لم يأخذ تدفق السلاح الفلسطيني الى لبنان قبل انسحاب الجيش السوري، هذا الاهتمام السياسي والاعلامي، اذ يتم ربطه من قبل بعض القوى الحزبية والسياسية بأحداث امنية وقعت، وقد تتوسع في المستقبل، تحت ذريعة ان المخيمات الفلسطينية هي بؤر امنية.
ويتم التركيز على سلاح منظمات فلسطينية حليفة لسوريا، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة برئاسة احمد جبريل و«فتح - الانتفاضة» برئاسة «ابو موسى»، للايحاء بأن المنظمات والفصائل الفلسطينية الاخرى، لا تسلك هذا المسلك، وتخالف تحرك التنظيمين الحليفين لدمشق.
هذا التشديد على «فلسطينيي سوريا»، هو نفسه ما حصل ويحصل مع «لبنانيي سوريا»، اي اللبنانيين الذين حكموا في لبنان بالتحالف مع سوريا، ويتم تحديدهم بكل من: حركة «أمل»، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب البعث العربي الاشتراكي، تنظيم «المردة» برئاسة سليمان فرنجية، الحزب الديموقراطي اللبناني برئاسة طلال ارسلان، النائب ميشال المر ونجله الياس، حزب الكتائب برئاسة كريم بقرادوني قبل ان ينتقل وبعد شهرين على الخروج السوري من لبنان الى خط الرئيس امين الجميّل، حزب الوعد الذي كان يرأسه ايلي حبيقه، والى قوى حزبية وسياسية اخرى لم تكن في السلطة، وحليفة لسوريا مثل «حزب الله» وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، «الجماعة الاسلامية» وآخرين من شخصيات سياسية.
وقد خرج من هذا التحالف العريض مع سوريا، كل من الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط و«تيار المستقبل» برئاسة رفيق الحريري، وسبب خروجهما كان التمديد لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود، الذي رفضه جنبلاط، ووافق عليه الحريري من دون قناعة.
والسلاح الفلسطيني يعود الى الواجهة من زاوية التأثير السوري عليه، في افتعال او القيام بعمليات امنية، كما يشير معارضون لبنانيون لسوريا، الذين يؤكدون ان النظام الامني اللبناني - السوري المشترك ما زال فاعلاً وقادراً على التخريب عبر شبكات موجودة في كل مفاصل الحياة في لبنان السياسية والحزبية والمصرفية والاعلامية، كما اعلن وزير الداخلية حسن السبع.
لكن المصادر الفلسطينية المعنية بالموضوع، ترفض الاتهامات، وتعتبرها باطلة ولا صحة لها عن انتقال السلاح الى لبنان والمخيمات.
فلو كان الفلسطينيون او التنظيمات الفلسطينية الحليفة لسوريا يريدون ادخال السلاح، لكان بامكانهم القيام بذلك منذ سنوات، ولكن القيادات الفلسطينية بجميع فصائلها التزمت بالامن والاستقرار في لبنان، وان المرحلة السابقة لن تتكرر او تعاد، والدليل انه منذ اتفاق الطائف وانهاء الحرب الاهلية، لم تحصل حوادث امنية، ولم يقم الفلسطينيون بأعمال مخلة بالامن وخارج القانون، لا سيما على مستوى التنظيمات الفلسطينية، واذا حصلت بعض الاحداث فكانت فردية، وكانت المنظمات والفصائل تستنكرها وتم تسليم اكثر من مطلوب للسلطة اللبنانية.
وتعتبر هذه المصادر، ان الحديث المتصاعد واليومي عن السلاح الفلسطيني، والتحقيقات الاعلامية حوله، انما يصب في اتجاه واحد وهو تنفيذ الشق المتعلق بسلاح المخيمات الفلسطينية وفق القرار 1559، وهذا هو السبب المباشر، حيث يراد تكبير وتضخيم دخول السلاح من سوريا، من اجل دفع السلطة اللبنانية للقيام بحملة تجريد المخيمات الفلسطينية من سلاحها تحت عنوان، ضبط الامن والغاء الجزر الامنية.
ولا تمانع الفصائل الفلسطينية من تسليم السلاح وهو فردي الى السلطة اللبنانية، عندما يصدر قرار دولي بتنفيذ القرار 194، الذي صدر في العام 1948 عن مجلس الامن والامم المتحدة، بحق العودة للفلسطينيين الذين نزحوا من ارضهم بسبب احتلال اسرائيل لارضهم وارتكاب عملية التهجير ضدهم، بعد ارتكاب سلسلة من المجازر بحقهم.
فلا توجد مشكلة بالسلاح الفلسطيني كما تقول المصادر، ولن يتحول الى مشكلة لبنانية داخلية، ويجب ان يقوم حوار مع المنظمات الفلسطينية والسلطة اللبنانية، لتأمين التنسيق والتعاون الامني وبسط الدولة لوجودها داخل المخيمات، ليس فقط على الصعيد الامني بل على كل الصعد الانمائية والاجتماعية والحياتية.