يزور نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي سورية مطلع الشهر المقبل، في إطار جولة عربية وبناء على دعوة من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في ظل اتصالات حثيثة بين دمشق وبغداد لمتابعة تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في المجالات الاقتصادية والسياسية والامنية اثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى دمشق ولقاءاته بالمسؤولين السوريين ، وستكون الخطوة الاولى ربط حقل غاز عكاس قرب الحدود بشبكة الغاز السورية، وصولا الى محطة كهرباء دير علي قرب دمشق، على ان يعمل خبراء على ترميم القسم المدمر من انبوب نفط كركوك - بانياس لضخ 200 الف برميل يومياً.
كما تم خلال الزيارة الإتفاق على "اعادة احياء وتفعيل دور اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء وتشكيل لجنة متابعة ولجان فنية و وضع حجر الاساس لتوسيع التبادل التجاري والسلعي، وربط شبكة الغاز العراقية بشبكة الغاز الاقليمية التي تمتد من مصر الى تركيا، واعادة تشغيل انبوب النفط بين كركوك وبانياس بعد تأهيله في الأراضي العراقية، وبناء خزانات على جانبي الحدود لتبادل المشتقات النفطية بين البلدين، والبحث في تأمين عبور البضائع من الموانئ السورية الى العراق، وتبادل التعاون في بناء السدود وعقد اجتماع سوري - تركي - عراقي لبحث التعاون وحل الاشكاليات المائية ".
المالكي قال إن زيارته لدمشق "فتحت صفحة في العلاقات بين دمشق وبغداد بعدما تعرضت في السابق للاهتزاز في ظل النظام السابق "مشيراً ان "الاقتصاد هو المحرك الاساس لكل العمليات الاخرى. لكن تنمية الاقتصاد تواجه تحديات بسبب غياب الامن والارهاب، واكدنا على ضرورة التعاون في مجال الامن ومكافحة الارهاب بجهد مشترك".
وان رأت دمشق في زيارة المالكي زيارة مهمة جدا سواء بقي المالكي في منصبه او رحل فكيف يراها السوريون وكيف يرون مستقبل العلاقات المشتركة؟ وكيف ينظرون الى زيارة المالكي الى سوريا وما اسبابها وماذا لدى المالكي ليقدمه لسوريا .. انه من الواضح ان الاراء متناقضة في ظل التصريحات النارية التي كان يطلقها المسؤولون العراقيون ضد سوريا وفي ظل الشعور المتراكم ان في العراق حكومة اسس لها الاحتلال الاميركي رغم كونها منتخبة ، والامر يحتاج لوقت من مرحلة بناء الثقة بعد سنوات من القطيعة بين البلدين:
هيثم عباس (صحفي) قال برأيي أن الحكومة العراقية اقتنعت أن الأمن والاستقرار لن يتحقق إلا بمساعدة دول الجوار وخصوصاً سوريا وإيران ودور سوريا منذ اللحظة الأولى لاحتلال العراق عام 2003 كان واضحاً، ودائماً كان رأيها إنهاء الاحتلال والتأكيد على صياغة وحدته واستقلاله رغم الإغراءات (القذرة) والتي حاولت الحكومة الأميركية أن تقدمها إلى سوريا مقابل ضمان سكوت أو ضمان تأييدها للاحتلال في حين أن معظم دول المنطقة ممن يطلقون عليهم اسم (دولة معتدلة) انسجمت وانخرطت داخل المخطط الأميركي في احتلال دولة شقيقة متناسين أن الدور الآتي عليهم، أيضاً سوريا فعلت ما لم تفعله أي دولة عربية أخرى من خلال استقبالها أعداد كبيرة من اللاجئين وسمحت لهم بالانخراط داخل المجتمع السوري المثقل الكاهل بالأصل، وكان لهذا الاستقبال نتائج سيئة على الاقتصاد السوري ومعيشة المواطن السوري، ورغم كل الضغوطات الأميركية بقي موقف سوريا ثابت تجاه احتلال العراق ولم تهتم بهذه الضغوطات .
