وزير الخارجية كيري: حسنًا، السيد الرئيس، أعضاء اللجنة، العضو البارز كروكر، شكرًا جزيلاً لكم لدعوتنا إلى هنا في هذا اليوم. إننا نتطلع قُدمًا لإتاحة هذه الفرصة لنا كي نتمكن من مشاركتكم رؤية الرئيس أوباما ليس بشأن هذا الجزء من العمل فحسب، وإنما أيضًا كما استفسر حوله بصورة ملائمة تمامًا عضو مجلس الشيوخ كروكر حول سوريا نفسها، ومسار العمل في الشرق الأوسط. السيد الرئيس، أشكركم لترحيبكم بتيريزا (قرينة الوزير). وهذا هو أول حدث عام لها منذ أوائل شهر تموز/يوليو، لذلك يسعدنا جميعًا وجودها هنا.
وفي الحين الذي نجتمع فيه لأجل هذه المناقشة، فإنه ليس من قبيل المبالغة أن أقول لكم، لكم جميعًا، زملائي السابقين، بأن العالم يُراقب ليس فقط لرؤية ما سنقرر، إنما يراقب ليرى كيفية اتخاذنا لهذا القرار – ما إذا كنا نستطيع في عالم محفوف بالمخاطر أن نجعل حكومتنا تتكلم بصوت واحد. يريد العالم أن يعرف ما إذا كانت أميركا ستنهض لمواجهة هذه اللحظة وتُحدث فرقًا.
أما بالنسبة للسؤال حول ما إذا كان الأمر يتعلق بتفويض دولتنا باتخاذ عمل عسكري، كما ذكر السيد الرئيس، وكما ردد صداه، السيد العضو البارز، فإنه بوضوح أحد أهم القرارات، أحد أهم مسؤوليات هذه اللجنة أو أي عضو في مجلس الشيوخ في مسار حياته المهنية. يُقدّر الرئيس والحكومة كونكم عدتم بسرعة إلى عاصمة البلاد للتصدي لهذا الأمر، وأنكم بدأتم عملية التركيز المناسب بقدر كبير من العناية والدقة العظيمة، والتي هي السبيل الوحيد للتطرق إلى الاحتمال الممكن لاستخدام القوة العسكرية.
العضو البارز كروكر، إنني أعلم أنك ترغب في مناقشة، كما قلت، ما هو سبب أهمية سوريا بالنسبة لأمننا القومي، ومصالحنا الإستراتيجية، إلى أبعد من الأسباب الإنسانية القاهرة والمُقنعة. إنني أتطلع قُدمًا مع الوزير هيغل والجنرال ديمبسي لشرح ذلك بوضوح هنا بعد ظهر هذا اليوم.
ولكن أولاً، من المهم أن نشرح للشعب الأميركي سبب وجودنا هنا. إنه من المهم بالنسبة للناس الذين لم يتسنَ لهم الاطلاع على كل أجزاء مكوّنات الأخبار خلال عطلة نهاية أسبوع عيد العمل للانضمام إلينا، كل واحد منا، في التركيز على ما هي طبيعة الرهان هنا. ولهذا السبب اتخذ الرئيس الأميركي القرار، كما فعل، على عكس ما يعتقد الكثير من الناس أنه سيفعل، بالطلب إلى الكونغرس المشاركة في هذا القرار. ونحن أقوى كدولة عندما نفعل ذلك.
ولذلك، نحن هنا لأنه خلافًا للتحذيرات المتعددة من رئيس الولايات المتحدة، ومن الكونغرس، ومن أصدقائنا وحلفائنا حول العالم، وحتى من روسيا، وإيران، فإن نظام الأسد - وفقط، نظام الأسد بالتأكيد – بادر إلى شن هجوم كيميائي وحشي ضد مواطنيه أنفسهم. نحن هنا لأن ذلك الطاغية ومؤسسته العائلية بمشاريعها الشخصية، بسبب شهواتهم للتشبث بالسلطة، كانوا على استعداد لتلويث هواء دمشق بسُمّ قتل الأمهات، والآباء، ومئات الأطفال الأبرياء، إذ انتُزعت حياتهم منهم بالغاز في وقت مبكر من صباح 21 آب/أغسطس.
