ميكانوبوليس: تييري ميسان، أنتم في شبكة فولتير تراقبون عن كثب ومنذ عدة اشهر الوضع في سوريا، ما الذي يمكنكم ان تحدثونا عنه فيما يتعلق بآخر التطورات الميدانية على الساحة السورية؟
تييري ميسان: خلال عام من أزمتها، واجهت سوريا ما يمكن تسميته حربا “منخفضة الضغط”. حيث عمد الآلاف من المرتزقة المتمرسين في فنون القتال في كل من العراق وليبيا الى التدفق اليها من كل حدب وصوب في المنطقة. ولقد قام هؤلاء المرتزقة بتنفيذ عمليات تخريبية طالت البنى التحتية من مصادر الطاقة إلى الاتصالاتوغيرها. ولقد حاول المرتزقة هؤلاء المدججين بالأسلحة التي زودهم بها حلف شمال الاطلسي، حاولوا جاهدين، باشراف مدربين عسكريين من جنسيات غربية، بث الرعب والفوضى في سوريا عن طريق ارتكاب جرائم مدوية وأعمال عنف لا سابق لها. ولقد تزامنت تلك الجرائم مع حملة اعلامية قادتها وسائل اعلام غربية حاولت من خلالها اختلاق قصة مفادها ان هناك ثورة تتعرض للقمع في سوريا وهذا ما صدقه بسذاجة ودون ادنى تفكير المتابعين لوسائل الاعلام هذه وهذا ما يدعوللاعتقاد بأن السيناريوالذي جرى في تونس يعاد تكراره في كافة البلدان الناطقة باللغة العربية.
لا يوجد حتى هذه اللحظة حصيلة واقعية وواضحة للضحايا الذين سقطوا في سوريا. ان المصدر الوحيد المستقل الذي يتمتع بالمصداقية والذي يمكننا الرجوع أوالركون اليه فيما يتعلق بهذه المسالة هوبعثة المراقبة التابعة لجامعة الدول العربية. ان غالبية اعضاء هذه البعثة كانوا عبارة عن خبراء رفيعي المستوى ضباط ذو رتب عالية ودبلوماسيين من جنسيات مختلفة وقد استطاع هؤلاء التجوال بكل حرية في كافة أنحاء البلاد. وبحسب أعضاء هذه البعثة فانه لم يكن هناك ابدا اي نوع من انواع المظاهرات العارمة ضد النظام وبالتالي فانه لم يكن هناك اي نوع من انواع القمع للتظاهرات.
ولقد أكدت هذه البعثة بأن الجماعات المسلحة أوقعت العديد من الضحايا في صفوف المدنيين كما في صفوف القوى الامنية من الجيش والشرطة وهوما يتناقض مع مزاعم القوى الغربية ودول الخليج التي رفضت النتائج التي توصلت اليها تلك البعثة على الرغم من أن هذه القوى نفسها هي التي سعت الى تشكيل بعثة المراقبة هذه.
لقد وضعت الحرب المنخفضة الضغط التي تتعرض لها سوريا أوزارها مع الانسحاب الاميركي منها وهوالانسحاب الذي جاء بعد الفيتو المزدوج الروسي-الصيني وكذلك الامر بعد نشر انظمة دفاع جوي روسية في سوريا.
وجد حلف شمال الاطلسي نفسه مجبرا على التخلي عن مشروعه المتمثل بالقيام بعمليات قصف في الاراضي السورية ورأى انه لم يعد من المجدي أو لم يعد هناك سببا لمتابعة تنفيذ استراتيجيته التحضيرية على الأرض بهدف شن عملية عسكرية ضد سورية..من ناحيتهم عمد ما تبقى من المقاتلين أوالجماعات المسلحة الى التحصن في أحد أحياء حمص حيث قاموا بإعلان امارة اسلامية في بابا عمروقبل أن يلجئوا لتنظيم استعراض تلفزيوني حول ما يجري على الأرض هناك حاولوا من خلاله الايحاء بأن معقلهم يتعرض للقصف من قبل الجيش السوري وهوما لم يحصل أبدا ولم يكن هناك امكانية لكي يحصل على اعتبار أن سرية من الجيش السوري كانت عالقة داخل هذه الامارة الاسلامية.
