في العشرين من الشهر الجاري نوفمبر, حاولت روسيا, مرة ثانية, تمرير مشروع قرار كانت قد أعدته لجلسة مجلس الأمن, التابع للأمم المتحدة في 30 سبتمبر, والذي أجبرت على سحبه.
على الرغم من إجرائها تعديلات على النص, تتضمن مايشير إلى الهجمات الأخيرة, فضلا عن الإشارة أيضا إلى حق الدفاع عن النفس, كان عليها أن تتخلى عن نصها للمرة الثانية, لتمرير المقترح الفرنسي المطالب بشرعية أي تدخل عسكري ضد داعش في سورية والعراق, والذي وافق عليه المجلس بالإجماع (القرار 2249).
على الرغم من إمكانية تفسير القرار من زوايا مختلفة, إلا أنه, في كل الأحوال, يدوس على السيادة الوطنية لكل من سورية والعراق, لأنه يُخَوِلُ القوى العظمى التدخل في كلا البلدين, طالما أنها تدعي مكافحة داعش.
من المؤكد أن هذا القرار يهدف إلى تحرير شمال سورية والموصل من داعش, لكن ليس لإعادتهما لكل من سورية والعراق, بل لإعلان تأسيس دولة كردية مستقلة, في حين ينبغي على داعش أن تكتفي بالاحتفاظ بالأنبار.
روسيا لم تعترض على القرار, وصوتت عليه. وهي, على مايبدو, تأمل في الوقت الحالي, الاستفادة من المخطط الفرنسي-الإسرائيلي الساعي لإخراج داعش من سورية, دون أن تقبل بالضرورة بدولة كردية مزيفة.
إنشاء دولة بهذا الشكل, ليس لها أي شرعية في القانون الدولي. فهي تعيد فتح قضية حقوق الأقليات التي طُرحت في الماضي, عبر إنشاء دولة كوسوفو من قبل حلف شمال الأطلسي. لأنها تتيح بحكم الأمر الواقع, لكل جماعة عرقية, أيا كان وضعها السياسي, أن تطالب بدولة مستقلة. مما يعني, كنتيجة لذلك, انحلال معظم دول العالم-بما فيها فرنسا- وانتصار "العولمة".
إطلاق حرب جديدة في سورية والعراق في آن واحد, لخلق دولة تتيح لإسرائيل وضع العرب الذين يقاومونها بين فكي كماشة, هو مشروع قديم لتل أبيب, بدأت بتنفيذه مع إنشاء دولة جنوب السودان عام 2012, وتأمل باختتامه عبر إنشاء دولة كردية مزيفة عام 2016.
حينذاك سيتم تحييد مصر, وسورية, والعراق, من الخلف.
في حال تحقق ذلك, فلن يتردد بنيامين نتنياهو بإطلاق العنان لحلم إسرائيل في أن تكون قوة عظمى تمتد من الفرات إلى النيل.
حين أقدمت عصابة البرزاني, في السابق, على ضم حقول نفط كركوك, دون أي رد فعل دولي, أقدت على ضم جبل سنجار إليها. ولم تر وسائل الإعلام الأطلسية, من كل ماجرى, إلا اندحار داعش.
في ذلك الوقت, كانت "القوى الديمقراطية ", عملاء فرنسا وإسرائيل, تحاول "كردنة" شمال سورية بالقوة, بينما ينتظر أردوغان من جهته بفارغ الصبر, قيام تلك الدولة الدمية, كي ينفي حزب العمال الكردستاني إليها.
للمرة الأولى منذ بداية الأزمة, تظهر فرنسا وهي تناور منفردة, وحليفة بشكل واضح لإسرائيل.
إذا علمنا بأن دولة كردستان المزعومة, والدولة الإسلامية اللتان يٌزعمٌ تسميتهما بالدولة السنية, موجودتان كلاهما على خارطة روبن رايت, التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في أيلول 2013, يحق لنا أن نتساءل ما إذا كانت داعش, منذ البداية مشروع فرنسي – إسرائيلي مشترك.!