في حمأة انشغاله بمنع روسيا والصين من السيطرة على مايكفي من المواد الخام التي تمكنهما من منافسة الولايات المتحدة, أضاف حلف شمال الأطلسي خلال هذا الصيف قضية الدولة الاسلامية.
كنا قد نوهنا في مناسبات عدة أن الدولة الاسلامية هي صنيعة حلف ناتو, وأنها تختلف عن المجموعات الجهادية السابقة من حيث تمتعها بخدمة اتصالات متطورة, بالاضافة إلى اداريين مدنيين قادرين على إدارة الأراضي المحتلة. إذن, هم مجموعة مطلوب منها أن تستمر طويلا.
على الرغم من اقتصار حركتها على العراق وسورية في الوقت الراهن, إلا أن دولة الخلافة قد تم تصميمها لتشكل رداء حديديا على المدى البعيد في وجه روسيا والهند والصين, وذلك من خلال التلاعب بسكانهم المسلمين.
هذا يعني أن قضية الدولة الاسلامية لم تتم اضافتها على جدول أعمال قمة نيوبورت, بل كانت بالأساس جزءا منه.
بالمناسبة, عمدت واشنطن إلى وضع النقاش في هذه القضية على هامش أعمال القمة.
من أجل ذلك, جمع الرئيس أوباما ثمان دول أخرى, بالاضافة لأستراليا, غير العضو في ناتو, لكنها شريك فيه) لوضع اللمسات الأخيرة على خطته الحربية. وقد تقرر في وقت لاحق ضم الأردن إلى هذا الطاقم الحربي.
سبق لحلف ناتو أن انتهك نظامه الداخلي عام 2011 حين لم يجمع مجلسه الأطلسي قبل الشروع بقصف طرابلس الغرب. كان على دراية باستحالة موافقة جميع أعضائه على ارتكاب مجازر مماثلة. لذا قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بعقد اجتماع سري مصغر للحلف في نابولي ضم فرنسا وايطاليا وتركيا لوضع خطة هجوم أسفرت عن 40 ألف ضحية من المدنيين الليبيين خلال فترة أسبوع فقط.
البيان الختامي الذي صدر مؤخرا عن قمة الناتو في غاية النفاق : أشار إلى الأزمة الأوكرانية بوصفها عدوانا روسيا, دون الاشارة من قريب أو من بعيد إلى انقلاب ساحة الميدان, أو تنصيب حكومة تضم نازيين.
أما الأزمة السورية فقد تم عرضها كصراع بين معارضة معتدلة تحمي الأقليات, من " طغيان نظام" بشار الأسد, والمجموعات المتطرفة في آن معا, دون الاشارة إلى أن "النظام" السوري هو جمهورية, بينما المعارضة التي يقولون عنها "معتدلة" هي مجرد أجير عند ديكتاتوريات الخليج, كما لم يشيروا إلى أن الأزمة السورية بدأت بحرب سرية فرنسية-بريطانية طبقا لما ورد في ملاحق معاهدة لانكستر هاوس, ولا أيضا إلى مسألة أن الرئيس الأسد قد أعيد انتخابه بنسبة 63% من مجمل من يحق لهم الانتخاب, ونسبة 88% ممن أدلوا بأصواتهم, وأن الجمهورية العربية السورية تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لم تحم الأقليات لديها فحسب, بل كل مواطنيها على حد سواء, بمن فيهم الأغلبية السنية.
ذهب البيان الختامي إلى الادعاء بمنتهى السخرية أن قوات التحالف قدمت الحماية للشعب الليبي طبقا لقراري مجلس الأمن رقم 1970 و 1973, بينما واقع الأمر يقول بأنهم استخدموا هذه القرارات للاطاحة "بنظام" معمر القذافي وقتل ما مجموعه 160 ألف مواطن ليبي, واغراق البلاد في فوضى عارمة.
مع ذلك, فقد حقق حلف الناتو خلال السنوات الأخيرة أهدافه في كل من أفغانستان, والعراق, وليبيا, وشمال شرق سورية, أي بمعنى أن أهداف الحلف تحققت فقط وحصريا في بلدان أو مناطق تسودها المجتمعات العشائرية.
يفهم من ذلك أن الحلف غير قادر حاليا على الدخول في صراع مباشر مع روسيا والصين.