في نهاية الأمر حصل اتفاق ما بين كلود غيان ( وزير الداخلية الفرنسي) والعماد آصف شوكت ينص على مغادرة المدربين العسكريين الفرنسيين لحي بابا عمروفي حين عمد أغلب عناصر المرتزقة الموجودين في هذا الحي الى تسليم أنفسهم.
وكما هوالحال دائما عندما تنتهي حرب ما يبقى هناك بعض الأفراد وفلول صغيرة معزولة تعمد، مدفوعة بروح الانتقام، الى ايذاء السكان.
على كل حال فان الامور تعود الى طبيعتها بشكل تدريجي حيث ستجري خلال بضعة أيام انتخابات تشريعية تعددية وهي الأولى من نوعها منذ نصف قرن ولقد أصبح بمقدور اعضاء الأحزاب السياسية الجديدة أن يتحدثوا عبر شاشات التلفزة وأن يقوموا بمناظرات سياسية على الملأ.
بالمحصلة يمكنني القول بأن سوريا ستخرج من هذه المحنة منهكة ولكنها سوف تكون أقوى من السابق.
حتى الآن باءت الجهود التي يبذلها حلف شمال الاطلسي بهدف اسقاط نظام الرئيس السوري بالفشل ومع ذلك يمكننا أن نتخيل بأن التحالف الغربي لن يتخلى عن مشاريعه التي تستهدف سورية. كيف ستتم برأيكم عملية زعزعة استقرار سورية في المستقبل؟
ان قيام الاتحاد الروسي بنشر احدث نظام دفاع جوي في العالم على الاراضي السورية وضع حدا لسيطرة لولايات المتحدة واسرائيل على أجواء الشرق الأوسط. واذا علمنا بأن قوة الجيش الأميركي تنبع من قدرته على تدمير الأهداف عن طريق الجوفلم تعد واشنطن تملك والحال هذه الوسائل الضرورية لتنفيذ سياساتها خاصةً وأن القوات البرية أظهرت عدم قدرتها على الامساك بالميدان.
ان الحضور الروسي في سورية لكثيف حيث يتواجد حالياً في هذا البلد ما يفوق 100 ألف من الرعايا الروس وهم بمعظمهم عبارة عن عسكريين مهمتهم الاشراف على معدات الدفاع الجوي التي نشرت في هذا البلد.
خلال السنوات القليلة الماضية، تمت الاطاحة بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة حيث لجأت واشنطن التي كانت قد عجزت عن شن حرب ضد لبنان في العام 2005 الى شن حرب عليه بالوكالة في العالم 2006 تلك الحرب التي انتهت بهزيمة نكراء لإسرائيل مقابل حزب الله. ومن ثم وجدت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون نفسها في عام 2011 مضطرة لإخلاء القواعد العملاقة التي شيدتها في العراق بهدف البقاء في هذا البلد لمدة قرن من الزمن.
لقد تراجع حلف شمال الأطلسي للتوعن خططه في سوريا ولم تعد مسألة مهاجمة ايران واردة في قاموسه.
على الرغم من أن الولايات المتحدة واسرائيل خسرتا فانَّ الخاسر الأكبر من هذه المعادلة الجديدة التي ترتسم على الأرض هي الأنظمة العربية المتصهينة وأشير على وجه الخصوص للأنظمة الديكتاتورية في كل من المملكة العربية السعودية وقطر فأنا لست متأكداً من أن هذين النظامين سيستطيعان البقاء مطولاً على قيد الحياة بعد الهزيمة التي لحقت بهما.
هل يمكنكم أن تشرحوا لنا في بضعة كلمات أين تكمن مصلحة حلف شمال الأطلسي في زعزعة استقرار سورية وما هوهدفه النهائي من ذلك؟
ان حلف شمال الاطلسي ليس حلفا دفاعيا إلا من حيث الاسم فقط. في الواقع، تشكل هذه المنظمة رديفاً للولايات المتحدة وهي تقوم على خدمة الطموحات الامبريالية لهذه الأخيرة. لقد تم اتخاذ قرار شن الهجوم على سورية خلال اجتماع عقد في كامب دفيد في 15 أيلول 2001 وذلك مباشرةً بعد الاعتداءات التي طالت نيويورك وواشنطن. لقد كان هذا القرار مدرجاً على لائحة تضم سبعة أهداف أخرى تنوي الولايات المتحدة مهاجمتها فبعد مهاجمة أفغانستان والعراق كان من المتوقع أن تتم مهاجمة ليبيا وسورية ومن ثم الصومال والسودان وفي النهاية تتم مهاجمة ايران.