واعتبر الصحافي السوري ان المالكي اليوم يعي أهمية الدور السوري في تحقيق الأمن في هذا البلد المنهار بعد فشل خطة زيادة القوات الأميركية لتحقيق الأمن والقضاء على التمرد، وبعد فشل المصالحة الوطنية العراقية كون مساعي التسوية والمصالحة الوطنية الداخلية لم تنجح بسبب تضارب مصالح كل طرف وبسبب الخلاف على وجود الاحتلال وعدم وجوده أيضاً هناك قضية مهمة وهي تركيز الأكراد وسعيهم للإنفراد بالسلطة والنفط في شمال العراق تمهيداً للانفصال النهائي عن العراق وتكوين دولة كردية وأهم وأخطر جانب في القضية هو الدور الأميركي – الإسرائيلي الخفي، والذي يهدف إلى إفشال أي محاولة جادة من شأنها أن تؤدي إلى التسوية والمصالحة الوطنية، لإذكاء الفتن وإشعال الفوضى وزيادة العنف، وهو مبرر لأميركا أمام العالم لإطالة فترة الاحتلال ومن خلال تصريحات بوش ورد المالكي مؤخراُ عليها نرى أن المالكي فقد الثقة بأن الاحتلال هو الحل الأمثل للمشاكل الأمنية في العراق، وأدرك أن الوحدة الوطنية ودول الجوار هم الحل الوحيد لهذه المشكلة، لكن على الرغم من ذلك ما زال المالكي يخضع للضغوط الأميركية ويحسب لها ألف حساب، تأمل الكثير من هذه الزيارة كون أمن العراق هو أمن سوريا، واقتصاد العراق يدعم الاقتصاد السوري مع وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين.
نادر (محامي) اعتبر اننا لا نستطيع أن نتكهن بمستقبل العلاقة بين سوريا والعراق إلا بعد مضي فترة زمنية على زيارة المالكي لأنه في عام 2006 أعلنت سوريا والعراق أنهما ستستعيدان العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع ربع قرن وبعد افتتاح السفارتين في كلا البلدين زار الرئيس جلال طالباني سوريا وكنا نتوسم خيراً هذه الزيارة، وغير الاتفاق على المسائل الأمنية وقعوا عدد من الاتفاقيات في المجال الاقتصادي والنفطي والمالي، ومع ذلك لم ينفذ شيء ولم نر على أرض الواقع شيء بل ما زالوا يتهمون سوريا أنها المصدرة للإرهاب إلى العراق وأنها لا تضبط حدودها مع أن سوريا تحدثت أكثر من مرة أن الحدود ليست مسؤوليتها وحدها بل مسؤولية مشتركة وعند قدوم المالكي أيضاً طرح مواضيع عديدة أهمها إصراره على ضبط الحدود وسماها (مسائل أمنية) وهذه ليست إلا توصيات أمريكية تصر فيها على اتهام سوريا بالتقصير، واضاف نادر ان ممن ما جاء به أيضاً نوري المالكي تسليم السياسيين العراقيين من مناصري صدام حسين المتواجدين في سوريا، متناسياً أنه كان لاجئ سياسي في سوريا زمن العهد السابق ورفضت سوريا تسليمه حينها ضمن احترامها للمواثيق الدولية.
واشار الى ان المالكي تكلم في كل شيء ونسي نقطة مهمة ونقطة رئيسة أو همشها عمداً وهي قضية اللاجئين العراقيين في سوريا لأن حكومته بالأصل لا تهتم لهؤلاء المهجرين ولا تريد ذلك ولا تقدر العبأ الواقع على كاهل الحكومة السورية ويمعنون في اتهامها أنها مصدرة للإرهاب، وحتى الآن ما زالت الأفواج تتقاطر ورغم كل هذا ينتقدون سوريا إذا أصدرت أي قانون يضبط دخول المهجرين أو يحد من دخولهم فتقوم الدنيا ولا تقعد ويبدأون بكيل الاتهامات لنا، وقال المحامي السوري "برأيي المالكي أتى صفر اليدين لأنه لا يملك شيء ليقدمه إلى سوريا ولا إلى لاجئي العراق في سوريا لأنه بالأساس لا يملك شيء سوى الإملاءات الأميركية ولا يتجرأ على تعدي الحدود التي رسمتها له أميركا وأشك أن ما حدث من تصريحات وتصريحات مضادة بين بوش والمالكي معدة مسبقة ولكسب تعاطف إيران وسوريا لأنه بمطلق الأحوال تدخل سوريا وإيران سيكون لمصلحة أميركا" .
ورأى انه "يبقى الشعب السوري والشعب العراقي مرتبطين بأواصر وقرابة لا تحكمها السياسة وأن فصلتها الحدود ولا يمكن بكل الأحوال أن ينفصل أمن سوريا عن أمن العراق ودمار العراق واحتلاله هو تهديد لسوريا ويدرك الجميع صحة ما قاله الرئيس بشار الأسد أن (سوريا ليست اللاعب الوحيد في العراق، لكنها لاعب رئيسي)".