحرة محبة للسلام».
ولكن ما لم يوضحه الرئيس هو ان الانسحاب من العراق سيكون له نتائج كارثية وسيهدد بقاء الولايات المتحدة. الحديث عن الحرية والأمل ما هو إلا نوع من الدعاية وللاستهلاك المحلي، وقد فشل في توضيح السبب الحقيقي لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة الانسحاب من العراق، وبالرغم من ذلك فإن أمريكا وبريطانيا سوف تهزمان في النهاية في العراق وكثيرون من معلقي الشرق الأوسط يعترفون بأن النصر لم يعد ممكناً، وبينما يتزايد الضغط في الولايات المتحدة للانسحاب من العراق فإن المحتجين ضد احتلال العراق يفشلون في فهم لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة الانسحاب من العراق...! لأنها لو فعلت ذلك فإن هذا سيعتبر هزيمة في عيون العالم حتى لو تم الانسحاب طوعياً. وهذا سيسمح للقاعدة وحلفائها أو إيران بالسيطرة على العراق والبروز كقوة مسيطرة في الشرق الأوسط. وإذا سيطر أعداء أمريكا على نفط الشرق الأوسط وقطعوا الامداد عن الولايات المتحدة فإن الاقتصاد الأمريكي المثقل بالديون سينهار. الهزيمة الآتية من العراق ستكون العامل الذي سيسبب انعدام الثقة في قيادة أمريكا وبريطانيا. دائنونا لن تكون لهم الثقة في الاستمرار في اقراضنا الأموال اللازمة لدعم اقتصاداتنا الضرورية لاستمرار الهيمنة الانجلوسكسونية على العالم. الهزيمة في العراق لن تكون فقط النتيجة النهائية لمغامرة عسكرية كارثية وغير ضرورية، بل ستنتهي بانهيار اقتصادي كامل سوف يضع حداً لهيمنة التحالف الانجلوسكسوني على العالم التي استمرت طوال المائتي السنة الماضية، الكارثة تقترب شيئاً فشيئاً من شعوب أمريكا وكندا واستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة. وشعوبنا في طريقها لتذوق أسوأ انهيار اقتصادي وهزيمة عسكرية في التاريخ. غزو واحتلال العراق مول بأموال مقترضة. لم تفرض ضرائب لتمويل هذه المغامرة العسكرية، الأموال اقترضت من أعدائنا السابقين في شكل سندات خزانة، وفي يوم من الأيام يجب أن تسدد... مستوى الاقتراض الحالي للمحافظة على أسلوب حياتنا أصبح ببساطة فوق طاقتنا.
فماذا سيحدث إذا لم نستطع تسديد ديوننا؟ وعندما تفشل دولة في تسديد ديونها فإنها تصبح معسرة ويوقف عنها الائتمان وتفقد عملتها قيمتها. والوقت الذي سوف يتوقف فيه دائنونا عن اقراضنا الأموال ومطالبتنا بدفع ديوننا أخذ يقترب بسرعة. وببساطة ليس لدينا الاحتياطيات المالية لدفع هذه الديون.
وما لم يحدث تغيير حقيقي لدى شعوبنا فإن الانجلوسكسون سوف يشهدون أكبر كارثة حدثت لأي شعب في التاريخ. الهزيمة في العراق سوف يعقبها انهيار اقتصادي. دائنونا لن يقبلوا اقراضنا الأموال لإقامة اقتصاداتنا المعتمدة على الاستهلاك. وسحب قروضهم سوف ينتج عنه انهيار كامل لعملاتنا، وسوف يعقب ذلك المجاعات والأمراض والفقر والانهيار الكامل للمجتمعات وعندئذ سوف يستولى أعداؤنا على دولنا وسوف نكون تابعين لهم.