بدأت التحضيرات لشن الحرب على سورية بعد سقوط بغداد ولقد تمثلت بالتصويت في 15 تشرين الأول 2003 على ما يسمى قانون محاسبة سورية وهوما استتبعه على الفور فرض عقوبات على سورية بحجة أن قوات حفظ السلام السورية المنتشرة في لبنان بهدف وضع حد للحرب الأهلية هناك تريد البقاء في هذا البلد للأبد.
قامت دمشق بسحب قواتها بحيث أصبحت بلاد الأرز مكشوفةً أمام العدوالاسرائيلي ولكن على الرغم من هذا الانسحاب فان العقوبات المفروضة على سورية ما تزال مستمرة. ولقد تم منذ ذلك الوقت فعل كل ما هوبالإمكان بهدف اثارة نزاع مع سورية. أود أن أذكركم على سبيل المثال بالطريقة التي تم فيها توجيه الاتهام للرئيس بشار الأسد بتدبير عمليات اغتيال مختلفة في لبنان ومن بينها اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ولقد تمَّ توجيه هذا الاتهام استناداً لشهادات زائفة ثبت بطلانها حالياً.
بهدف محاكمة الرئيس الأسد، عمدت الدول المنضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي وتلك المنضوية تحت لواء مجلس التعاون الخليجي الى تمويل انشاء محكمة استثنائية تشكل قواعدها انتهاكاً لأبسط مبادئ العدالة والقانون الدولي. وهَلُمَّ جرَّه.
يضم التحالف المعادي لسوريا بالأساس بين جنباته المكونات الأربعة التالية:
– الولايات المتحدة الأميركية التي تريد متابعة عملية اعادة هيكلة خارطة الشرق الأوسط بهدف انشاء (الشرق الأوسط الكبير.) ويتمثل هذا المشروع بضرورة تدمير الدول الكبيرة الموجودة تاريخياً في المنطقة واستبدالها بدول صغيرة غير متجانسة عرقياً بحيث يكون من السهل التلاعب بها. لدى الأميركيين النية لاقتطاع الجزء الشمالي الشرقي من سورية بهدف انشاء دولة كردستان والتي سوف تضم في جنباتها عناصر عراقية، تركية وحتى ايرانية. هم لديهم النية أيضاً لاقتطاع الساحل السوري بهدف دفع لبنان نحوالشمال بحيث يصبح هناك امكانية لمنح جزء من لبنان الحالي الى اسرائيل.
– من جهتها تسعى المستعمرة اليهودية الموجودة في فلسطين الى كسر محور المقاومة ومن أجل تحقيق هذا الهدف فانه لا بد بالنسبة لها من تغيير النظام والاطاحة بالرئيس بشار الأسد لصالح دمية اسمها برهان غليون والذي يملك برنامج سياسي وحيد وأوحد ألا وهوفك تحالف سورية مع كل من حزب الله وايران وذلك وفقاً لما عبَّرَ عنه شخصياً هذا الرجل خلال مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال.
– أما فيما يتعلق بالأنظمة الديكتاتورية الدينية الموجودة في دول الخليج فإنها بحاجة ماسة للقضاء على النموذج العلماني القائم في سوريا وهونموذج مختلف تماماً عمَّا نعرفه نحن، تحت نفس المسمى، في أوروبا وفي فرنسا على وجه الخصوص. انَّ العلمانية السورية لا تعني تعايشاً أوتسامحاً فيما بين طوائف دينية وهي لا تعني أيضاً غطاءً أوحجّةً يتم اللجوء اليها للتصرف بعنصرية كما هوالحال عليه الآن في أوروبا. انَّ العلمانية السورية تعني تعاوناً بين المؤمنين بهدف ضمان حرية كل فرد من أفراد المجتمع وحقه بالسموالروحاني عبر ممارسة دين أسلافه.
