ماهي المعايير التي تم بموجبها اختيار القادة الأربعة الرئيسيين للاتحاد الأوروبي؟
أن يكون موالياً لحلف شمال الأطلسي أولاً، وأن يكون ملفه الشخصي زاخراً بأشياء مشينة تسمح بابتزازه في أي لحظة يتزعزع فيها إيمانه بحلف شمال الأطلسي، ثانياً
أن يكون المرء أطلسياً، أمر بديهي لأي مسؤول أوروبي منذ التوقيع على معاهدة ماستريخت، وما تبعها، التي تنص جميعها على أن الدفاع عن الاتحاد يضمنه حلف الناتو، أي التحالف العسكري المناهض لروسيا.
وهكذا نشرت الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين، بمناسبة اختيارها في بداية العام مقالة في صحيفة نيويورك تايمز، أشادت فيه بحلف شمال الأطلسي الذي يتولى "الدفاع عن النظام العالمي".
أما فيما يخص الرئيسة الجديدة القادمة للبنك الدولي، الأطلسية كريستين لاغارد، فهي ليست بحاجة لإثبات أطلسيتها لأنها بدأت حياتها المهنية كمساعد برلماني في الكونغرس الأمريكي، ثم أصبحت ضمن لوبي مجمع الصناعات الحربية الأمريكي في مواجهة مايعادله في بلدها فرنسا.
وهي، وليس غيرها جنباً إلى جنب مع زبيغينو بريجنسكي، من أقنع بولندا بشراء أسلحة بوينغ ولوكهيد مارتن، بدلاً من إيرباص، وداسو الفرنسيتين
والرئيس المقبل لمجلس رؤساء الدول والحكومات الأوروبية، تشارلز ميشيل، هو رئيس وزراء البلد المضيف لحلف الناتو، الذي سيتقلد هذا المنصب بتزكية من والده لوي ميشيل، المفوض الأوروبي السابق للتعاون الدولي، والمساعدة الإنسانية والاستجابة للأزمات.
أما الممثل السامي الجديد للسياسة الخارجية، جوزيف بوريل، فهو كيبوتسي سابق في "غال أون "(صحراء النقب) ثم رئيساً للبرلمان الأوروبي، ومدافع صنديد عن مبدأ تبعية الاتحاد الأوروبي لحلف شمال الأطلسي.
وبطبيعة الحال، فقد وجهت الدعوة للفائزين الأربعة لحضور اجتماعات مجموعة بيلدربيرغ، أي نادي الناتو. بيد أن جوزيف بوريل لم يتمكن من حضور تلك الاجتماعات الشهر الماضي، لأن رئيس وزراء بلده لم يأذن له بالمشاركة.
وعلى الرغم من ثقة الولايات المتحدة بمستخدميها، إلا أنها تفضل دائماً الإمساك بوسيلة ضغط تمكنها من إرجاعهم إلى جادة الصواب في حال راودت أياً منهم فكرة خدمة مواطني بلده.
يجري تحقيق قضائي الآن حول إدارة شؤون وزارة الدفاع الألمانية بأمر من أورسولا فون دير لين، وعلى الرغم من أن الجيش الألماني غير مجهز بالقدر الكافي، إلا أن التجاوزات الهائلة في العديد من عروض الصفقات، فتح الباب على مصراعيه لإجراء تحقيق من قبل شركة تدقيق محاسبة لكنها وجدت في نهاية المطاف أن التفسيرات المقدمة من الحكومة، كانت مرضية.
بيد أن اكتشافاً مذهلا ظهر فيما بعد حين تبين أن نجل تلك المرأة الارستقراطية كان يتحكم بأجهزة المراقبة داخل مكتب شركة تدقيق المحاسبة، الأمر الذي استدعى إبلاغ النيابة العامة بذلك، لكن القانون في "دولة القانون" الألمانية يمنح المستشارة سلطة إيقاف التحقيقات القضائية بحق أعضاء حكومتها.
مثال آخر..
حكم على كريستين لاغارد بتهمة "الإهمال" من قبل محكمة العدل للجمهورية الفرنسية، لكنها أُعفيت من العقوبة. فقررت رفع دعوى "نزاع مالي" بصفتها وزيرة سابقة ضد أحد المصارف الحكومية أمام محكمة تحكيم، وليس أمام المحاكم العادية. فصدر الحكم بإلقاء اللوم على الدولة، ومنح الوزيرة السابقة الحق.
وكان ينبغي ألا يحدث مثل هذا الأمر أبداً.
وأخيراً، سوف تكون رواتب ثلاثة من هؤلاء المسؤولين الأربعة الكبار أضعاف راتب الرئيس الفرنسي. وهي ليست بالتأكيد مكافأة على صفاتهم الاستثنائية، بل للاطمئنان إلى أنهم سيوظفونها في خدمة أسيادهم.
هذا هو بالضبط ثمن خيانتهم.