أدت كونداليسا رايس اليمين كسكرتيرة الدولة في الولايات الأمريكية. إنها المرأة السوداء الأولى التي تصل إلى هذا المنصب. شخصية مثقفة و لامعة، خاضت حياة مهنية في الجامعة، في مجال البترول و السياسة. الأخت المتبناة لمادلين أولبرايت، أرادت دوما طمأنة أوساط " WASP " بمعارضة شديدة لمطالب الأقلية السوفييتية، مختصة في " منع الانتشار" الروسي، حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
تعد كونداليسا رايس نتاجا محيضا ل"الحلم الأمريكي". ولدت في الولايات الأمريكية، في بلد يعيش فيه حوالي 10% من السكان السود تحت الوصاية القانونية ( تحت الاعتقال، في إطار حريةٍ مراقبة، أو حرية مشروطة)، استطاعت التسلل إلى أعلى جهاز في الدولة، بوصولها سنة 2001 كأول ممثلة للسود لترأس مجلس الأمن القومي " National Security Council "، في سن 46. صارت من وقتها أول امرأة سوداء التي وصلت إلى منصب سكرتير الدولة. هذا الارتقاء الذي يذكر بارتقاء آخر، ذلك الذي حظي به سابقها، الجنرال كولن باول. الوظائف السياسية لهذين الشخصيتين والمتجذرة من المجمع الذي يسمى " الأفرو/ أمريكي" لا يمكن وضعهما في نفس البعد.
طفولة " الجنوب"
ولدت كونداليسا رايس في 1 نوفمبر1954 في برمينغهام، ألاباما، مدينة جنوبية صغيرة في الولايات الأمريكية. عام 1963، تعرضت كنسية الحي، التي يرتادها المصلون السود بالخصوص، إلى هجوم عدواني عنصري قاده أعضاء من " Ku Klux Klan " المحليين. القنبلة التي وضعوها في قبو الكنيسة تسببت في مقتل طفلة كانت صديقة كونداليسا رايس، دونيس ماكنير. هذا المشهد بقي شهيرا في تاريخ تحرير الأقلية السوداء تحت اسم " بيرمينغهام صنداي".
من خصم هذه التجربة القديمة، قالت المستشارة السابقة للأمن القومي لجورج دابليو بوش أنها استخلصت بعض الدروس. بالخصوص في طريقة تناول الإرهاب: " إن عرفتم الإرهاب المنزلي، فستعرفون أنه لا يخدم أية قضية... لأن الشيء الوحيد الذي يستهدفه هو وضع حد إلى المحادثة" [1]. رافضة ضمنيا مكتسبات " التمييز الايجابي"، أدركت في تلك الفترة أيضا أهمية البقاء" " متألقة مرتين" عن تلك التي ليس لها صلة مع الأقلية.
جوزيف كوربل " الأب"
في سن 15، التحقت بكلية "دانفر" لمواصلة تعليمها الموسيقي، بأمل أن تصبح عازفة بيانو محترفة. بيد أن الشابة كونداليسا لم يكن لها مستوى بقية التلاميذ الموهوبين الذين يحيطون بها، فقررت تغيير التخصص. عندئذ التقت بالبروفيسور "جوزيف كوربل" الذي ضمها إلى العلاقات الدولية و شجعها على دراسة " تختص في الاتحاد السوفييتي".
تحت تأثيره، تحصلت على ما يساوي بكالوريوس (bachelor degree ) في العلوم السياسية " cum laude ". تم ترشيحها من قبل جمعية " Phi Beta Kappa " الشهيرة، واحدة من أقدم الجمعيات الجامعية التي تضم في صفوفها "إسحاق أسيموف"، فرنسيس فورد كوبولا، جورج دابليو بوش، بيل كلينتون، و أيضا هنري كيسنجر [2]. سنة من بعد، في عام 1975، حصلت على الأستاذية من كلية "نوتر دام"، ثم أنجزت أطروحتها في " Graduate School of International Studies " من جامعة دانفر، في سنة 1981 دائما مع جوزيف كوربل.
