ما حدث للدراما السورية هذا الموسم أنها أصبحت مزيجا من كل شيء، فهي ارتحلت بعيدا عن جغرافيتها لظروف موضوعية معروفة
هي مراقبة سريعة لأعمال درامية تعيد إنتاج الأزمة السورية، ويبدو من الصعب تقديم لمحة ابداعية خاصة فالدراما السورية وخلال عامين تقوم بالرصد وربما بالنقل دون القدرة على الانتقال إلى مسار مختلف رغم الحدث النوعي الذي تعيشه البلد، ففي رمضان يبدو "الحشد الدرامي" وكأنه خط مستمر يلاحظ الأزمة ويصفها، ويلتزم بنقل الوقائع ويقترب أحيانا من التوثيق، وفي النهاية ينقل "المعاناة" لكن كافة التفاصيل تبقى هامشا لا يرضي الرغبة في ظهور مختلف للدراما، وربما لا يقدم ما يمكن أن يجعل المشاهد يرى أبعد مما عايشه على امتداد سنوات الأزمة.
ما حدث للدراما السورية هذا الموسم أنها أصبحت مزيجا من كل شيء، فهي ارتحلت بعيدا عن جغرافيتها لظروف موضوعية معروفة للجميع، وهي امتزجت بمساحة أخرى أفقدتها اللمسة التي ميزتها عندما عاشت طفرتها الأولى قبل أكثر من عقدين، وفي المقابل ربما تجاوز الحدث ما هو متوقع بينما انشغل "الابداع" بتفنيد المواقف السياسية بدلا من نقلنا لنوعية التحول الذي يعيشه المجتمع، فـ"تحت سماء الوطن" كانت ملامح الحياة التي نقلها نجدت أنزور تصف التحول والانقسام ولكن إلى مساحة يمكن أن يلجأ المشاهد اليها ضمن تصوير يستعيد الوقائع عبر خطوط درامية وشخصيات تعاني مثل أي سوري عاش الأزمة؟!
هي "مشاهدات" انتقلت في أعمال أخرى لتجمع خيوطا إضافية للأزمة، لكنها بقيت ضمن سياق واحد يوحي بأن "هروب" الدراما السورية خارج جغرافيتها لم يعطها الكثير، بينما شكلت الأعمال التي بقيت في الداخل دراما بعضها استمر في إطار بعيد عن الأزمة، والبعض آخر قدم دراما تسير وفق الخط الزمني لتطور الحدث السوري.
يمكننا الانتظار قليلا حتى نعرف كيف ستسير الدراما السورية عبر الأيام التي يجرها رمضان هذا العام، لكن الأكيد هنا أننا أمام اعمال هي نتاج سكون ثقافي في مواجهة أزمة هي بحد ذاتها أثقل من ان تظهر ضمن دراما تلفزيونية، فكتاب السيناريو والمخرجون والممثلون يواجهون حدثا دون رؤيا، ومواقف سياسية تتراكم، وبعض العاملين في الدراما كان جزء منها، لكن كافة الموقف لم تقدم سياقا ثقافيا مختلفا يمكنه ان يطرح تصورا إبداعيا داخل العمال الدرامية.
ربما يبقى النظر الى عملية الاستمرار في الانتاج التي تؤشر على إصرار في مواكبة الأزمة، أو في تقديم أعمال فنية رغم كافة الظروف التي تعيشها سورية، فعندما تصبح الدراما، او معظمها، دراما الشتات فربما علينا تقبل كل ما تقدمه لأنها في النهاية ارتحلت إلى شرط زماني ومكاني مختلف.