اكد التجمع من اجل سورية انه سيتم توجيه الدعوة لعبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق والعماد حكمت الشهابي الرئيس السابق لهيئة الأركان في الجيش السوري لحضور مؤتمر باريس المزمع عقده في 26 حتى 28 الشهر الحالي ، واكد فهد الارغا المصري الناطق الرسمي باسم التجمع واحدى جهات المعارضة الداعية للمؤتمر في تصريح لـ"إيلاف": " اننا نقوم بإجراء الاتصالات اللازمة لتوجيه الدعوة لهما بشكل رسمي وذلك بناء على طلب من أعضاء المجلس الوطني لقيادة التغيير في سورية لضرورة أن تتضافر الجهود في تحرك الجانبين مع باقي الأطراف الوطنية المخلصة لإنقاذ سورية من وضعها الحالي " ، واعتبر المصري أن" السيد خدام والعماد الشهابي يدركان تماماً حجم المخاطر المحيقة بسورية أمام حالة الاستهتار بالوطن والمواطن واستمرار الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان في ظل حالة الطوارئ والاحكام العرفية من نظام البعث الحزب الواحد وأجهزته الامنية وسوء السياسة الخارجية التي أدت الى عزلة سورية عن محيطها الاقليمي والدولي".
وتابع " اعتقد أن انسحاب السيد خدام من السلطة ومن الحزب خلال مؤتمره الأخير إنما يعتبر خير دليل عن عدم رضا السيد خدام عن سياسة البعث ونهجه التسلطي وعدم رضاه عن سياسة سورية الخارجية مما دعاه الى الابتعاد عن الساحة السياسية قبل أن تهب رياح العاصفة وهذا دليل اضافي على الحنكة والخبرة السياسية العميقة التي يتميز بها السيد خدام إلى جانب أنه شخصية محترمة داخلياً واقليمياً ودولياً".
واضاف المصري "أما بالنسبة للعماد الشهابي وما يشكله من ثقل واحترام في المؤسسة العسكرية رغم إبعاده عن الساحة السورية في ظروف يعرفها الجميع لتوريث الجمهورية بعد وفاة الرئيس الراحل حافظ الاسد فإننا نعتقد أن العماد الشهابي يعتبر وبجدارة الشخصية العسكرية الوطنية التي يمكن أن تضمن عدم عبث السلطة الحاكمة في سورية الآن بالمؤسسة العسكرية والشخصية التي يمكن أن تضمن أن تكون المؤسسة العسكرية لحماية الوطن والمواطن وليس لفئة طاغية "، وراى أن وجود خدام والشهابي سيكون بمثابة صمام الأمان في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة الانتقالية ريثما تتم الانتخابات العامة واعداد دستور عصري للبلاد".
وشدد المصري على ان المؤتمر سيعقد في موعده رغم مقاطعة بعض اطياف المعارضة السورية له ومحاولة السلطات منع انعقاده.
يشار الى ان المجلس الوطني لقيادة التغيير في سورية بدأ تأسيسه مع نهاية شهر حزيران(يونيو) الماضي .
من جانبه هاجم عبدالعزيز دحام المسلط رئيس حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سورية ،وهو احدى الجهات الداعية لمؤتمر باريس، بعض اطياف المعارضة السورية وقال في تصريح لـ"إيلاف" لقد اعتدنا في سورية أن نواجه صداعاً لحظياً بسبب ثقافة الطغيان الفكري الشمولي من جانبين يمثلهما النظام البعثي المتكلس من جانب ، والمعارضة الاكثر شمولية وتحجراً منه من جانب آخر وكلنا يعلم بأن هذه المعارضة التقليدية البالية التي تترنح يميناً وشمالاً غير مؤهلة سياسياً وفكرياً وثقافياً لإعادة إنتاج مشروعها الوطني المتكامل والسبب في ذلك تلك الرؤى الرعناء والقاصرة في تحديد الاولويات التي يرافقها نوع من حسابات الحقل والبيدر ، ونوه بانه لايقصد عموم المعارضة الكلاسيكية "إلا أنني أقصد من ادعّوا في لحظات نشوة سياسية خاوية مؤخراً بأن التجمع الوطني الديمقراطي السوري يمثل جسد المعارضة الوطنية السورية الحقيقي وأن ما تبقى من شراذم معارضة ما هي إلا جزر معزولة .