– في النهاية هناك الشركات المتعددة الجنسية التي تعنى بمصادر الطاقة والتي لديها أطماع بالغاز الموجود في المنطقة والذي تمَّ اكتشاف احتياطات ضخمة منه في قاع البحر الأبيض المتوسط وعلى اليابسة أيضاً. تتموضع حقول الغاز هذه في المنطقة الكائنة بين مصر وفلسطين المحتلة ولبنان وسوريا وتركيا وقبرص غير أنَّ مركزها يتواجد في منطقة قارة وهي منطقة غير بعيدة عن حمص. في واقع الأمر نحن بدأنا نشهد للتوأولى الحروب الكبيرة على الغاز والتي سترسي أسس قواعد جيو-سياسية مختلفة تماماً عن تلك المتعلقة بالحروب على النفط وهذا هوأيضاً السبب الذي نجد من أجله القوى الكبرى المنتجة للغاز كروسيا وايران وقطر منخرطة بشكل فعال في الصراع الدائر حالياً.
يهدف نيكولا ساركوزي وآلان جوبيه عبر توريط فرنسا في هذه المغامرة الى ارضاء كل من المكونات الاربعة للتحالف المذكور أعلاه خصوصاً وأنَّ باريس ليس لديها أيّة مصلحة مباشرة في الصراع الدائر حالياً.
لقد اعتقدت فرنسا بأنَّها تستطيع لعب دور في هذا الصراع على اعتبار أنها كانت تمثل قوة انتداب قديمة في المنطقة وأن تحصل مقابل دورها على المال غير أنَّ الأمل بتحقيق انتصار اصطدم بواقع الهزيمة وسوف يتفاجأ الفرنسيون من كونهم سوف يكونون مجبرين في المستقبل على دفع فاتورة جرائم ارتكبت باسمهم.
بعد مضي عدة أشهر على تدخل الناتوفي ليبيا، هل يمكنكم أن تضعونا في صورة ما آل اليه الوضع في هذا البلد ومن هوالطرف الذي يقوده؟
لا أحد يحكم ليبيا ولا أحد سيستطيع أن يقوم بذلك قبل مضي وقت طويل. لقد شرحت باسهاب بعد اغتيال معمر القذافي والذي قضى تحت التعذيب بعد يوم من مهاجمة موكبه من قبل الفرنسيين بأن غياب الزعيم شكل ابادةً لمفهوم الدولة في مجتمع تحكمه القبلية ولقد تمَّ بلوغ هذا الهدف بحيث تحول المجتمع الليبي الى مجتمع مدمر كما تمَّ من قبل تدمير المجتمع الصومالي والمجتمع العراقي.
ولقد عمد أنصار اعادة هيكلة المنطقة الى توسيع استراتجيتهم هذه لكي تشمل شمال افريقيا فعدوى الأحداث التي تجري في المنطقة وصلت الى مالي وهناك خطورة بأن تبلغ الجزائر.
اسمحوا لي بأن أعيد على مسامعكم بأنه لم يكن هناك أبداً ثورة ضد نظام معمر القذافي الذي كان يحظى بتقدير شعبه والذي لم يكن لديه أبداً النية لارتكاب مجازر بحق هذا الشعب. بالمقابل حدث انفصال للجزء الشرقي من ليبيا وذلك بتحريض من قبل فرنسا والمملكة المتحدة الذين كانا يعملان لصالح الولايات المتحدة واسرائيل وها نحن نتجه الآن نحوعملية تقسيم لهذا البلد حيث تم احياء الامارة السنوسية في الجزء الشرقي من ليبيا واستولى الاخوان المسلمون على السلطة في طرابلس الغرب في حين تراجع المعادون للامبريالية لكي يتحصنوا في منطقة فزام.
نقترب الآن في فرنسا من موعد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية ولقد نصَّبَ كل من مارين لوبين وجان-لوك ميلانشون نفسيهما كمرشحين رئاسيين يمثلان الاطراف المعادية للعولمة. هل تعتقدون بأنَّهما كذلك حقّاً؟
اذا اردنا استعراض مسألة البرامج السياسية فيجب علينا استعراضها عن طريق تسليط الضوء على الأحزاب وعلى الفرق المكونة لهذه الأحزاب وليس على أشخاص بحد ذاتهم.