هذا الأخير لعب دورا معتبرا في تشكيل كونداليسا رايس. حياته تشبه منفى طويل. من اصل تشيكي، هرب من بلده لأول مرة في سنة 1939 بعد وصول الفرق النازية إلى براغ. لجأ في لندن، و عمل كمستشار للرئيس التشيكي في المنفى، ادوارد بينس. عندما عاد السلام، عاد إلى تشكوسلوفاكيا أين عين لفترة سفيرا في يوغسلافيا. الاستحواذ على السلطة من قبل الشيوعيين بقيادة "تيتو" سارع في رحيله، هذه المرة إلى الولايات الأمريكية. صار مواطنا أمريكيا و أستاذا في العلاقات الدولية في جامعة دينفر، جوزيف كوربل لا ينتمي إلى المناهضين للشيوعية. دعى إلى التهدئة مع الاتحاد السوفييتي، في الوقت الذي كان يؤيد فيه التدخل الأمريكي في الفيتنام، إلى غاية هجوم "تيت" سنة 1968. دون أن يكون من المحافظين الجدد، يعد مقتنعا بالمهمة الحضارية للولايات الأمريكية و أهمية سد الخطر السوفييتي. استخرج إرثا تاريخيا بالنسبة ل" كونداليسا رايس"، التي قدمها ك"ابنته المتبناة" و التي أثر فيها هنري كيسنجر كثيرا. جوزيف كوربل كان له تأثير كبير في الحياة السياسية الدولية. في البداية، بواسطة ابنته، مدلين كوربل ـ أولبرايت، ثم عبر تلك الخاصة بابنته المتبناة " كونداليسا رايس".
المرحلة "الواقعية"
بعد أن أنهت أطروحتها حول العلاقات القائمة بين الجيش التشكوسلوفاكي و الاتحاد السوفييتي، و المسؤولين التشكوسلوفاكيين المدعومين من طرف السوفييت، صارت "كوندي" أستاذة في ستامفورد. كانت الجامعة محتكمة من قبل مناصري هنري كيسنجر، ومناصري الواقعية. كانوا يعتبرون العلاقات بين الدول يجب أن تكون وفق القوة و ليس وفق الأخلاق. تبنت كونداليسا رايس هذه النظرية من العالم، بإعطائها أولوية خاصة للوجاهة الأمريكية. بهذا، بعد أن صوتت لصالح جيمي كارتر في انتخابات 1976، و قامت بدورة تدريبية في مؤسسة الدولة، ساندت الجمهوري دونالد ريغان أمام " كارتر" نفسه سنة 1980، معاتبة الرئيس المنسحب بأنه كان ضعيفا إزاء الاتحاد السوفييتي. إنها على الأقل النسخة التي تدافع عنها اليوم. في تلك الحقبة، شاركت في نفس فريق المستشارين في السياسة الخارجية التي قادها "غاري هارت"، المرشح الديمقراطي [3]. بعد انتخاب الممثل الجمهوري للبيت الأبيض، بدت قاسية على "جاسبر وينبرغر"، سكرتيرها في الدفاع الذي كان يرتاد دائما مقر مؤسسة " Hoover Institute " في ستانفورد.
لم تنخرط في خطاب "دونالد ريغان" حول " إمبراطورية الشر" السوفييتية: " مثل معظم الأمريكيين، استمعت بشيء من التشاؤم لذلك التأكيد أثناء الحرب الباردة، و التي من خلالها كانت أمريكا " سراجا للديمقراطية" (...) أحيانا، كنت فيها محرجة [ من هذا الخطاب] لأن أمريكا على الأساس ديمقراطية جيدة." [4].