ورأى المسلط اننا منذ مدة طويلة ونحن نشعر بالحرج في الرد على تلك المعارضات الهرمة ،والصدئة ، والتي أصابها خرف سياسي وثقافي وحتى فكري ،والحرج في الرد إنما تأتى من خلال دافع الاحترام لفصيل من فصائل الحراك السياسي والثقافي وثانياً لتوكيد الحقيقة القائلة بأن المعارضة السورية قادرة على تجاوز نزعات الانا المتورمة وثقافة تخوين وتقزيم وتهميش الآخر ، ولفت الى انه كان لا بد من رد على تلك الهرطقات التي تناولتها بعض شخصيات التجمع الوطني الديمقراطي والتي لا تنفك أن ترمي بحممها السوداء على كل من يحاول وضع لبنة في مدماك العمل الوطني، مثلهم في ذلك مثل رفاقهم البعثيين الذين وجدوا بأن قاعدة التطور السياسي لا تبنى إلا بفلسفة الرفض على حساب القبول وتلك فلسفة رثّة يعلمها القاصي والداني ، واشار الى تفهم تلك الازعومات وليست ( المزاعم ) وجملة الادعاءات المبتذلة والتخرصات الكثيرة التي تحاول النيل من الشخصية الوطنية الحقيقية لتلك المعارضات الناشئة والجادّة في رسم ملامح جديدة في العمل السياسي ،علماً بأن الحراك السياسي والثقافي الداخلي ولد نتيجة تفاعل عناصر الجدل والاستجابة من جانب تلك المعارضة الوطنية الناشئة بعد ما سمي بمرحلة ربيع دمشق في الوقت الذي عاش فيه التجمع حالة من حالات السبات السياسي وعدم التأثر بمعطيات الوافد الموضوعي في لغة وخطاب التغيير والتحول التي ولدتها ظروف التطور التاريخي وسننه الطبيعية، إلا عندما ظهرت المساحات الحرة التي توفرت بسبب تأثيرات الفعل السياسي المستحضر من مركبات العمل والتفاعل والتنسيق على الرغم من غياب عنصر الاستجابة من جانب النظام الامني البعثي الذي يحاول ضرب أسافين قاتلة في كل تجربة وطنية حية وجديدة هدفها الانتقال بسورية من مزرعة بعثية ( ودولة رعية ) الى دولة مؤسسات يحترم فيها الجميع تحت عنوان واحد وهو عنوان المواطنة .
واكد المسلط أن مبررات رد الفعل تتتابع بهلامية شديدة تعكس عمق الجدل الاجتماعي المفضي الى فرز آليات الانتقال من عزلة داخلية شديدة التعقيد الى آفاق رحبة تمليها ظروف التطور الطبيعي في قوانين الجدل الاجتماعي الذي تبنى عليه ركائز التغيير الحقيقي في مختلف رؤاه وبناه الحقيقية .
واوضح انه لذلك كان لا بد من مجابهة هذا التغيير والتحول الذي تحدثنا عنه من جانب البنى التقليدية والتي شاءت أن تتلاقى مصالحها وشعاراتها وخطابها السياسي جنباً الى جنب،لإجهاض المشروع الليبرالي العلماني الجديد الساعي باتجاه ثقافة المعرفة الكلية للواقع، وتشريحه تبعاً لرصد ظواهر الصوابية في المعالجات ومحدداتها العامة والباعث على تقليص مساحة اللغط الايديولوجي بمحدداته التاريخية وما قد يسفر من تحالف لجبهتيه المتأزمتين من واقع الخطاب والحدث في آن معا ً .
واعتبر المسلط ان ثنائية العمل المشترك لجبهتي الخطاب الكلاسيكي افضت الى بروز مثل هذا التحالف الذي يرى بأن قاعدة التحولات الديمقراطية تبنى أيضاً بلغة شعاراتية جامدة ولكن مع الاخذ بمبدأ التصريف الذاتي للمنهج دون النص ، وما كان ذلك إلا الاقرار بمشروع التجمع الوطني الديمقراطي السوري حتى وإن تجلت تبدياته وراء الكواليس ابتداء من مغازلة النظام وصولاً الى ربط النظام بين شرعنة عمل التجمع السياسي وبين اندماجه ككتلة إما ائتلافية أو تنظيمية حزبية واحدة، وهذا ما لم ولن يحصل لاعتبارات عدة أهمها أن التجمع الوطني الديمقراطي يعيش حالة فصام شخصي في سياساته ومركباته الايديولوجية والتنظيمية منها على حد سواء ، بمعنى أنه يقف على مفترق طرق ولا نريد القول بأنه في حالة إحتضار سياسي , وإن ما قد تفرزه صيرورة التحولات السياسية والاجتماعية في العالم عموماً قد يحدد منحى جديداً للخطاب السياسي والثقافي الناشئ بفعل صيرورة التجربة التاريخية يؤسس لشرعية جديدة يشكل ذلك الخطاب أحد أبرز دعاماتها ،وبالتالي فقد نجزم بأن كلا الخطابين سواء الاسلامي السياسي التقليدي، والخطاب القومي الاشتراكي الاجتماعي سيكون بمنأى عن ديمومة التطورات وقوانينها .