وعلى العكس من ذلك، اذا كنا نريد التحدث عن مرشحين بعينهم فعلينا اذا أن نحكم على طبيعة شخصيتهم وعلى الكفاءات التي يتمتعون بها وكذلك الأمر على فضائلهم وسمعتهم لدى الجمهور.
طبعاً، أنا ليس لدي شك بأن ماري لوبان وجان-لوك ميلانشون لديهم عداء للعولمة ولكنني أرى أنَّهُ من الأهمية بمكان معرفة ما اذا كانت الفرق العاملة تحت امرتهم لديها نفس الاتجاه.
بشكل عام يمكننا القول بأنَّ المواقف الصادرة عن الجبهة الوطنية وجبهة اليسار هي مواقف معادية للعولمة ولكنَّ هذه المواقف يشوبها الغموض مراراً وتبدومتناقضة في بعض الأحيان ووحدها الجبهة الوطنية كانت قد أدانت مغامرات ساركوزي العسكرية في أفغانستان، في ساحل العاج، وفي سوريا. غير أن موقف هذه الجبهة من الولايات المتحدة واسرائيل ما زال يشوبه الغموض.
يبدولي واضحاً بأنَّ جبهة اليسار ليست معادية للعولمة وذلك على الرغم من الجهود التي يبذلها مرشحيها لإظهار العكس. بالمقابل فأنَّهُ يساورني شعور من الريبة فيما يتعلق بالجبهة الوطنية والتي سعت بعناية لتجنب توضيح موقفها تجاه هذه القضية المركزية.
يستعد بيير هيلارد للانضمام ادريان أبوزيت بالامتناع عن التصويت خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والتي سوف تكون، إلا في حال حصول مفاجئة ما، عبارة عن مبارزة يتنافس فيها نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند. طبعاً الفكرة من وراء هذه الدعوة هي نزع الشرعية الى أبعد الحدود عن الرئيس المقبل بحيث يمكن فيما بعد الاعتراض على السلطات التي يتمتع بها والتي لن يتوانى عن وضعها تحت تصرف حاشيته المؤيدة للعولمة. هل ستكونون عل استعداد أنتم ومفكرين فرنسيين آخرين للتوقيع على مثل هذه الدعوة؟
بدايةً، أنا أمتنع من حيث المبدأ عن مناقشة الاستراتيجية التي سيتم اتباعها خلال الجولة الثانية من الانتخابات قبل معرفة نتائج انتخابات الجولة الأولى التي جرت بالاقتراع الحر المباشر ومن ثمَّ فإنني أعتقد بأنه يجب أن نمعن النظر ونتبصر بمسألة الانتقال من الورقة البيضاء الى الامتناع عن التصويت قبل الاقدام عليها خصوصاً وأنَّ الخيار الأول يعبر عن رفض للخيارات التي يقدمها المرشحون في حين أنَّ الخيار الثاني يعبر عن الرغبة في نزع الشرعية عن مؤسسات الدولة وهنا أعيد التذكير بما ذكرته قبل قليل عن ليبيا حيث رأيت بأم العين ماذا يعني انهيار الدولة وماذا يعني انتشار الفوضى التي وصفها هوبز بقوله بأنها تجعل من الانسان ذئباً يأكل أخيه الانسان أوبمعنى آخر تصبح شريعة الغاب هي السائدة وأنا لا أتمنى أن يحصل ذلك مع أي شعب كان فكيف اذا كان الأمر يتعلق بشعبي.
أنا أعتقد على غرار بيير هيلار وبالتأكيد على غرار العديد من الفرنسيين بأنَّ الجمورية الفرنسية لم تعد علمانية ولا ديمقراطية ولا اجتماعية ولكن اذا كان علينا الدعوة لنزع الشرعية عن مؤسسات الدولة فأنّنا لا يجب أن نقف عند هذا الحد بمعنى آخر يصبح من الواجب علينا اتمام الأمر الى نهايته واشعال الثورة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل نحن جاهزين للقيام لذلك