واعية على الأرجح ببقاء الجمهوريين في الحكم طويلا، ارتأت كونداليسا رايس تقاربا تدريجيا مع الأعضاء الأكثر" واقعية" في فرقة ريغان، بالخصوص برانت سكوكروفت. هذا الأخير تلقفها في سنة 1985، أثناء عشاء منظم من قبل جامعيين من ستانفورد المختصين في مراقبة التسلح. سنة من بعد، في عام 1986، التحقت بالبنتاجون لسنة واحدة إلى جانب رئيس أركان الحرب متعدد الأسلحة، الأميرال "ويليام ج.كروي"
[5]، لأجل تقديم تجربتها فيما يخص المسائل المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي النووي. انتهت تماما من كتاب شرحت فيه أن هيمنة الاتحاد السوفييتي على أوروبا الشرقية بدأ يكلف أكثر مما يعطي [6]. حسبها، إن كان الاتحاد السوفييتي مجتمعا تجاريا، فإن هذه الأخيرة ستسعى إلى التخلص من هذا القطاع الحيوي الباهظ الثمن بينما شرحت فيما بعد أن " لا احد يستطيع اقتراح بأن بوجود هذا، في إطار الخطط السوفييتية، و لا يهم الثمن الذي ستمثله أوروبا الشرقية. الدول و بالخصوص الدول القوية، لا تتصرف بهذه الطريقة."
أمام " إمبراطورية الشر"
تخلت كونداليسا رايس تدريجيا عن هذا الواقع الذي ولد من تكوينها الجامعي، شيئا فشيئا دخلت إلى الشبكات الدبلوماسية الأمريكية. في سنة 1986، كان دخولها في قلب إدارة ريغان في إطار شراكة مع "Council on Foreign Relations " التي صارت عضو فيها. كانت مسيرتها متبوعة بعناية من طرف برانت سكوكروفت. أدخلها إلى " Aspen Strategy Group" دبابة فكرية كان لها كمهمة أولية تكوين مسؤولين أمريكيين أكثر ثقافة. في تلك الفترة، كان موقف البيت الأبيض إزاء موسكو عنيفا و عدوانيا، فرقة ريغان ( بالخصوص جاسبير وينبرغر و مساعده ريتشارد بيرل) باقتناعهم أن الاتحاد السوفييتي لم يعد له الإمكانيات لمواصلة سياق التسلح و أن عصر جديد من الهيمنة يمكن فتحه للولايات الأمريكية إن استطاعوا الانسحاب من معاهدة مراقبة التسلح. استراتيجية صاغها دونالد ريغان أمام " Council on Foreign Relations " سنة 1980، و وضع قيد التنفيذ البرنامج المكلف ل" حرب النجوم". هذه السياسة استدعت معارضة "الأوفياء" ل"هنري كيسنجر" داخل إدارة ريغان، و بالخصوص برانت سكوكروفت، الذي صار " عرابا" سياسيا ل"رايس". بعد انتصار جورج بوش في الانتخابات الرئاسية، شغّلها في مجلس الأمن الدولي" National Security Council " بصفتها مساعدة مختصة في المسائل السوفييتية، في الوقت الذي كانت تحظى فيه بمجاملات دونيس روس المدير الجديد لفرقة التخطيط للإدارة. في منصبها الجديد، حددت السياسة الأمريكية الخارجية لإدارة بوش إزاء الاتحاد السوفييتي. قصدها واضح: يتعلق الأمر بالنسبة لواشنطن توثيق الروابط مع الحلف الأطلسي، التركيز على مراقبة التسلح و محاولة ربط العلاقات مع دول أوروبا الشرقية، قبل أي محاولة للتقارب مع ميخائيل غورباتشوف. بصفتها مختصة في هذه المنطقة و بالخصوص في تشيكوسلوفاكيا، فهي التي كانت تترأس اجتماعات " NSC " حول أوروبا الشرقية، بينما كان الحوار المكرس لروسيا مدارا من قبل "روبرت غات". تم استفاضتها أيضا في " كنيبوتكبورت"، مقر عائلة بوش في "مين "، ضمن مجموعة من المختصين في شؤون الاتحاد السوفييتي، جاءوا لتقديم مطالعة دقيقة للرئيس المنتخب حديثا [7].
