خلال حملته الانتخابية, كان بنيامين نتانياهو يؤكد : "طالما أنا حي, فلن يكون للفلسطينيين دولة ". بذلك, وضع نتانياهو نهاية ل "مسار سلام" كان يجر أقدامه بتثاقل منذ اتفاق أوسلو الذي مضى عليه أكثر من عشرين عاما, وقضى على سراب "حل الدولتين" نهائيا.
خلال حملته الانتخابية, كان السيد نتانياهو يقدم نفسه أيضا على أنه حامي المستوطنين اليهود بالقوة.
استبدل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على الحدود السورية, بالفرع المحلي لتنظيم القاعدة.
مع ذلك, فإن الحرب ضد سورية هي هزيمة للغرب ودول الخليج. وفقا للأمم المتحدة, فإن عدد السوريين الذين يدعمون "الثوار", في المناطق التي تقع تحت سيطرة المسلحين لايزيد عن 212000 شخص, من أصل 24 مليون نسمة عدد سكان سورية الاجمالي. هذا يعني أنهم أقل من 1% من مجموع السكان.
ففي حين كان نتانياهو يؤكد أن المقاومة اللبنانية غارقة في سورية, وأنها لن تكون قادرة على الرد, رد حزب الله بحسبة رياضية بمنتهى البرودة على هجوم اسرائيلي في الجولان, قتل فيه, بعد بضعة أيام, وفي نفس التوقيت, نفس العدد من جنود اسرائيليين في مزارع شبعا, الأكثر أمنا من بين المناطق المحتلة. أدركت الدولة العبرية حينها أنها لم تعد سيدة اللعبة, واستوعبت الضربة بلا وجل.
أما التحدي الذي وجه للرئيس أوباما, فقد يكلف اسرائيل ثمنا باهظا.
تتفاوض الولايات المتحدة مع ايران حول سلام اقليمي يمكنها من سحب معظم قواتها. لذا, فإن امتعاض الرئيس أوباما قد يتمخض عن اعتراف بالنفوذ الايراني ليشمل حتى غزة.
يحاول بنيامين نتانياهو ارتداء ملابس يان سميث الذي رفض عام 1965 الاعتراف بالحقوق المدنية للسود في روديسيا, فقطع العلاقات مع لندن وأعلن استقلاله. لكنه فشل في حكم دولته الاستعمارية التي كانت تلتهمها مقاومة الاتحاد الوطني الأفريقي الزمبابوي بقيادة روبرت موغابي.
بعد خمسة عشر عاما, اضطر السيد سميث للتنازل عن الحكم, وصارت روديسيا تدعى زمبابوي, وجاءت الأغلبية السوداء إلى السلطة.
المواقف التي يتخذها بنيامين نتانياهو الآن, الشبيهة بمواقف يان سميث سابقا, ترمي فقط إلى إخفاء المأزق الذي أغرق فيه المستوطنين. عملية ربح الوقت التي مارسها خلال السنوات الست الأخيرة, زادت من احباط الفلسطينيين, وباعلانه أنه جعل رام الله تنتظر كل تلك السنوات من أجل لاشيء, فهو يدفع نحو كارثة ما. الأمر الذي حدا بالسلطة الفلسطينية إلى الاعلان عن نيتها في ايقاف كل تعاون أمني مع تل أبيب في حال تم تسمية بنيامين نتانياهو رئيسا للوزراء مرة أخرى. وفي حال تمت تلك القطيعة فعلا, فإن سكان الضفة الغربية وغزة بطبيعة الحال, سيصطدمون مرة أخرى مع الجيش الاسرائيلي, وستكون الانتفاضة الثالثة.
الجيش الاسرائيلي خائف جدا من هذا الوضع, مما دفع كبار الضباط المتقاعدين إلى تأسيس رابطة "قادة الأمن في اسرائيل"
والتي لم تتوان عن التحذير من سياسات رئيس الوزراء.
يدرك أعضاء هذه الرابطة أنه بوسع اسرائيل بسط هيمنتها, كما هو الحال, في جنوب السودان أو في كردستان العراق, لكنها لم تعد قادرة على التوسع أرضا. وصار حلم الدولة الاستعمارية الممتدة من الفرات إلى النيل مجرد وهم ينتمي إلى القرن الماضي.