والآن، بعض الناس هنا وهناك، يتساءلون بشكل مثير للدهشة، ويشككون بأدلة هذا الاعتداء على ضمائر البشر. أكرر مرة أخرى هنا اليوم، بأن ذوي الرغبة الأعظم بتجنّب الحقيقة، هم فقط الذين يمكنهم أن يؤكدوا بأن هذا لم يحدث كما وُصف، أو أن النظام لم يفعل ذلك. لكن ذلك حدث بالفعل، وقد فعله نظام الأسد نفسه.
والآن، إنني أتذكر العراق. والوزير هيغل يتذكر العراق. والجنرال ديمبسي على وجه الخصوص يتذكر العراق. ولكن الوزير هيغل وأنا والكثير منكم الجالسين حول هذا المنبر يتذكرون العراق بشكل خاص لأننا كنا هنا عند التصويت على ذلك القرار. أدلينا بأصواتنا. ولذا فإننا حساسون تجاه ذلك، ولا سيما تشاك وأنا، أن لا نطلب أبدًا مرة أخرى من أي عضو في الكونغرس اتخاذ قرار تصويت على أساس معلومات استخباراتية خاطئة. ولهذا السبب محّص مجتمع الاستخبارات لدينا وأعاد التمحيص مرارًا في الأدلة. لقد رُفعت السرية عن كميات لا سابق لمثلها من المعلومات. ونحن نطلب من الشعب الأميركي ومن سائر العالم أن يحكموا على تلك المعلومات.
يمكننا أن نقول لكم بما لا يدع أي مجال للشك أن لدينا أدلة تُثبت أن نظام الأسد استعد لهذا الهجوم، وأصدر التعليمات للإعداد لهذا الهجوم، وحذّر قواته لاستخدام الأقنعة الواقية من الغازات. لدينا أدلة مادية حول من أين جاءت الصواريخ ومتى انطلقت. لم يسقط أي صاروخ في المناطق التي يسيطر عليها النظام. ولا صاروخ واحد. سقطت جميعها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أو المناطق المتنازع عليها. لدينا خريطة، وأدلة مادية، تُبيّن كل نقطة جغرافية تأثرت – وهذه أدلة ملموسة.
في غضون دقائق من شن الهجوم - 90 دقيقة، كما أعتقد، أو ربما أقل لكي أكون دقيقًا- انفجرت وسائل الإعلام الاجتماعية بالصور المروعة للضرر الذي حدث - رجال ونساء، وكبار السن، وأطفال ممددين على أرضية مستشفى بدون أية جروح، ومن دون أية آثار للدماء- إلا أنهم جميعًا كانوا قتلى. ولم تكن تلك المشاهد من الفوضى واليأس البشري مفتعلة. كانت حقيقية. فلا أحد يمكنه أن يفتعل مثل ذلك المشهد.
إننا على يقين بأن أيًا من قوات المعارضة ليس لديه الأسلحة ولا القدرة على القيام بضربة من هذا الحجم - وخاصة من قلب منطقة يسيطر عليها النظام. فكروا فقط حول ذلك من الناحية المنطقية، ووفقًا للتفكير البديهي السليم. وبثقة عالية جدًا، أخبرنا مجتمع استخباراتنا أنه في أعقاب الضربة، أصدر النظام أوامر بالتوقف، ومن ثم خشي علنًا، كما نعلم، حول إمكانية اكتشاف مفتشي الأمم المتحدة للأدلة. في ذلك الحين بدأوا في محاولة التدمير المنهجي للأدلة. وخلافًا لنقاشي مع وزير خارجيتهم، الذي قال لي ليس لدينا ما نخفيه، قلت له إذا لم يكن لديكم ما تخفونه، اسمحوا لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول اليوم للتحقيق دون أية تقييدات. ولم يحصل ذلك. لم يفعلوا ذلك. استغرق الأمر أربعة أيام من القصف المدفعي قبل أن يسمحوا للمفتشين بالدخول أخيرًا في ظل هيكلية تقييدية مخططة مسبقًا. وقد عرفنا الآن بأن عيِّنات من الشعر و الدم من أول المستجيبين في شرق دمشق أثبتت استخدام غاز السارين.