" تسيير" إيلتسين
صارت عضو في مجلس الأمن القومي للشؤون السوفييتي في إدارة جورج بوش، قامت رايس برحلة إلى أوروبا الشرقية، و إلى الاتحاد السوفييتي في سنتي1989.1990. عادت لتؤكد أن أمريكا على الرغم من عيوبها، فهي فعلا منارة للديمقراطية. شيئا فشيئا صارت سياسة واشنطن أكثر عدوانية إزاء موسكو، صعدت رايس درجات الجهاز الدبلوماسي. في سبتمبر 1989، بينما كانت تعمل تحت أوامر "روبرت بلاكويل"، مدير حظيرة الشؤون الأوروبية و السوفييتية في " NSC "، كلفت المرأة الشابة ب" تسيير" بوريس إيلتسين أثناء زيارته إلى البيت الأبيض. هذا الأخير، المنتقد الكبير لميخائيل جورباتشوف، بدا مفضلا بالنسبة لواشنطن لأخذ زمام الأمور في الاتحاد السوفييتي بعد أن يتم الإطاحة بأمين الحزب الشيوعي. و الحال أنه يجب الاعتراف بحدة طبع غورباتشوف و كونداليسا رايس مجبرة على الشرح لـ"بوريس إيلتسين" أن الرئيس الأمريكي لن يستقبله في المكتب البيضاوي. استطاعت أن تقف في وجه الرجل السياسي الروسي، و جعلته يقبل بمجرد لقاء مع "برانت شكووكروفت"، ثم التحق بها جورج بوش أخيرا. فيما بعد، لم تتدخل قط تقريبا في الحوارات الداخلية لإدارة بوش الهادفة إلى اختيار الوقت المناسب لمساندة إيلتسين ضد غورباتشوف. معظم المحركين في تلك الفترة حافظوا جميعهم على الاعتقاد أن كونداليسا رايس كانت " إلى جانبهم"، مهما كانت المواقف التي يدافعون عنها. و هو ما يدل على الدهاء الكبير من قبل رئيسة الدبلوماسية الأمريكية القادمة. دهاء سرعان ما تم تزكيته: في مايو 1990، تم تعيينها مديرة حظيرة الشؤون الأوروبية و السوفييتية ل" NSC "، ثم مساعدة خاصة للرئيس في أغسطس.
مغامرة "شيفرون"
بداية 1991، بعد عامين قضتهما في " National Security Council "، غادرت كونداليسا رايس واشمطن. مع برانت سكروكروفت، فكرت في ترشيح نفسها لمنصب سيناتور لمدينة كاليفورنيا، المنصب الشاغر بعد ترشح "بيت ويلسون" لمنصب حاكم كاليفورنيا. اصطدمت بعدد من العراقيل، تخلت عن الفكرة و التحقت بجامعة "ستانفورد" بقولها أنها تتمنى الدخول في منصب سيناتور خاص. اتصلت لهذا الغرض بسكرتير الدولة السابق جورج شولتز، عضو مؤسسة " Hoover Institution" في ستانفورد. هذا الأخير فتح لها أبواب المجلس الإداري لشافرون، أين يقيم هو نفسه. من هنا فصاعدا، صارت كونداليسا رايس مستحبة من قبل المؤسسة التجارية، استدعيت أيضا إلى الدخول في مجلس إدارة " Charles Schwab Corp "، " Transamerica Corp "، " Hewlett Packard "، المجلس الدولي ل" جي بي مورغان"، "Carnegie Endowment for International Peace " و " Rand Corporation "، لكنه منصبها داخل "شوفرون"، الذي جعلها رسميا خبيرة حول مسألة كازاخستان، تلك المسألة التي شغلتها بشكل خاص في العشرية التالية، إلى درجة أنه في سنة 1995، أعطت الشركة اسمها إلى أحد ناقلاتها البترولية. طوال تلك العشرية استطاعت الشركة أن تضاعف من أرباحها، بالخصوص بفضل نشاطاتها في كازاخستان، و في أنجولا، أين ضمنت أهم الإنتاج البترولي و الغازي. مداخليها تجاوزت 1.2 مليار دولار في سنة 1991 إلى 5.2 مليار في سنة 2000. في انجولا، كان الأمر يعني مساندة، أو بالأحرى مراقبة نظام " ادواردو دوس سانتوس" و حركته لأجل التحرير الشعبي لأنجولا (MLPA) من قبل الإدارة الأمريكية التي سمحت لشفرون بالحصول على مثل تلك الأرباح. انتخابات 1992، أبقت دوس سانتوس في السلطة على الرغم من احتجاجات أغلبية الملاحظين الدوليين، لكن نتائج الانتخابات أيدها طبعا السفير الأمريكي في البلاد، هرمان كوهين [8]، و الحال أنها تتابعت بحرب أهلية رهيبة عبرها وزع "دوس سانتوس" السلاح على الشعب ضد المتمردين من " UNITA " ل"جوزيف سافيمبي" الذين وصفوا بأنهم يشكلون " خطرا كبيرا على السياسة الخارجية الأمريكية" سواء من قبل بيل كلينتون أو جورج بوش في سبتمبر 2001. الإدارتان المتعاقبتان فرضتا عقوبات ضد " UNITA " في الوقت الذي كانت فيه مشاريع الاستثمار الخاصة بشوفرون تنتشر أكثر فأكثر.
