ثلاثة أعوام مضت على أحداث سبتمبر، و الإعلام و الرأي الأمريكي و البريطاني و الإسرائيلي يرددون نفس الطبعة الرسمية للأحداث. حتى في فرنسا، الصحف الكبيرة تردد نفس الرؤية، و لكن الرأي العام لا يقتنع بذلك، ثمة نسبة كبيرة من الناس يرفضون التصديق. في باقي الدول الأوروبية، في أمريكا اللاتينية و في العالم الإسلامي، يبقى الشك هو الغالب. على سبيل المثال، في إسبانيا أكثر الكتب توزيعا تؤكد أنه لم تكن هنالك أية طائرة سقطت على مبنى البنتاجون، و الحال أن يومية " ألموندو" فقد نشرت ترجمة كتاب " الخدعة الرهيبة".
ثلاثة أعوام انقضت منذ الأحداث التي دمرت المبنيين التجاريين في نيويورك، اعتداء بواسطة طائرة خلفت 3000 ضحية. "الترجمة الرسمية " الأمريكية ربطت بسرعة العملية بأسامة بن لادن و لتنظيمه القاعدة، من دون أي تحقيق رسمي أو حكومي يثبت قطعا تورط هذا الأخير في الأحداث، و من دون تقديم أدلة عامة للمواطنين. أمام الصمت المثير للقلق الذي تبديه الإدارة الأمريكية حينما يتعلق الأمر بتسليط الضوء على هذه الأحداث، نشر الصحفي والباحث الفرنسي، و رئيس شبكة فولتير، تيري ميسان كتابين في ظرف شهرين من بعد الأحداث، بعنوان " الخدعة الرهيبة، لم تسقط أي طائرة على البنتاجون
www.effroyable-imposture.net"،
و الكتاب الثاني
" البنتاغيت"
www.pentagate.info
والحال أن "تيري ميسان" تحول الى الشخص المشاكس بالنسبة للصحف الفرنسية، التي لم تسع الى نقده فحسب، بل ذهبت الى حد مهاجمته بحدة. الجدال بلغ ذروته، و النقد لم يأت من الصحف اليسارية فقط، بل من الصحف اليمينية، بمن فيهم الجريدة المعروفة " لوموند ديبلوماتيك" الذي هاجمت بشدة "تيري ميسان" عبر قلم الصحفي " سيرج حليمي". اليوم، برؤية جماعية أفضل، و بموجب الكثير من الحقائق و العناصر حول هذا الحدث المأساوي، بالإضافة الى أشياء جديدة جاءت لتكون مكملة للتحقيق الحر، و المستقل، العديد من المثقفين و من الصحفيين، و المفكرين، أكدوا أيضا أن " الصياغة الرسمية" لا تقول كل الحقيقة، و أكثر من هذا، فقد تم خداع و تطويق الرأي الدولي، بعدة أساليب. هذا التأكيد تم الاعتراف به أولا داخل الولايات الأمريكية، كما يوضحه ببساطة المخرج مايكل مور، مخرج " فاهرينهيت 9/11" : " لو قامت الصحف الأمريكية الشمالية بعملها، لم كنت معروفا الى هذا الحد."
الكتب الإسبانية
خلال عام 2003 وحده، تم صدور كتابين في إسبانيا لصحفيين أكدا أنه لم تنفجر أية طائرة على مبنى وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون)، وأن الأمر كان عبارة عن صاروخ. أول كتاب صدر بعنوان : Jefe Atta, el secreto de la Casa Blanca ( الكابتن عطا، سر البيت الأبيض)، عن منشورات " جانت و بلازا" بقلم الصحفية بيلار أوربانو. إن كان الكتاب لا يعد تحقيقا شاملا، إلا أن أبعاده المثيرة للاهتمام و الكاشفة للعديد من الأشياء، منها أن "بيلار أوربانو" عضو في هيئة " Opus Dei" المقربة سياسيا من اليسار الإسباني، و من الحكومة السابقة ل"خوزيه ماريا أزنار" و الذي أيد ذلك الاحتمال. بيلار أوربانو هي كاتبة المذكرات الرسمية لملوك إسبانيا، و صديقة السيد "تريللو" وزير الدفاع الأسبق في حكومة أزنار، و الذي ساند بقوة احتلال العراق من قبل الولايات الأمريكية.
كتاب Jefe Atta, el secreto de la Casa Blanca " الكابتن عطا، سر البيت الأبيض" يسرد علينا في 550 صفحة السيرة الذاتية لـ" المتطرف" محمد عطا، المقدم كقائد لإحدى الطائرات الانتحارية و قائدا للإرهابيين، قبل أن تعلن في 50 صفحة الأخيرة، بكثير من الوعي و بالأدلة أنه لم يكن هنالك أية طائرة انفجرت على مبنى البنتاجون، و أن الأمر كان عبارة عن صاروخ.
عناصر جديدة من التحقيق
الكتاب الثاني خرج في سبتمبر 2003، بعنوان" Historia de una infamia, las mentiras de la version oficial
"Corona Boralis"" للصحفي المستقل "مادريلان برونو كاردينوزا".