ولهذا يا زملائي، إننا نعرف ما حدث. ويمكنني القول لجميع المحامين، ولجميع المدّعين العامين السابقين، ولجميع أولئك الذين شاركوا في هيئة محلفين - بأننا نعرف هذه الأشياء بدون أي شك معقول، وهذا هو المعيار الذي نرسل بموجبه الناس إلى السجن لقضاء بقية حياتهم فيه.
ولذا نحن هنا بسبب ما حدث قبل أسبوعين. ولكننا أيضًا هنا بسبب ما حدث منذ ما يقرب من قرن من الزمن، في أحلك لحظات الحرب العالمية الأولى، وفي أعقاب الرعب من حرب الغازات السامة، عندما وحّدت الغالبية العظمى من العالم صفوفها معًا للإعلان، بعبارات لا لبس فيها، بأن الأسلحة الكيميائية تتجاوز حدود الضمير البشري، وأنه ينبغي منع استخدامها إلى الأبد. وعلى مرّ السنين التي تلت ذلك، وافقت أكثر من 180 بلدًا - بما فيها إيران، والعراق، وروسيا على الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وحتى البلدان التي لا نتفق معها على الكثير من الأمور وافقت على تلك المعاهدة.
والآن، لقد حاول البعض الإيحاء بأن النقاش الذي نجريه اليوم هو يتعلق بخط الرئيس أوباما الأحمر. لا أستطيع أن أشدد بقوة أكثر من أن ذلك، هو بكل بساطة مجرد تفكير خاطئ. فهذه المناقشة ترتبط بالخط الأحمر الذي وضعه العالم بأسره، إنها تخص الخط الأحمر للبشرية، وإنه الخطر الأحمر الذي ينبغي أن يحدده أي إنسان لديه ضمير.
هذه المناقشة تتعلق أيضًا بالخط الأحمر للكونغرس نفسه – أنتم - أعضاء الكونغرس الأميركي - وافقتم على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية – وصادقتم على قانون محاسبة سوريا الذي ينص على أن الأسلحة الكيميائية لدى سوريا هي، وهنا اقتبس من القانون، "تهدد أمن الشرق الأوسط ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة". أنتم- أعضاء الكونغرس - الذين تحدثتم جهارًا حول العواقب الخطيرة التي ستنجم في حال استخدم الأسد بشكل خاص الأسلحة الكيميائية. ولذا أقول لك، السيد عضو مجلس الشيوخ كروكر، بأن ذلك هو أحد الأسباب التي تجعل سوريا مهمة.
وفي الحين الذي تجري فيه هذه المناقشة ويراقبنا العالم، وفي الوقت الذي تقررون فيه والذي يتساءل العالم فيه - ليس ما إذا كان نظام الأسد قد نفّذ أسوأ هجوم بالأسلحة الكيميائية في القرن الحادي والعشرين، أعتقد أن تلك الحقيقة أصبحت الآن لا يرقى إليها الشك – يتساءل العالم ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية سوف توافق، من خلال صمتها، في الوقوف جانبًا بينما يُسمح لمثل هذا النوع من الوحشية أن يحدث من دون عواقب.
خلال ما يقرب من مئة عام، ومنذ صدور أول التزام عالمي ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، تجاسر اثنان من الطغاة فقط بتجاوز الخط الأكثر وضوحًا في العالم. والآن أصبح بشار الأسد ثالثهم. وأعتقد أن كل واحد منكم يعرف أن التاريخ لا يحمل شيئًا سوى العار لهؤلاء المجرمين وأن التاريخ لا يحتفظ أيضًا بالكثير من التعاطف تجاه الذين مكّنوهم من ذلك.
وبالتالي، فإن الحقيقة هي خطورة هذه اللحظة. هذه هي أهمية القرار الذي سيتخذه هذا الكونغرس، والعالم ينتظر ليعرف ذلك في الأيام المقبلة.