كما هو الحال في العديد من الدول المنتجة، فإن الشركات الأجنبية تمنح التكنولوجيا التي هي عاملا أساسيا في حالة انجولا أو الحفر العميق للمياه في النصف الثاني من سنة 1990. بالمقابل، تنمح أنجولا للشركات المستوجبة نسبة من الإنتاج لسنوات عديدة، في الوقت الذي يتسبب ذلك في إثقال الديون بشكل كبير. و هو ما يسمح بضمان دعمها للسياسة الأمريكية.إن لم يكن الدور المحدد كونداليسا رايس في هذا الإطار داخل المجلس الإداري في شفرون موثقا، وقطعا ليست خبرتها في الشؤون السوفييتية هي التي أوصلتها إلى ذلك المنصب، إنما خبرتها في الإدارة و بالتالي إمكانياتها في التنسيق بين مصالح شيفرون و بين السياسة الخارجية للبلاد.
فيما يخص نشاط شيفرون في كازاخستان و التي من خلالها كانت الآنسة رايس المستشارة الرئيسية، صراعات المصالح مع وظائفها المقبلة كمستشارة للأمن القومي لا تشكل لغزا. الجمعية الاقتصادية لشيفرون مع الحكومة الكزخستانية الموقعة سنة 1993 تسمح للشركة بمضاعفة نشاطاتها في مجال خط الأنابيب، مع بناء مشروع يربط بين الأنبوب العملاق ل"تيجيز" إلى روسيا " نوفوروسييسك" ( البحر الأسود) الذي انتهى البناء فيه سنة 2001. لكنها الحكومة الروسية، بعد 50% كالنسبة في المشروع حصدت النسبة الأكبر، النسبة الخاصة بشيفرون لم تتجاوز 20%. بشكل متواز، تفاوض المبعوث الخاص للولايات الأمريكية إلى نظام طالبان الأفغاني، زلمان خليلزاد، على حقوق مرور أنبوب البترول منطلقا من كازاخستان، الموجه إلى تسيير البترول و الغاز نحو المحيط الهندي ملتفا حول مناطق النفوذ الروسية. هذه التفاوضات باءت بالفشل سنة 1998، حين أغار بيل كلينتون على مواقع أفغانية، الشركات بدأت إذن في التسابق على مركز طالبان الأول. السيد خليلزاد صار إذن موظفا في شركة " Rand Corporation " التي تشتغل فيها الآنسة رايس إدارية. بعد وصول جورج دابليو بوش إلى الحكم في يناير 2001، التحق خليلزاد بمجلس الأمن القومي، تحت أوامر كونداليسا رايس، لأجل تصفية قضية طالبان. استند في ذلك على المستشار السابق للشركة الأمريكية " Unocal "حميد خارزاي الذي فتح الطريق للمصالح الأمريكية في أفغانستان. شارل لويس، مؤسس "Center for Public Integrity " علق على تعيين كونداليسا رايس سنة 2001 كمستشارة للأمن القومي: " مصالحها البترولية المرقمة بالملايير من الدولارات مستثمرة في العالم كله.إذن، كيف يا للشيطان، يمكن رفض أرباح لشركة مثل شفرون؟ الأمر يمس صيرورة الإنكار و طريقة عملها. بأمانة، لا أرى كيف يمكنها أن تحتل منصب مستشارة الأمن القومي، و الانسحاب تماما، بنسبة 100% من المسائل المسطرة في شفرون. أعتقد فرضيا أنه من المستحيل بالنسبة إليها أن تمارسها مهامها بكل نزاهة." [9].
