كلما ابتعدت عن الحدث أدركت أن العلاقة التي تربطنا هي أكثر من كلام يمكن رسمه بحروف، أو تعليقه بين الفواصل والتنهيدات التي تتعبنا ونحن نلاحق التصريحات أو التعليقات، فهناك فهم واحد ربما يجعلني أري لبنان صورة معلقة على جدار غرفتي أراها كل نهار بزاوية مختلفة، فهي مثل الوميض الذي يلاحقني في لحظة "الكآبة" فيعيد رسم حلمي وكأنني أبحث عن حب جديد.
ولبنان أفهمه فيضا وليس "دبلوماسية" ترهق السامعين أو القادرين على متابعة الحدث، ففي كل لحظة هنا طاقة خفية تجعله أمام ناظري وكأنني أشهد "دراما" تكسر حاجز النمطية التي اعتدنا عليها في تفسير "العلاقات" أو "القراءات" أو الأحداث التي تمحو كل مساحات الحب التي جمعت عشاق الدنيا في بيروت ثم دفعتهم خارج "جنون" الحرب الأهلية، لكن هذا البلد بقي مسار دهشتنا وقلقنا وربما "حريتنا"، لأننا اسكناه في زاوية خاصة داخل الذاكرة، ثم جعلناه يكبر على مساحة جسدنا فضاق بنا أو ضقنا به!!!
لا أعرف وصفا أستطيع به تحميل حلمي من جديد إلى خارطة "مشروع الحرية" الذي كان يسكن شوارع بيروت، وعندما رحل عنها لم تعد مدن العالم تكفيني كي أتوقف لأتنفس إرث الانطلاق الذي كان يظهر في كل مساحة لبنان، فحتى لو جابهت الشتم يبقى جسدي يضاجع لحظات البريق في أعالي الأرز ويرتمي في لون "الضاحية الجنوبية، أو يقبل "الميناء" في طرابلس، ثم اكشف أن متعتي هي في "العشق" الذي خلقته صورة بقيت في الذاكرة منذ أن كنت أفكر بأن الحرية "لا وطن لها".
أعبث بالحروف ثم أكور الطريق الدولي بين لبنان ودمشق ليصبح "نطاقا" يرسمني أنثى لا تستطيع الهروب من الوميض، أو لا تقدر على أن تفكر في ا لحواجز التي تقوم بتعريتي وأنا في ثيابي، ولا أخجل... لأنني أفهم ان المسافات تقصر عندما نهرب من التمثيل السياسي وترسيم الحدود إلى فضاء العشق الذي جعلني أهوى التمرغ في مساحة الوطن لأنجب لوناً جديداً لجسدي، ولتفاصيل وجهي، وحتى للمتعة التي تجتاجني وأنا أفكر بأن "الحرية" ستجتاح جسدي وتتركنى على موعد جديد.
في لبنان أعرف أنني قادرة على رسم التناقض، وربما لا أحتاج لكل الرسوم السياسية، ولا لشعارات انتهكتني خلال السنوات الماضية لأن ما أحمله منها هو نشوة تجعلني قادرة على التجدد ألف مرة وممارسة الحب مع اللون القادم من الشرق.
أفهم لبنان كما أفهم نفسي أنثى قادرة على معانقة الجميع رغم الجروح التي رسمتها بلون التحدي.