والآن، لقد طرح العضو البارز كروكر سؤالاً مركزيًا: لماذا ينبغي علينا كأميركيين أن نهتم، إلى أبعد مما قلته للتو، والذي ينبغي أن يكون كافيًا، في الحكم الصادر عن الرئيس وهذه الحكومة؟
حسنًا، من الواضح أنه، علاوة على ما ذكرته للتو حول قانون محاسبة سوريا، والتهديد لأمن الشرق الأوسط، لا يمكننا أن نتغاضى عن تأثير الأسلحة الكيميائية والخطر الذي تشكله على منطقة مضطربة بدرجة خاصة من العالم والتي استثمرنا فيها بعمق طوال سنوات، لأن لدينا أصدقاء مقربين هناك، ولدينا حلفاء هناك، ولدينا مصالح عميقة هناك.
وبما أن سياسة الرئيس أوباما تقوم على وجوب رحيل الأسد، فإنه ليس من الأمور غير المهمة حرمانه من القدرة على استخدام الأسلحة الكيميائية، وأن الحط من قدرته على استخدام تلك الأسلحة الكيميائية يحرمه فعلاً من سلاح فتاك في هذه الحرب الأهلية المستعرة، وسيكون لهذا أثره الفعال. إذ يمكن أن يساعد ذلك في تحقيق الاستقرار في المنطقة، في نهاية المطاف.
وعلاوة على ذلك، لدينا مصالح أخرى مهمة حول الأمن القومي الاستراتيجي، وليس فقط في منع انتشار الأسلحة الكيميائية، وإنما أيضًا لمنع خلق ملاذ آمن في سوريا أو قاعدة لعمليات المتطرفين الذين يستخدمون تلك الأسلحة ضد أصدقائنا. جميعنا يعرف أن المتطرفين من كلا الجانبين الموجودين هناك ينتظرون في الأقبية، حيث يعملون، ويدفعون، ويقاتلون. ويسعون بيأس لوضع أيديهم على هذه المواد.
والواقع هو أنه إذا لم يحدث أي شيء للشروع في تغيير المعادلة أو العملية الحسابية الحالية، فمن الممكن أن تصبح هذه المنطقة حتى أكثر منطقة بدون أي حكم، حيث يهدد فيها هؤلاء المتطرفون حتى الولايات المتحدة وبصورة فورية أكثر، وفي حال وضعوا أيديهم على تلك الأسلحة، وإن ذلك التهديد سيطال حلفائنا وأصدقاء لنا كالأردن أو إسرائيل أو لبنان أو غيرهم من البلدان.
يمكن أن يساهم إجبار الأسد على تغيير حساباته حول قدرته على العمل مع الإفلات من العقاب في إدراكه بأنه لا يستطيع استخدام الغازات السامة لأجل الخروج من هذا المأزق. و كما أعتقد أنكم تعرفون، فقد كان هدف الرئيس أوباما الأول يقوم على التوصل إلى حل عن طريق التفاوض، ولكن عليكم إعداد الأطراف للتفاوض من أجل تحقيق ذلك.
إن سوريا مهمة أيضًا لأنه، وبكل بساطة - لا أستطيع أن أضع ذلك بصورة أكثر وضوحًا من أن أطلب من كل واحد منكم أن يسأل نفسه ما إذا كان هو الأسد نفسه أو إذا كان هو نفسه أي واحد من الطغاة الآخرين في تلك المنطقة، ومن ثم تراجعت الولايات المتحدة عن الارتقاء لمواجهة هذه اللحظة، جنبًا إلى جنب مع حلفائنا وأصدقائنا الآخرين، فماذا ستكون عليه الرسالة؟ الرسالة على ذلك ستكون أنه تم السماح له بالإفلات من العقاب، وبحرية اختيار استخدام الأسلحة مرة أخرى أو إجبارنا على الدخول في هذه الحلقة من جديد، مع عدم معرفتنا ما ستكون عليه النتيجة بعد رفضنا ذلك أول مرة. نكون قد منحناه القدرة على استخدام هذه الأسلحة ضد عدد أكبر من الناس مع التسبب بإحداث مستويات أكبر من الضرر لأننا قد وقفنا جانبًا وتنحينا بعيدًا.
كما أننا بنفس تلك الثقة نعرف ما حدث في دمشق، يا أصدقائي، في 21 آب/أغسطس، فإننا نعرف أيضًا أن الأسد سوف يرى في خطوتنا بالوقوف بعيدًا أو صمتنا بمثابة دعوة لاستخدام تلك الأسلحة مع الإفلات من العقاب. ومن خلال الإفلات من العقاب نكون قد خلقنا الفرصة - الفرصة لغيره من الطغاة و/أو الإرهابيين للسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية.
