ما زاد حنون في الاسلام خردلة .....
هل يمكن ان تكون تلك ردة فعلنا على خبر زيارة القذافي لاسرائيل ؟ فسواء كان الخبر صحيحا ام كذبا ، ام كان نشره وتكذيبه من باب جس النبض والتهيئة المعنوية السيكولوجية لتقبله ، فان تدحرج حبات العقد المنفرط قد بات من باب منطق الامور . بالامس باكستان ، وقبلها مصافحة سورية اسرائيلية ، وبعدها دعوة جلال الطالباني المستثمرين الاسرائيليين عبر شاشة تلفزيزنهم للمجيء الى العراق ، وبيان حرّاس الارز في لبنان الذي اراد المزايدة على الجميع باعلانه التبرؤ من العروبة واعتبار اسرائيل دولة صديقة ، واعلان كوفي عنان عن ان لبنان غير قادر حاليا على توقيع سلام مع اسرائيل طالما لم تسو قضية مزارع شبعا ، مما يعني طردا ان تسوية مسالة مزارع شبعا ، وذاك ما ليس بالامر الصعب ، ستؤهل البلد للتوقيع ، وتعطي الحكومة والمقاومة ذريعة للتراجع ، اوربما تنزع من يدها ذريعة عدم الامتثال للضغوط . لياتي من ثم اعلان العربية السعودية استعدادها للتعامل الاقتصادي مع اية دولة ، بدون استتثناء ، في حال انضمامها الى منظمة التجارة العالمية .
هذا الاعلان الذي ربما بدا للبعض اقل اهمية كونه يصب في الجانب الاقتصادي لا السياسي ن لكن ابسط العارفين بالمشروع الصهيوني يعرف ان مربط الفرس فيه هو التهويد الاقتصادي ، حيث لا يكون السياسي الا محصّلة الاقتصاد والثقافة . من هنا يكون للتدحرج الليبي اهميته المزدوجة ، فتلك بلاد ثرية وبلاد بكر على مستوى الاستثمار ، اضافة الى ما تكتسبه من خصوصية جيوبوليتيكية ، هي العربية الافريقية ، المشرقية المغاربية ، المتوسطية الصحراوية الخ ..... ويكون لحنون وزن يزيد عن الخردلة بكثير .
لكن ، هل سيستطيع احد ان يمنع ما تريد الحكومات العربية دفعه ثمنا لبقائها ؟
وهل ذاك الثمن الا نحن الشعوب المقهورة ، المسجونة في قفص حدائق الحيوانات العربية ، والمعروضة في سوق النخاسة؟ مقهورون فعلا نحن ، لكننا لسنا باية حال كما يراد لنا ان نكون، مغلوبين على امرنا، عاجزين عن المقاومة والرفض . وها هي التجارب الاكثر مرارة تقدم الدليل .من فلسطين الى العراق . لن نستطيع باية حال منع الانظمة العربية من ابرام عقود بيعنا ، لكننا ذلك كله لا يجبرنا على الامتثال لسوق الجواري بتعبير ابسط : لنترك الدلالين يفعلون ما يشاؤون ، ولتفعل الشعوب ما تشاء ، طالما ان الطلاق قائم ومستقر بين الطرفين .