استدعاء المجموعة الدولية لدعم سورية يومي 11 و12 شباط-فبراير الجاري 2016 في مدينة ميونخ، مكًن البيت الأبيض من استعادة السيطرة على "مناوئيه"، وبالتحديد جيفري فيلتمان، الرئيس السياسي لمنظمة الأمم المتحدة. ونظرا لعدم مقدرته على إقالته من منصبه، اكتفى الرئيس أوباما بتحجيمه كمسئول دولي رفيع المستوى، عبر دفع كيري ولافروف للإعلان عن عزمهما الإشراف معا على متابعة مفاوضات جنيف3.
إذا تأكدت هذه المسألة بالفعل، فإن المتآمرين الذين لايزالون يرعون الحرب على سورية، سيفقدون امتيازهم الدبلوماسي، بعد أن فقدوا تفوقهم العسكري.
المجموعة الدولية لدعم سورية متفقة على تطبيق "بيان جنيف" ( هذا يعني تماما تطبيق خطة الرئيس بشار الأسد التي استكملها كوفي عنان)، وفقا لأحكام القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن.
نصً البيان الختامي على تطبيق- خلال مهلة أسبوع- حرية انسياب المساعدات الإنسانية، التي رفضتها "المعارضة" منفردة، و"وقف الأعمال العدائية" كشرط سابق "لوقف إطلاق النار". تم إنشاء قوة عملياتية لكل واحد من هذين الهدفين، وتم وضعهما تحت قيادة أمريكية-روسية مشتركة, بالإضافة لمساهمة دول أخرى قادرة على ممارسة الضغط على الأطراف المتحاربة.
فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، فقد اتفقت "المجموعة الدولية لدعم سورية" على توصيلها في غضون أسبوع، لسبع مناطق تم تحديدها بالاسم، إما عبر الإسقاط جوا من الطائرات، أو عبر النقل البري. كما شدد البيان الختامي على أن تبذل روسيا والولايات المتحدة كل ما بوسعهما "لضمان استخدام قوافل المساعدات هذه، فقط لأغراض إنسانية".
من المعروف لنا جميعا أن جيفري فيلتمان يستخدم منذ شهر تموز-يوليو 2012 قوافل الأمم المتحدة، ليس فقط لتزويد "مناطق المسلحين" بالمؤن والدواء، بل وبالأسلحة أيضاً. لم تعترف القوى الكبرى يوما بهذه المعلومات، التي ظهرت فجأة في هذه الوثيقة.
مصطلح " وقف الأعمال العدائية" يبدو مرادفا "لوقف إطلاق النار". مع ذلك، فهو ينطبق أيضا على روسيا، دون أن يكون له أية تبعات قانونية.
باعتمادها البيان الختامي، تعهدت روسيا بعدم قصف أهداف لمجموعات أخرى مسلحة غير مدرجة على لائحة "الإرهاب" من قبل مجلس الأمن.
بيد أنه خلال المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية الولايات المتحدة، وروسيا الذي انعقد عقب اجتماع ميونخ، أكد سيرغي لافروف أن "أحرار الشام" و "جيش الإسلام" سبق وأن أعلنتا صراحة عن انتمائهما للجماعات الإرهابية المصنفة من قبل مجلس الأمن.
أحرار الشام الممولة من قبل تركيا وقطر، لديها مدربين عسكريين باكستانيين، ولاتخفي علاقاتها مع طالبان أفغانستان.
أما جيش الإسلام، الذي تموله السعودية، فلديه هو أيضا، مدربين عسكريين من القوات البريطانية الجوية الخاصة، وضباط من " أكاديمي"، ويفتخر عناصره بتمثل قيم أسامة بن لادن، وبتعاونهم مع تنظيم القاعدة.
فضلا عن ذلك، مؤسس جيش الإسلام زهران علوش، سبق وأن صرح علنا عن رغبته في "تنظيف" البلد، داعياً بوضوح إلى إبادة جميع " العلويين " على أساس ديني فقط.
لايبدو أن التعهد الذي التزمت به موسكو سيغير شيئا من عملها على الأرض، بل على العكس من ذلك- وعلى الرغم من مناشدة الرئيس باراك أوباما القطعية "بتغيير الأهداف"- فقد اعترف البيان الختامي لاجتماع ميونخ بشرعية أعمالها على الأرض.