العودة إلى ستانفورد
بشكل مواز لنشاطاتها البترولية، واصلت الحياة الجامعية لكونداليسا رايس مجراها. في سنة 1993، عينت ناظرة لجامعة ستانفورد من قبل رئيس الجامعة " جرهارد جاسبر"، و هو ما سمح لها بأخذ المنصب الإداري الثاني الأهم في الجامعة و هي لا تتجاوز الثامنة و الثلاثين من العمر. كلفت بالإشراف على 10.000 موظف و ميزانية تقارب 1.5 مليار دولار. بقيت 6 سنوات في ذلك المنصب. في السنوات الثلاثة الأولى، استطاعت من تقليص الميزانية إلى 17 مليون دولار، بفضل إجراءات نشيطة. أظهرت رايس حركة نزاع جديدة غير مسبوقة بعد أن طردت مسؤولة كبيرة في جامعة ستانفورد معروفة بكونها "روح الجامعة"، مكسيكية مهاجرة، و هو شيء نادر على هذا المستوى الإداري. وعلى الرغم من الإضراب عن الطعام لعدد من التلاميذ ذو الأصل المكسيكي، لم تتراجع رايس عن قرارها. كما أنها مسحت بضربة مقلوبة باليد مجموعة الانتقادات التي تصاعدت من سلك الأساتذة حول المعدل الضعيف للنساء، و الممثلين للأقليات، سواء طلبة أو موظفين في الجامعة.
هذا مقطع من " العريضة ضد ترشح كونداليسا رايس كخطيبة لافتتاحية حفل توزيع الشهادات في ستانفورد عام 2002 " بخصوص نشاطاتها داخل الجامعة [10]:
عندما كنت ناظرة في جامعة ستانفورد ( 1993-1999)، فشلت كونداليسا رايس بشكل مستمر في حل المشاكل الخطيرة المتعلقة بممارسة القبول و توظيف الأقليات و النساء. الدكتورة رايس أضعفت أيضا العديد من البرامج و المجموعات داخل الحرم الجامعي، بالخصوص تلك التي تحاول الرد على آمال النساء و الأقليات، مثلا:
– الدكتورة رايس رفضت في العديد من المرات أن تمنح مناصب عمل لأساتذة نساء من الأقليات، مثيرة تفرقة في ستانفورد كواحدة من الجامعات الأقل اختلاطا من ضمن جامعات النخبة في الولايات الأمريكية. عندما غادرت الدكتورة رايس منصبها سنة 1999كناظرة ستانفورد كانت المنابر النسائية بنسبة 14%، أقل من المعدل الوطني البالغ 25% . الدكتورة رايس رفضت في العديد من المرات أن تمنح مناصب عمل لأساتذة نساء من الأقليات، مثيرة تفرقة في ستانفورد كواحدة ن الجامعات الأقل اختلاطا من ضمن جامعات النخبة في الولايات الأمريكية. عندما غادرت الدكتورة رايس منصبها سنة 1999كناظرة ستانفورد كانت المنابر النسائية بنسبة 14%، أقل من المعدل الوطني البالغ 25% [11].