العمل الذي قام به "كاردينوزا" جدير بالاهتمام، لأنه يساعد على تسليط الضوء و على فهم أحداث سبتمبر 2001 و لو قليلا. مثلا، أن محمد عطا الذي قدم للناس على أساس انه المتطرف الديني الأكثر تعصبا، كان يعيش في مدينة ميامي، و كانت له علاقة مع :أماندا كيلي" امرأة شابة من أمريكا الشمالية كانت تعمل في عالم الدعارة، و الكباريهات المتخصصة في البغاء. شهود عيان و معارف المسماة " المرأة الشابة" أكدوا أنهم رأوا محمد عطا معها، يشرب الخمر، و يتناول المخدرات و حتى لحم الخنزير، و هي الأشياء المحرمة للمسلم المصلي. شهود عيان آخرون أكدوا أن عطا و كيلير كانا يتقاسمان شقة واحدة و كانا عاشقين. بعض الصحافيين الأمريكيين المستقلين العاملين في صحف محلية صغيرة في ميامي كتبوا ذلك أيضا، و لكن المعلومة لم تؤخذ بعين الاعتبار. لا أحد يعرف اليوم أين اختفت أماندا كيلي.
كاردينوزا اغتنم الفرصة و تحاور في عدة مرات مع المدربين الذين دربوا الطيار " محمد عطا". يتعلق الأمر ب" إيفان شيريفيللا" إسباني هاجر للولايات الأمريكية برغبة أن يكون له مستقبل كلاعب تنس محترف. و لكنه وجد نفسه مدربا في مجال الطيران. حين سأله "كاردينوزا" عن رأيه فيما يخص الأداء التقني الكبير الذي أظهره " عطا"، بمعني انه استطاع أن يحطم طائرة بوينغ على المبنى، قال له " شيريفيللا " أن الأمر مستحيل، لأن عطا حين غادر المدرسة لم تكن له المعلومات التقنية الضرورية للقيام بمعمل كهذا، بعبارة أخرى لم يكن عطا يعرف شيئا. يختم شيريفيللا" قائلا: "ربما سيكون الأمر معقولا ، لو أن عطا قاد الطائرة الانتحارية ثانية أو ثانيتين قبل أن تتحطم.
حاليا يعمل "شيريفيللا" طيارا في الشركة الإسبانية " ايبيريا" و على الرغم من إقامته الطويلة في الولايات الأمريكية من دون أن يرتكب أدنى مخالفة، إلا أن السلطات الأمريكية منعته من الدخول الى أراضيها. بالفعل، فإن " شيريفيللا " يعد شاهدا مزعجا إزاء " الصياغة الرسمية" للأحداث.. الكتاب يشرح لنا، من بين الكثير من الأشياء، أن أجهزة رصد الزلازل في نيويورك كشفت ـ الأدلة موجودة ـ العديد من الهزات الأرضية التي سجلت على الجانب السطحي للأرض و في مركز المبنيين التوأمين و ثواني قليلة قبل انهيارهما، تم تسجيل هزات لا علاقة لها بالصدمة و لا مع قوة الطائرة و لا مع انهيار المبنيين. زيادة على ذلك فإن الأمور تبدو واضحة بالنسبة للخبراء و الأخصائيين: الهزتان الأخيرتان تشبهان هزات أرضية سطحية، بينما الهزات الأخرى لم تكن كذلك. التحقيق الذي قام به "كاردينوزا" عبارة عن منجم من المعلومات الجادة و الموضوعية. و التعليق على كل الحقائق التي جاءت في ذلك الكتاب المهم، يبدو مستحيلا في هذا المقال القصير.
و ماذا لو أنه فعلا لم تتحطم أية طائرة على البنتاجون و أن صاروخا هو الذي دمر تلك الطوابق الحكومية، السؤال الذي يطرحه العالم ثلاثة أعوام من بعد هو: أين اختفت الطائرة و الركاب إذن؟
حوار قصير مع "برونو كاردينوزا"
كيف جاءتك فكرة هذا الكتاب؟
و أنا أتفحص المعلومات و التحليلات الصادرة في الصحف، و أمام المعلومات التي توفرت اكتشفت أن ثمة الكثير من التناقضات، الصور لم توضح أية طائرة، و كان ثمة العمل الجبار الذي قام به " تيري ميسان"، كل هذا أعطاني الرغبة في القيام بتحقيق أكثر و أعمق و البحث لأجل الوصول الى معلومات جديدة.
كيف تلقت الصحف الإسبانية و الرأي العام كتابك حول 11 سبتمبر، بالخصوص أمام تأكيدك بأنه لم تتحطم أية طائرة على مبنى البنتاجون؟
تلقوه بشكل رائع، لأن الجمهور مثل الصحافة لا تصدق الصياغة الرسمية للأحداث. ثلاثة من أربعة أكبر الصحف اليومية الوطنية كتبوا عنه. تلقيت عبر البريد الالكتروني العديد من رسائل المساندة و التأييد و التهاني.
لم يكن هنالك نقد؟
بلى. و لكن النقد جاء من جهات محدودة من اليسار المتطرف. كانت ثمة العديد من الصحف العامة و اليوميات الجهوية و المستقلة التي تناولت الكتاب، و لكنها لم تنتقص من قيمته، بل على العكس. الأسبوعيات الإعلامية السياسية ذات السمعة الكبيرة مثل "ألتومبو" كتبوا قراءات نقدية رائعة للكتاب. و لكن يجب توضيح أن الصحافة الإسبانية دخلت دائما في حالة من الرقابة الذاتية، لأنها تخشى الخروج عن المألوف.