منذ انتخاب محمود أحمدي نجاد لرئاسة الجمهورية عام 2005, سعت الولايات المتحدة, وبريطانيا, وفرنسا إلى منع الجمهورية الاسلامية من تصدير ثورتها خارج البلاد, والتشكيك بالفوضى العالمية. وفي غضون بضع سنوات شهد "الغرب" هزائم متتالية, في لبنان, وفلسطين, وسورية واليمن. حافظوا على مواقعهم في البحرين, ولم ينتصروا عمليا إلا في ليبيا. لكنهم مع هذا الاستثناء الوحيد, اضطروا لمواجهة حلفاء ايران في أكثر من مكان.
في شهر أيار- مايو من عام 2013, بدأت مفاوضات ثنائية سرا في عمان للحد من التوتر بين واشنطن وطهران, تمخضت عن حظر ترشح اسفنديار رحيم مشائي, مدير مكتب أحمدي نجاد, للانتخابات الرئاسية, مما أتاح للشيخ حسن روحاني بأن يتم انتخابه.
منذ انتخابه, فاوض الرئيس الجديد من خارج مجموعة 5+1, مباشرة مع واشنطن مسألة بيع الغاز الايراني للاتحاد الأوروبي, بما يمكن أوروبا من تجاوز الحاجة للغاز الروسي, وافتقار الصين للغاز الايراني.
التقى الرئيس روحاني بنظيره النمساوي على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة, ووضع معه أسس مشروع تمويل ربط حقول الغاز الايراني بخط أنابيب نابوكو. أمام ردود فعل موسكو التي أدانت المفاوضات الثنائية التي جرت سرا بين الولايات المتحدة وايران, اضطر الرئيس روحاني إلى الادلاء بتصريح للقناة الأولى الروسية, أكد من خلاله عدم نية بلاده اخراج روسيا من سوق الغاز في أوروبا.
في شهر تشرين أول- أكتوبر الماضي, نشر آية الله علي خامنئي قائمة ب11 نقطة لايمكن لبلاده أن تفاوض عليها.
يعتبر مرشد الثورة, أن الرئيس حسن روحاني قد تجاوز الخط الأصفر. إذ أنه من غير الممكن الالتحاق بركب الولايات المتحدة, كما لايمكن التراجع عن التمدد المدني, أو مجرد تعليق التوسع العسكري.
قبل أسبوع على نهاية مفاوضات 5+1, يبدو أن واشنطن ستكتفي "بتجميد" الوضع في المنطقة, ولن تسعى بعد الآن إلى تغيير موازين القوى فيها. ومن الممكن أن تتقاسم طهران والرياض نفوذهما على الوطن العربي, بحيث تصبح كل دولة مسؤولة عن ما يخصها من الشيعة أو من السنة.
عالجت إدارة أوباما خلافة الملك عبد الله على العرش, باعطاء ضمانات لكل عشيرة من آل سعود بالحفاظ على امتيازاتها الحالية. كما قبلت بالنفوذ الايراني في المنطقة كما هو الآن, شرط أن لايتمدد هذا النفوذ عبر السلاح.
وفي بادرة حسن نية, قبل الحوثيون بالمشاركة منذ الآن في حكومة وحدة وطنية مع الأحزاب السنية في اليمن, وأوقفوا تقدمهم بعد سيطرتهم على العاصمة, تاركين عدن بين أيدي خصومهم, متخلين على هذا النحو أيضا عن باب المندب والسيطرة على البحر الأحمر.
إذا تمت المصادقة على الاتفاق الايراني – الأمريكي, وجرى توثيقه رسميا من قبل مجموعة 5+1, فإن جميع الفصائل الاقليمية سوف تخلد إلى الراحة بعد سنوات من الصخب. لكن أيا من المشكلات الأساسية في المنطقة لن تحل. سوف يترتب على أهل السنة الانصياع لسطان الوهابيين عليهم, كما لوكانوا هم المسلمين الحقيقيين, فيما سيترتب على الشيعة الانصياع للهيمنة الايرانية, في الوقت الذي تبدأ فيه طهران بوضع كل المثل العليا الامام الخميني على الرف.
لن يكون هناك معسكر منتصر وآخر مهزوم, لكن بعض اللاعبين سيهزمون داخل معسكرهم, لاسيما تركيا, التي سوف تفقد نفوذها على أهل السنة في المنطقة, وستجد نفسها معاقبة لاستشراسها ضد سوريا.