وإنني أقول لكم، أن هناك بعض الناس الذين يأملون بأن الكونغرس الأميركي لن يصوت لصالح هذا الطلب المحدود جدًا الذي وضعه الرئيس أمامكم. وتأمل إيران بأن تشيحوا بنظركم إلى الناحية الأخرى. إن تقاعسنا عن القيام بأي عمل قد يمنحهم بالتأكيد بطاقة الإذن التي قد تمكنهم على الأقل من إساءة فهم نوايانا، إن لم نجعلهم يضعونا قيد الاختبار. ويأمل حزب الله أن تسود فينا الروح الانعزالية. وتأمل كوريا الشمالية أن يسيطر التناقض والتردد علينا في هذا اليوم. إنهم جميعًا يستمعون لصمتنا. وفي حال لم نرد على الأسد اليوم، فإننا سوف نقوّض معيارًا قياسيًا ظل قائمًا طوال السنوات المئة هذه. وفي الواقع، سوف نُفضي إلى تآكل المعايير القياسية التي حمت قواتنا في الحروب. وسندعو إلى تنفيذ اختبارات أكثر خطورة في المستقبل.
يعوّل حلفاؤنا وشركاؤنا أيضًا علينا في هذه الحالة. فشعوب إسرائيل، والأردن، وتركيا ينظرون نظرة الجار إلينا، ويرون بأنهم باتوا على بعد نسمة ريح قوية من احتمال التعرض للأذى، مقتل المدنيين لديهم كعقاب للخيارات التي قد يتخذها الأسد في ظل غياب عملنا. إنهم ينتظرون بقلق بالغ الضمانات بأن كلمتنا تعني شيئًا. ينتظرون التأكد من أن الأطفال المصفوفين في أكفان من دون دماء ليسوا أطفالهم، بأننا سنحافظ على وعدنا للعالم. هذا هو ما يأملون به.
وعليه، فإن التفويض الذي يسعى إليه الرئيس أوباما يصب بشكل حاسم ونهائي في مصلحة أمننا القومي. ينبغي علينا أن نبعث إلى سوريا وإلى العالم، وإلى الطغاة والإرهابيين، وإلى الحلفاء، والمدنيين على حد سواء برسالة لا لبس فيها أنه عندما تقول الولايات المتحدة الأميركية والعالم "أبدًا مرة أخرى"، فإننا لا نعني ذلك أحيانًا، ولا نعنيها في مكان معيّن. فكلمة أبدًا تعني أبدًا.
ولذا فإن هذا التصويت هو لدعم المساءلة والمحاسبة. فالمعايير والقوانين التي تحافظ على العالم المتحضر لن تعني شيئًا في حال عدم فرضها بالقوة. وكما قال القاضي جاكسون في مطالعته الافتتاحية في محاكمات نورمبرغ: "إن الخطوة النهائية في تجنب اندلاع الحروب المتواترة، التي لا مفر منها في ظل نظام من الفوضى الدولية، هو جعل رجال الدولة مسؤولين أمام القانون". وفي حال رأى أسوأ الطغاة في العالم أن باستطاعته أن ينتهك أي حظر مع الإفلات من العقاب ضد استخدام أسوأ الأسلحة في العالم، تكون تلك المحظورات هي مجرد قطعة من الورق لا أكثر ولا أقل. وهذا هو ما نعنيه بالمساءلة والمحاسبة، وهذا هو ما نعنيه بأنه لا يمكننا الصمت حيال ما يجري.
لذا دعوني أكون واضحًا: الرئيس أوباما لا يطلب من أميركا أن تذهب إلى الحرب، وأنا أقول هنا، ويجلس إلى جانبي رجلان، الوزير هيغل ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ديمبسي، وكلاهما يعرف ما هي الحرب. يعرف عضو مجلس الشيوخ ماكين ما هي الحرب. إنهم يعرفون الفرق بين الذهاب إلى الحرب وبين ما يطلبه الرئيس أوباما الآن. إننا متفقون جميعنا بأنه لن يكون هناك وجود عسكري أميركي على الأرض. لقد جعل الرئيس ذلك واضحًا وضوح الشمس، بأنه ليست لدينا نية تولي المسؤولية عن الحرب الأهلية في سوريا. إنه يطلب مجرد الحصول على السلطة ليجعل من الواضح، وليؤكد بأن الولايات المتحدة تعني ما تقول، بأن العالم، عندما ننضم سوية في بيان متعدد الأطراف، فإننا نعني ما نقول. إنه يطلب التفويض بتفكيك وردع قدرة بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية.
