هكذا حدد العماد ميشال سليمان شهداء الجيش اللبناني ، في رسالة بليغة الى مخططي الفرقة والانقسام والمراهنين على الحس الطائفي بين اللبنانيين . مضيفا ان الجيش افتدى الوحدة الوطنية وقدم نموذجا جديدا لها . في الوقت نفسه اعتبر قائد الجيش ان هذا الانتصار الوطني ضد الإرهاب الدولي ، إنما هو أيضاً انتصار للقضية الفلسطينية ، على الرغم من تستر البعض زوراً وبهتاناً بعباءة فلسطين أو الإسلام ، داعيا الفلسطينيين المقيمين في لبنان ، الى أن يعتبروا الجيش اللبناني ، حاملاً لأمانة قضيتهم ولا سيما حق العودة الى ارضهم فلسطين وإسقاط كل مخططات التوطين . بهذا رسم الرجل الذي يقود المؤسسة الوحيدة التي مازال جميع اللبنانيين يعترفون بشرعيتها ويلتفون حولها العناوين التي فصلها ضباط قيادته في المؤتمر الصحافي الذي عقدوه يوم امس . فقد رفض هؤلاء الضباط الخارجون من غبار المعارك ، اي سؤال صحافي حاول الدس بين الفلسطينيين واللبنانيين ، منظمات وجيشا ، مواطنين ومقيمين ، ورفعوا كليا مسؤولية الفلسطينيين عن جماعة شاكر العبسي ، التي اكدوا من جديد وباصرار انتماءها لتنظيم القاعدة ، كذلك دحض الضباط محاولات الدس على سوريا ، سواء عن طريق ادعاء علاقة فتح الاسلام بالمخابرات السورية ، الذي دحضوه بالقطع ، او عن طريق دخول العناصر عن طريق الحدود السورية حيث اوضحوا ان هؤلاء دخلوا عن طريق المطار ونقاط الحدود الرسمية او عن طريق التهريب ، او عن طريق الامدادات بالاسلحة والذخيرة حيث اوضح اللواء مدير القيادة ، ان دعم الجيش السوري للجيش اللبناني خلال معارك البارد كان امتدادا لاتفاقية معقودة بين الجيشين منذ ما قبل الخروج السوري من لبنان وما تزال سارية وموضع تنفيذ واحترام من الطرفين . واذا ما ربطنا هذا الاعلان بما كشف عنه الضباط من كون الحكومة اللبنانية لم تفرج الا عن اربعة عشر مليون دولار من اصل خمسين مليونا مقررة لتسليح الجيش ، رغم مطالبة وزير الدفاع المتكررة ، ومن ان الدول الاخرى التي وجه لها هذا الوزير الشكر باسم حكومته ، متجاهلا سوريا قد قدمت مساعدات محدودة خلال معركة البارد فقط . واذا ما قارنا هذه الحقائق بالخطاب الذي كان يتبناه اطراف 14 اذار خلال المواجهات ، وبما اصروا على سوقه من ادعاءات واتهامات ، وبقول وزير الدفاع في بداية كلمته في المؤتمر الصحافي نفسه ، بان الجيش كان يقاتل باللحم الحي ، وباستكمال الضباط ذلك بقولهم ان الجيش كان يطور اسلحته القديمة ويجددها ليغطي افتقاره الى السلاح والعتاد ، لادركنا ان الفريق الحكومي لم يكن معنيا خلال الازمة بعلاج اسبابها ، وبمساعدة الجيش على تجاوزها وانهائها لصالح خلاص لبنان وسلامه ووحدته ، بل كان معنيا بتلفيق الاتهامات لتغطية تورطه هو في القضية ، سواء في استقدام عصابة العبسي او في تمويلها . وليس حصول ذلك فور انتهاء حرب تموز ، بالانتصار الكبير الذي حققته المقاومة ، المتحالفة مع الجيش . مما يقودنا الى سؤال خطير : هل كان يراد لهذه العصابة ان تحقق ما عجزت اسرائيل عن تحقيقه ؟ هل كان يراد ان يتم تدمير لبنان : جيشه ومقاومته بتفجير داخلي بعد ان عجز العدوان الخارجي عن ذلك ؟ ان مجرد الشك في ذلك يكفي لان نفرح بالانتصار الجديد ، بمعنى انه ليس انتصارا على عصابة ارهابية ، وانما هو انتصار على مخططات تدمير البلد . مخططات لم تكن ممكنة لولا هذا الحس الطائفي المذهبي البغيض . هو نجاح في تفكيك قنبلة موقوتة مجهزة لتفجير الوضع وعرقنته ، وهو نجاح في تحقيق هدف ستراتيجي هو التمييز بين الارهاب والمقاومة ، ينسحب على كامل الارض العربية . لكنه ليس نجاحا نهائيا على اي صعيد من هذه لان قوى الشر لن تلقي سلاحها بهذه السهولة وهي اشبه بالنبت الشيطاني تقتلعه من مكان فيبرز في اخر .
أرشيف |