عندما قرر الرئيس جورج بوش الابن عام 2001 وضع سورية على قائمة الأهداف الواجب تدميرها, كان يهدف إلى أمرين :
– كسر " محور المقاومة " وتشجيع التوسع الاسرائيلي
– وضع اليد على احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي.
كنت أوضح منذ شهور خلت أن مشروع داعش يتوافق تماما مع الخارطة الأمريكية الجديدة لتقاسم الشرق الأوسط التي نشرها روبن رايت في صحيفة نيويورك تايمز بشهر أيلول-سبتمبر 2013, حيث ترى قيادة الأركان في الولايات المتحدة أن استمرار العمل باتفاقيات سايكس بيكو, يقتضي التقليل من مساحة سورية بشكل حاسم.
كذلك حين شرعت القوات الأمريكية- بعد أن تريثت حتى تنتهي داعش من انجاز التطهير العرقي الذي أسست من أجله- بقصف الجهاديين, صار السؤال الذي يطرح نفسه إلى من ستؤول الأراضي المحررة, لدمشق أم لبغداد.
ففي حين رفضت الولايات المتحدة تنسيق عملياتها العسكرية مع سورية ضد داعش, وأن روسيا تحضر الآن لمؤتمر سلام, نجد "صقور الليبرالية" في واشنطن قد وضعوا أهدافا جديدة.
بما أن الشعب السوري لم يصدق مسرحية "الثورة" التي أخرجتها له قناة الجزيرة وأخواتها, ورفض تقديم الدعم للمتمردين ضد الجمهورية, باتت مسألة "تغيير النظام" غير ممكنة في المدى المنظور.
من الواضح أيضا أن الدستور الجديد, على الرغم من عدم كماله, إلا أنه جمهوري وديمقراطي في نفس الوقت, وأن الرئيس بشار الأسد قد أعيد انتخابه بنسبة بلغت 63% من مجمل الناخبين الذين بلغت نسبتهم 88% من مجمل الأصوات. أيضا, يجب على الولايات المتحدة أن تلائم خطابها مع الواقع.
تتمحور خطة سلام " الصقور الليبراليين" حول التوصل إلى الأهداف الأساسية المتمثلة بتقسيم سورية إلى قسمين : منطقة خاضعة لحكم دمشق, وأخرى للمتمردين المعتدلين " ( تفسير البنتاغون).
تمنح الجمهورية : منطقة العاصمة, وكذلك ساحل البحر الأبيض المتوسط.
تعطى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) : البادية السورية واحتياطياتها من الغاز (أي المنطقة التي يحررها من داعش قصف طيران الجنرال جون آلن ).
وفقا لمستنداتهم تلك, سيمنح " الصقور الليبراليون" نسبة 30% فقط من الأراضي للشعب السوري, وسيحتفظون لأنفسهم بباقي مساحة سورية.
هذا ليس كل شيء.
طالما أن الرئيس بشار الأسد قد انتخب من قبل الشعب السوري, فسيسمح له بالبقاء في السلطة, لكن من دون عائلته ومستشاريه الخاصين.
في الواقع, جميعنا يعرف أن تمكن الدولة السورية من صد أي عدوان أجنبي على أراضيها يعود إلى احتوائها على جزء سري, يصعب تحديده, ولأنه كذلك, يصعب القضاء عليه.
هذا الغموض كان مطلوبا من قبل مؤسس سورية الحديثة, الرئيس حافظ الأسد, للصمود في وجه اسرائيل.
صحيح أن الاصلاح الدستوري الذي جرى عام 2012 لم يستبعده, لكنه جعل من الرئيس المنتخب مسؤولا أمام الشعب.
حتى لو كنا نتأسف على قيام بعض الأشخاص في الماضي باساءة استخدام غموض النظام وتوظيفه لمصالحهم الشخصية, إلا أن الانفصال عنه الآن يعني التخلي مؤقتا عن استقلال البلاد.
لهذا السبب, يجب على سورية أن تضع استبعاد أي نقاش حول وحدة أراضي سورية, كشرط مسبق لعقد أي مؤتمر سلام.