كما في لبنان كذلك في سوريا، فان الجميع بانتظار تقرير المحقق الدولي بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ديتليف ميليس، والنتائج التي ستظهر والتداعيات التي سترافقه.
فالكلام الذي قاله الرئيس الدكتور بشار الاسد على محطة «سي.ان.ان»، ترك ارتياحا شعبياً وسياسياً في سوريا، في التعاطي مع الملف على اساس قضائي، واذا تم اكتشاف تورط اي مواطن سوري في هذه الجريمة ومهما كان موقعه اومسؤوليته، فسيقدم للقضاء السوري او الدولي.
فالمسألة بالنسبة لسوريا، هي عدم تسييس التحقيق، وسبق ان ابلغ مسؤولون فيها مراجع عربية ودولية ولجنة التحقيق نفسها، وهذا يؤكد عدم اخضاع الجريمة للابتزاز والضغوط التي تمارس على سوريا، للنيل منها في مواقفها الوطنية والقومية، كما يؤكد قياديون سوريون هذا الامر، اذ هم يرفضون كل ما يحكى عن صفقات يجري تسويقها بين اميركا وسوريا، وهذا الامر لم يحصل ولن يحصل.
فموضوع الصفقة التي كثر الحديث عنها في الفترة الاخيرة، ليست واردة ابدا، لان سوريا ترفض ان تقدم تنازلات تمس ثوابتها الوطنية والقومية.
وهي لو فعلت ذلك، فان الثمن الذي ستدفعه سيكون اكبر بكثير، لو ان اميركا قررت تنفيذ خيارها العسكري، كما يقول قياديون سوريون، اجمعوا على ان دمشق عندما كانت تقوم بحوار مع اميركا، لم يكن اطلاقاً من اجل ان تملي شروطها علينا، والكل يذكر محطات اساسية، رفضت فيها سوريا الشروط الاميركية، وتاريخها في مواجهة المخططات والمشاريع الاميركية في المنطقة تعود الى عقود، ولم ترضخ لها.
فلو قبلت سوريا بتجريد المقاومة في لبنان من سلاحها، لكان وجودها العسكري ما زال حتى هذه اللحظة، يشير القياديون السوريون، لكن الرئيس بشار الاسد، لم يقبل اطلاقاً، فازدادت الضغوط عليه، كما لو انه ذهب مع الاميركيين الى مواجهة مع المقاومة في العراق، لكان جيشه انتشر في كل لبنان، ولو طرد الفلسطينيون الرافضون لاتفاق اوسلو والمناهضون لمشروع تصفية الانتفاضة الفلسطينية، لكانت سوريا الدولة الاقليمية الاولى المعتمدة من اميركا، لكنها لم تقبل التفريط بالحقوق، فتدفع ثمن ممانعتها.
ففي الثمانينات، اجتاحت اسرائيل لبنان، وجاءت القوات المتعددة الجنسيات، وخرج الجيش السوري من بيروت ومناطق اخرى، لكن بعد سنتين على الغزو الاسرائيلي، سقط اتفاق 17 ايار في العام 1984، وكل افرازات الاحتلال في السلطة آنذاك، وتقدم المشروع السوري لتوحيد لبنان وتحريره من الاحتلال الاسرائيلي وانتصر على المشروع الاسرائيلي، وان ما نشهده اليوم هو اجتياح اميركي او بدل عن ضائع عن اسرائيل، ولكن هذه المرة في السياسة وتحت عناوين الديمقراطية والسيادة والاستقلال والقرار الحر، وبعد ذلك سيكون اللبنانيون امام استحقاقات خطيرة، ومنها سلاح المقاومة وتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل، فهل هذا يحمي لبنان ووحدته ومقاومته؟