تتهافت فكرة الغزو الثقافي في تطبيقاتها الى فكرة تقليد الغرب والتشبه به ـ التراثوية المعهودة ـ ولكنها تطفو دوما كجرس يدعي الانذار من هذا الغزو
تتهافت فكرة الغزو الثقافي في تطبيقاتها الى فكرة تقليد الغرب والتشبه به ـ التراثوية المعهودة ـ ولكنها تطفو دوما كجرس يدعي الانذار من هذا الغزو الذي لا نعرف نحن المواطنون العاديون اولا له من آخر ولا نعرف كيف ولا لماذا ولا من أين ولا ما الحل الا الرفض والحرد عن كل ما نشك به انه غزو ثقافي ، ليصبح الغزو الثقافي بعبعا لا نلق له حلا عمليا الا بالشتيمة او الاتهام بالتشبه بالغرب لنتقوقع تراثيا خلف منظومات من المعلومات الاحتمالية بما يشبه المتراس المصنوع على عجل .
هل علينا الاعتراف ان الغزو الثقافي موجود ويجب اتخاذ الاجراءات الشعبية في حقه ؟ وهل غزو الثقافة جيد ام سيىء ؟ وهل هو مخطط ومرسوم للايقاع بنا في هاوية الجهل والتجهيل ؟ أو ربما للاعتداء على ثقافتنا وتحطيمها بسبب الحقد والحنق ؟
كل هذه الاسئلة الآنفة تحتاج الى اساس عقلي كي تطرح ولكي نستطيع التعامل معها والا اصبحت اسئلة غير ثقافية لأنها وببساطة غير عقلانية ، فيها الكثير من التهويم والبعد عن الواقع وتهويل الخطر. فالثقافة تندفع الى اماكن الفراغ الثقافي بقوة الاسالة ، أي انها تجيب على الاسئلة البشرية في كل زمان ومكان دون الحاجة الى استدعائها ، فأستعمال السيارة يفترض وجود ثقافة المرور التي لا ينفع معها أي استدعاء للثقافة خصوصية طالما لم يتم اختراع أو انتاج وسائل النقل الميكانيكية ( طبعا مثلا ) وكذا الكومبيوتر والانترنت و الخ وخصوصا اذا اعتقدنا أن أي منتج هو منتج اجتماعي نتج عن تضافر العلوم والمعرفة مع تقبل المجتمع لها وموافقته على انتاجها والانضواء تحت تأثيراتها الايجابية والسلبية ، والان ليقل لي أحدهم من أصحاب فكرة الغزو الثقافي اين هو الغزو ؟
ان التفكير في غير المفكر به ( الابداع والاختراع ) وانتقاله ليملأ الفراغ الثقافي بقوة ابداعه الذاتية ليس غزوا ثقافيا ( طبعا الا ذا حصرنا الغزو الثقافي بمسارات سياسية او حربية يفترض التعاطف معها )ـ والا كان الجهل هو ما يمكن الغزو به ( وهنا نستعيد ربط كلمة الغزو التراثية مع كلمة الثقافة الحداثية ) ، لنقول يا ريت ان يكون هناك ( غزو ) ثقافي ،فالثقافة فعل انساني مفيد ومنقذ .
أما ربط الثقافة بالافعال الاعتدائية التي تقوم به الامم القوية على الامم الاضعف وجعلهما من مقام واحد ومن مؤامرة واحدة فهذا ما يعيدنا الى نقطة نكون فيها غير قادرين على معرفة الاسود من الابيض ..فكيف لنا ان نفرق بين الثقافي والاعتدائي .
اليوم يواجه العالم كله سيلان الثقافة الاميركية ، وكل العالم يقاومها بالتحدي الثقافي المتمثل بالانتاج الثقافي المقابل وليس النكوص والتمترس وراء ادعاءات ثقافية ماضية واحتمالية ،ناتجة عن الخوف من الثقافة ذاتها أو من الاعتراف بمكانتنا الثقافية الحاضرة ، والتي لا يمكن وصفها بالمهزومة او المتخلفة اذا كانت لدينا النية الحقيقية بالتحدي الذي يأخذ شكل المشاركة في صناعة ثقافة العالم الذي يتجه الى ترفيع الخصوصيات الى مستوى العالميات ليتشارك فيها اهل الارض ...هل نحتاج الى امثلة ؟؟؟؟
لا خوف من الثقافة مهما كانت ... ولكن الخوف يجب ان يكون من غيتو ثقافي كبير نبنيه لأنفسنا دون ان ندري ... وكيف ندري اذا كنا خائفين من الثقافة نفسها ونصورها على شكل غزو .......!