«ثمة جوادان: الجمالي والسياسي. يبقى... كيف نمتطي، في الكتابة، الجوادين معاً».
صدر واحد من اهم الاصدارات في سوريا اسمه «رواية اسمها سوريا» بإشراف الصحفي نبيل صالح. وهو بهذا الاصدار رُفّعَ, بجدارة, الى رتبة صاحب مشروع... ومنفذه!
الكتاب هو موسوعة€ رواية€ بورتريه€ لمئة شخصية سورية في مئة عام هو القرن العشرون. وفي توضيح العنوان: «مئة شخصية أسهمت في تشكيل وعي السوريين في القرن العشرين» وأسهم في اعداده اربعون كاتبا وصحفيا وأديبا ومؤرخا.
جاء في المقدمة بقلم نبيل صالح: «التاريخ هو حركة ذئاب في الزمن... حيث كان القائد البطل هو من يبطل قوة خصمه, فيأكل روحه ويضيفها الى قائمة الافتراس التي سيدونها التاريخ في رصيده المظفر» «التاريخ سيرة افراد صنعوا ايامنا» «في قاسيون انزل الرب اول ابطال رواياته» بعد ان رست سفينة نوح هناك «قابيل وهابيل آدم وحواء».
لا اعرف كيف يكون الكتاب الذي يخص السوريين درجة اولى اهتماماً: والعرب درجة فضولية اخرى معرفة, افضل من الاستمتاع بقراءة سيرة شبه روائية لشخصيات صنعت, او اسهمت في صناعة نسيج ملون لسوريا القرن العشرين. تلك المتعة الفخورة والمثيرة للرغبة في تركيب القطع المتناثرة من تاريخ بلد مهم مثل سوريا, في احقاب درامية تمر بالعثمانيين والفرنسيين والاستقلال, وصولا الى اكثر الانقلابات الدراماتيكية ثباتا وهو البعث منذ خمس وأربعين عاما.
تلك المتعة الجاذبة لأسئلة في علم التاريخ وعلم الاجتماع, وعلم المدن... الى آخره... اسئلة منها: كيف لدينا كل هذا التنوع, كل هذه الابداعات, كل هذه البطولات, والانتباهات والشقاء المعرفي... ومع ذلك نصل الى كل ما نحن فيه؟! اسئلة اخرى قد يكون الجواب عنها بسيطا وهو ان التاريخ دوّار. وليس خطاطا يرسم سكة للقطار وأرصفة للعبور. وحركته لولبية وليست مستقيمة. وتراكمه بالقرون وليس بالسنين. ولهذا فمنجزه تراكمي بطيء. وفي كسل يوصل البشر الى مصائرهم.
هذا الكتاب الرواية مدوّنة عاطفية ووثائقية اسهم فيها من يكنون نوعا من الحب والنزاهة والرحمة للشخصيات في اقوالها وأفعالها. في خيرها وشرها. في صعودها المرموق وسقوطها المدوي. قد يكون الغبار ورائحة الماضي رشّ على الصوت الآتي من البعيد القصيّ بعض الاغضاء الحنون, والاغماض الغافر, والسكينة الساكتة.
هذا الكتاب يشبه الدخول الى متحف كلام, والجلوس في حضرة ماض تلفّع بجلال هادئ, ومسامحة عائلية, بعد عراك مع الدنيا, في اتجاهات المصائر المتحوّلة.
هذا الكتاب يقرأ من الاول, من المنتصف, من الآخر... كيفما فتحت صفحاته تجد من يقول لك شيئا لا تعرفه.
ولقد جمع الجمالي والسياسي وامتطى الجوادين معاً!!