الكاتب : نجيب نصير
هل ستتحول المادة الثامنة من الدستور إلى عقدة سياسية، أو بالأحرى الى عقدة ثقافية؟ ربما ولكنها لا يمكن لها أن تكون عقدة دستورية، فالدستور يحمل في طياته آليات تعديله من الناحية التقنية، كما يحمل نوايا تعديله من الناحية الارتقائية... وعليه.. فالتداول السياسي لمواد أي دستور في الدنيا تخضع (لمهارة) ممارسيه السياسية، كما تخضع لجدوى الحوار التنافسي بين الحكومة والمعارضة، فالكل مواطنون ووطنيون لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بعدم التقصير في ممارسة الواجبات، لذا لا نبدو أمام معضلة دستورية، بقدر ما نحن أمام استقرار ثقافي لم يلحظ بعد التناقض الدستوري الناتج عن التغير في المعطيات الاجتماعية والسياسية والمعرفية عبر الزمن، فطالما أن المواطنين متساوون أمام الدستور والقانون مهما كانت انتماءاتهم السياسية، كمقدمة عقلانية ينتج عنها نتائج عقلانية، فمن المنطقي إزالة أي استثناء لهذه القاعدة الحقوقية، خصوصا أن الشرعية الأساسية لهذا الدستور قد أتت من الاستفتاء الشعبي المباشر، وبالتالي يمكن تسوية هذا الاستثناء (التناقض) باستفتاء آخر، فالعقدة ليست في طريقة إزالة الاستثناء بل المشكلة بالنظر اليه كحالة طبيعية أو عادية، وعندها لن يفلح أي اقتراح لإزالة الاستعصاء أو اقتراح طريقة لإزالته ما دام سيخضع لذات (المهارات) السياسية.
ربما أحتوى الدستور على تناقضات حقوقية أخرى نتيجة لنفس السبب أي الاختلاف الزمني، ولكن التركيز يتم على المادة الثامنة لما لها من وقع سياسي مختلف، ومع هذا لا يمكن التركيز على حلول إدارية أو بيروقراطية، بل يجب إعمال العقل خصوصا إذا اعتبرنا الدولة هي الحاضنة لكل أداء اجتماعي والسياسة هي جزء منه، وليس للسياسة وحدها سلطة على هذا الأداء، إلا إذا سلمنا بالمسؤولية الكاملة عن كل خطأ أو صواب، حيث يمكننا وببساطة الوصول الى انسداد آخر في حال عدم المراجعة العقلانية المستدامة لمفاعيل الدستور عبر استخدام (المهارات) السياسية الأنفة.
وجد الدستور من أجل تسهيل التعامل بمفاعيل العقد الاجتماعي التي تجعل الناس تسلم أخلاقيا للدولة مستقبل المجتمع بتوليها مسألة التنمية، والتنمية تعني فيما تعني:عدم الاستقرار على حال، فالمستقبل حاجاته مختلفة.