والآن، سوف يتساءل البعض بدون أي شك، وأعتقد أن ذلك التساؤل سيكون مناسبًا، ما هي العواقب غير المقصودة من هذا العمل؟ يخشى البعض من ردة الفعل الانتقامية التي ستؤدي إلى اندلاع نزاع أكبر. حسنًا، اسمحوا لي أن أقولها بصراحة: إذا كان الأسد متعجرفًا بما فيه الكفاية، وأود أن أقول غبيًا بما يكفي، للرد على العواقب المترتبة على نشاطه الإجرامي نفسه، فإن لدى الولايات المتحدة وحلفائها طرقًا وافرة لجعله يأسف لاتخاذه هذا القرار من دون اللجوء إلى الحرب. وحتى من يدعمون الأسد، روسيا وإيران، يقولون علنًا إن استخدام الأسلحة الكيميائية أمر غير مقبول. والآن، سوف يشكك البعض أيضًا بمدى مسؤوليتنا. أقول لهؤلاء، إنه عندما يقوم أي كان بقتل مئات الأطفال بسلاح حظر العالم استخدامه، نكون جميعًا مسؤولين. وهذا صحيح، لأن هناك معاهدات مثل معاهدة جنيف واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وبالنسبة لنا أيضًا، هناك قانون محاسبة سوريا. غير أنه من الصحيح أيضًا لأن السبب هو أننا نتقاسم إنسانية مشتركة وأخلاقيات مشتركة.
ليس هذا هو الوقت المناسب للانعزال في مقاعد مريحة. ليس هذا هو الوقت المناسب لنكون مجرد شهود على عمليات الذبح. لا تستطيع، لا دولتنا ولا ضميرنا تحمل كلفة الصمت. لقد نددنا علنًا مرات عديدة في الماضي بأعمال الرعب التي لا يمكن وصفها. والآن، ينبغي علينا أن ننهض لنقف ونفعل، ينبغي علينا حماية أمننا وحماية قيمنا، وقيادة العالم مع الاقتناع الواضح في مسؤوليتنا. وشكرًا لكم.
أحد الأعضاء الحاضرين: الوزير كيري، الشعب الأميركي يقول لا للحرب.
الرئيس مينينديز: أدعو اللجنة إلى التقيد بالنظام، على اللجنة أن تتبع النظام.
أحد الأعضاء الحاضرين: لقد قال الشعب لا الحرب (غير مسموع)، لا لحرب أخرى. لا نريد حربًا أخرى (غير مسموع).
الرئيس مينينديز: إنني أطلب - يُرجى العودة إلى النظام.
أحد الأعضاء الحاضرين: (غير مسموع) لا أحد يريد هذه الحرب. صواريخ كروز - إطلاق صواريخ كروز يعني حربًا أخرى. الشعب الأميركي لا يريد هذا. الوزير كيري (غير مسموع).
الرئيس مينينديز: الوزير هيغل.
وزير الخارجية كيري: هل يمكنني أن أقول أمامكم – إن المرة الأولى التي أدليت فيها بشهادتي أمام هذه اللجنة، عندما كان عمري 27 سنة، كانت لدي مشاعر مشابهة جدًا لتلك التي يشعر بها هذا المحتج. وأود أن أقول فقط بأن ذلك هو بالضبط السبب في أنه من المهم جدًا بالنسبة لنا جميعًا الموجودين هنا أن نجري هذه المناقشة، والتكلم حول هذه الأمور أمام البلاد، وبأن الكونغرس نفسه هو الذي سيقرر التصرف بصفته ممثلاً للشعب الأميركي. وأعتقد أننا جميعًا يمكننا أن نحترم الذين لديهم وجهات نظر مختلفة، ونحن نفعل ذلك.