اربكني وأنا اقرأ مقالا عن غوغل ( google ) بقدر ما أفزعني هو أن لغوغل منتجات وسلع وأسواق ، يقطع المديرون ورجال المبيعات الاف الاميال لعرضها وتسويقها !!! ولكني لا ولم أعرف ما هي منتجات غوغل بالتحديد ، ما هي السلعة التي نذهب من اجلها الى دكان غوغل ثم نشتريها ونضعها في كيس ونذهب بها الى البيت أو الى أي مكان كي نستعملها او نستهلكها؟ فأنا و (نحن) نعرف السلعة ككائن مادي محسوس (براد ـ غسالة ـ مسحوق غسيل ـ معجون أسنان ـ مطري جلد أو غسيل ـ الخ) ولكني لم أعرف سلعة تنظر اليها وتختفي أو تقرأها وتنتهي أو تتعلم منها لتقفز الى معلومة أعلى أو ارقى !!! ترى ما هي السلع الجديدة من هذا النوع التي تعبر من فوق أو عبر حياتنا الأجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية؟ وهل يا ترى هناك من يعترف بها ويستخدمها استخداما عموميا؟ أم اذا عرضت للأستخدام بشكل عمومي هناك من يثق بجدواها وفائدتها ؟ وكم من الزمن مضى وهذه السلع السحرية تعرض في الاسواق وهل انتبه أحد وبشكل قصدي اليها؟
المشكلة أن هذه السلع تجب وتلغي ما قبلها من أدوات التحكم والسيطرة على الطبيعة من مسافات وزمن مما يطيل عمر الأنسان ويكثر من فرص سعادته ، فعمر الذي يركب الطائرة هو أطول حتما من عمر الذي يقطع المسافات مشيا أو على دابة، ما يحتم استخدام طريقة (سلعة) جديدة لقياس عمر الانسان هذه السلعة التي فرض تغييرا ثقافيا وأخلاقيا على ممارسة الحياة . اذا اين المشكلة؟
ربما كانت المشكلة في مقدرة مجتمعاتنا على التجريد والتشخيص ، فالسلعة قد تكون فكرية ولكننا لا نستطيع أن نقدر ان لها قيمة مادية مع أنها تؤدي نفس المهمات للسلعة المادية وغالبا ما تكون المهمة أغلى وأرقى وأعمق .
فالمشكلة الأولى مع الدولة ( فكرتها وتنظيراتها وارتقائها ) التي لم يستطع احد ( مجتمعي ولي كأختصاصي ) في عالمنا العربي تشخيصها أجتماعيا كأختراع محدث ومتطور لا يمكن للمثال المحسوس التعبير عنها كما في المثال التراثي المشخص الذي يقارب فكرة الدولة ولا يشبهها ، فالاختراع يجب ويلغي ما قبله ليتحول الى صياغة ثقافات وأخلاق جديدة تتناسب وقيم ترويض الطبيعة ، فاذا لم نستطع فهم الأختراع / السلعة باكرا أو تأخرنا في اللحاق به ثقافيا / أخلاقيا فأنه من المستبعد أن نصل الى انتصار على المستوى الأنساني في مجالات الحياة جميعها التي هي صراع مع الطبيعة .
قد تكون فكرة الدولة كمثال عمومية ومناسبة للحديث عن المجتمع ، ولكن التشخيص والتجريد يبقيان مشكلة اجتماعية على صعيد الافراد والشرائح والجماعات المكونة للمجتمع ، فالسلعة اما أن تكون ملموسة ( مثل الطب الجراحي او طب الاسنان ) واما تواجه الفشل النسبي ( كالطب النفسي والاستشارات الاجتماعية ) فالاول ملموس ويستحق الثمن والثاني محسوس يجب أن يكون مجانيا لأنه فائض عن الحاجة .
وبالعودة الى منتجات غوغل فالفزع الاساسي هو أن لا نكون من المجتمعات المستهلكة لهذه السلع لأننا وببساطة لم نستطع تشخيصها ... وانا شخصيا على الأقل كذلك .