واشار الى ان هذا ما يفسر لنا رفض الشارع المحلي السوري على الاقل للأجندة الاسلامية السياسية التقليدية بعموميات خطابها التقليدي ، والاجندة القومية الاشتراكية الاجتماعية بكلياتها النظرية والفلسفية .
وخلص الى انه من هنا تبرز الاشكالية في قراءة خطاب التجمع الوطني الديمقراطي على خلفية حالة الحراك السياسي الاجتماعي من جانب والرقاد السياسي والثقافي للتجمع من جانب آخر ما قد يبرر رفضه لمنهج التطور وبالتالي لآليات التغيير ومنطق العصر في التحول والانتقال الى الشرعية الجديدة ( الشرعية الدستورية ) بعد أن كان هذا التجمع خصوصاً بأحزابه الناصرية يقتات على النسخ الجامد للتجربة الانقلابية بشعاراتها الثورية المهترئة ، والتي كانت تمثل له شرعية بناء واستقرار ، وأيضاً هذا ما يفسر لنا موقف التجمع من نظام البعث العراقي الذي يقوده صدام حسين بموروثه الخطابي الذي أجهض أي أمل بالوحدة لا الاندماجية منها ولا الطبيعية .
وراى انه ليس من حق أحد أن يدعي بإنه جسد المعارضة أو أحشاؤها ،وإذا كان التجمع يعني ما يقوله في وسط تلك الضبابية السياسية التي خلقها النظام السوري فإن القوى الليبرالية الوطنية تمثل رأس المعارضة ، ولا جسد من دون رأس ، واضاف أما من كان يراهن على مشروعية الحدث وتقلباته ، ومناورات بعض الاطراف التي تتقمص شعارات لغوية باهتة ، فإن من حق البعض أن يعمدوا على اجتراح عوامل الممكن في وسط تهويمات وادعاءات البعض غير القادر على تحديد موقعه أو إثبات هويته ،وإن كنا لا نشكك بنوايا أحد مطلقاً إلا أننا نقصد من ذلك أن على المنظمات الحقوقية واللجان المدنية أن تكرس دورها الثقافي والحراكي باتجاه العمل المنظمي المدني ، وليس السياسي ، فسياسة خلط الاوراق والتوظيفات الفكرية للبنى المسبقة الصنع وإسقاطاتها الجدلية لن تأتي إلا بظلال قاتمة تنعكس على مستقبل القوى السياسية والمدنية في آن واحد معاً، وبذلك فإننا نؤكد رغبة بعض الاطراف في الرقص على الحبال ولعب دور مزدوج خشية الافلاس من محددات العمل النهائي وهوياته العامة .
وشدد رئيس حزب النهضة على أن النظام السوري يهدف الى إضعاف المعارضة ، وبالتالي الى تفكيك بنيتها الاجتماعية، وامكاناتها الحقيقية حتى تصبح عاجزة عن تحقيق سقف موضوعي لخطابها السياسي، وهذا ما وقع به التجمع الوطني الديمقراطي السوري وعليه فإن نظرة موضوعية الى الخطاب الجديد الذي تبناه لغة ومنهجاً حزب الشعب الديمقراطي السوري يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك مرحلة انتقالية في عمر التجمع تقف عند حدودها حالة طلاق سياسي وتنظيمي مع التجمع ،وبالتالي العودة الى نقطة الصفر سياسياً لاستئناف المشروع الوطني الجديد المؤسس لظاهرة صحية في مستقبل الحراك السياسي ، وأيضاً التأكيد على ضعف روح المسؤولية التنظيمية والقيادية في التجمع بما قد يفرغ مشروع التجمع الوطني الديمقراطي من مضمونه العام .
وامل أن يعرف الجميع "حقيقة رفضنا لاي ثقافة احتكارية سواء في السياسة أو في غيرها من مضامين إنسانية ، سواء من النظام أو من المعارضة ، وأن لا تبنى الظواهر الصحية على جهد فردي فسرعان ما تتحول الى طارئ زائل ، بل على جهد جماعي متكامل وذلك خيراً وأبقى" .
واهاب المسلط بقوى المعارضة السورية أن تحتكم الى شفافية الخطاب الثقافي المحدد دون الخوض في تفصيلات وتفرعات أخرى من شأنها أن تقض مضجع العمل السياسي وتقوض مشروعه الوطني وقال " إننا لا نألو جهداً للعمل على إيجاد الارضية المشتركة لجميع القوى الوطنية وأننا حزمنا أمرنا باتجاه دفع المشروع الوطني الديمقراطي الى تسوية جديدة من العمل المنظم وبالتنسيق مع القوى التي ترى بأن الشمولية باتت سمة رئيسة لبعض قوى المعارضة التقليدية ، تلك القوى التي تعي خطورة المرحلة سياسياً وإجتماعياً وثقافياً في ظل تداعيات أشبه ما تكون بدوامة افتقار للخط والرؤية وغياب آفق التنسيق ووحدة الموقف المعارض، كما نهيب بالقوى الناشئة من رحم الفكر الديمقراطي الحقيقي أن تعمل على إسقاط مشروعية المعارضة التقليدية الرثّة وبرنامجها العام والذي لا يحمل إلا رمادا أسود من عهد النكسات القومية والتضليل الديماغوجي "، واكد لجمهور الشباب ان "الالتفاف على مشروع وطني ديمقراطي شاب إنما يقود الى مرتسمات جديدة وتجليات واضحة في مسار العملية السياسية في سورية ،بحيث يعيد بها بناء توازنات القوى السياسية بما يخدم سبيل التحول الديمقراطي، وإننا نرى أنه من واجبنا التحذير من تلك القوى التي تعتبر نفسها جسد المعارضة السورية بأنها قوى تعمد للالتفاف على أي مشروع وطني حقيقي يكفل التقدم والتطور والازدهار وبناء الذات الجديدة في سورية على قاعدة ثقافة المواطنة وعلى الاحساس بالمسؤولية الجماعية وروح التكافل والتعاضد والتضامن الوطني والشعور بقيمة الوطن من خلال قيمة المواطن ، فلا وطن قوي من دون مواطن قوي" .
واعتبر المسلط ان ما يطرحه برنامج التجمع الوطني الديمقراطي ينم عن ضعف في الرؤية السياسية لديه، وافتقار لأبسط أسس واساليب المنهجية في الآداء السياسي والممارسة المشحونة ( بكومة ) من التهكمات وعوامل الاستفزاز للقوى الاخرى، مما يعني أن الترهل الفكري والسياسي بدا جلياً على مفاصل عمل التجمع فكراً وممارسة، على الرغم من أن هناك قوى لليسار الديمقراطي داخل التجمع لا زال لديها الكثير لتقدمه إلا أنها تشعر بحالة من التضييق يهدف الى تعطيل أدائها السياسي والفكري بحيث تصبح بعيدة عن صنع الخيار نهجاً وعملاً على الرغم من أن المنظومة التي تتحرك وفقها منظومة موحدة .
وتابع أن حالة الاستلاب الارادوي المرتهن للنظام من جانب بعض قوى المعارضة يدلل على أن هناك شيئا من العطالة السياسية في أبستمولوجية الخطاب الثقافي – السياسي غير الفاعل، وهذه الاشكالية هي جزء في لعبة إضعاف المعارضة وارتهانها ،بحيث أصبحت بعض القوى التقليدية والحديثة وكأنها منبر فكري للنظام نفسه ، على أمل أن لا يكون التجمع الوطني الديمقراطي قد مارس الخداع والتضليل طوال هذا الوقت واللعب على الادوار في طرحه لنفسه على أنه يمثل تيار المعارضة الكلاسيكية ، وأن لا يكون واحدا من تلك القوى .
وكان التجمع الوطني الديمقراطي المؤلف من خمسة احزاب معارضة محظورة داخل سورية وحركة الاخوان المسلمين والمنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية قد اعتذرت عن تلبية الدعوة لحضور المؤتمر.