– دفاعا عن سياسة التشغيل لستانفورد بتسجيل الشكاوى الجازمة ل15 أستاذة أوثقت ممارسات تمييزية. الإحصائيات المحرفة و الخادعة للدكتورة رايس ( أنظر إلى تقرير ستانفورد بتاريخ 17/06/1998 " الانحراف حول المعطيات المتعلقة بصلاحيات المنابر") متضمنة نواة الدفاع لستانفورد ضد تقرير الكليات النسائية الذي انتهى إلى شكوى جازمة موضوعة من قبل 15 أستاذا إلى وزارة العمل [12]
– أضعفت برنامجا لورشات عمل الطلبة حول المسألة السياسية و الاجتماعية (SWOPSI) الذي ساند عشرات الدروس التي أقامها التلاميذ، بعض تلك الدروس صارت شهيرة جدا إلى درجة إدماجها من قبل الأكاديمية. حجتها الجوفاء: " غياب المال".
– أمرت بدمج كل الجاليات العرقية في بناية واحدة (Old Union)، بوضعها عمليا مجموعة من " أشخاص ملونين" في الحرم الجامعي. وحدها مقاومة نقابة الطلبة السود منعت قرار تنفيذها، و هو ما أدى إلى وضعها في بناية آيلة للسقوط محاطة بالإسفلت بما جعل السقف يتلف إلى أن استفادوا أخيرا من إعانة مالية.
– فصلت من العمل سيسيليا بوسياغا، أقدم مهاجرة إسبانية في ستانفورد ( 25 سنة في الحرم الجامعي) و عضو دائم في " Casa Zapata ". بحجة تخفيضات في الميزانية. هذه البغضاء اتجاه الجالية العرقية في ستانفورد أثارت إضرابات عن الطعام سنة 1994.
– "تفاوضت" مع المضربين عن الطعام حول أربعة مطالب ـ و لا أحد تم الالتزام بها من قبل الجامعة ـ بصفتها ناظرة، الدكتورة رايس احتالت بكل التكتيكات الصغيرة و ناورت على دعم مالي رمزي خيالي لعرقلة أي اتفاق يمكن أن يقام بين المضربين عن العمل و إدارة الجامعة. تجاهل مكتبها سريا المطالب التي جاءت من عدة تقارير صاغها جامعيون حول مكانة النساء، و الأشخاص غير البيض من مجمع (community )مثليي الجنسية.
– رفضت قانونا إقليميا للدراسات الأفريقية و الأفرو/أمريكية، بالإضافة إلى برامج عرقية بارزة، مدعمة اقتراح مؤسسة دراسات مشابهة حول السلالة و العرق. هذه "التسوية" شهدت نهاية الأمل برؤية ستانفورد تستفيد من قانون إقليمي للدراسات العرقية الفردية، والأمر ينطبق أيضا على الاقتراحات ل" Old Union ". تعزيز المجهودات لتكريس التعليم و البحوث التي تعترف بالتحليل العرقي في ستانفورد. هذا حرمهم من قانون يحظى به العديد من الجامعات منها هارفارد و براتستون، و كان بالإمكان منحه لمؤسسات الدراسات العرقية.
– رفضت تناول مسألة الفشل في الجامعة و وجدت مديرا لمركز ستانفورد للبحوث الإسبانية (SCCR )، مضعفة إياها إلى درجة أن ستانفورد لم يجد "خيارا" سوى إرسال الباقي نحو معهد البحوث (CSRE ) المصدق عليه من قبل رايس.
– ألغت انتخابات سنة 1969 للمجلس الأكاديمي الذي وضع نهاية للاستعمال من قبل (ROTC) ( هيئة تدريس الضباط الاحتياطيين) تجهيزات ستانفورد ( بعد أن حرمت المدربين من قانون الجامعي) بتوقيع اتفاقية مع " ROTC " يعطيها الحق في استعمال تجهيزات ستانفورد و منحهم قروض للقيام بدروس حول الحرم الجامعي.
في تلك الفترة، بقيت كونداليسا رايس بعيدة عن الحياة السياسية و حتى عن عالم الأفكار. كتابها الذي كتبته بالتعاون مع " فليب زيليكوو" بمثابة احتفاء اتفاقي جدا للتحالف الناجح بين مارغريت تاتشر، فرانسوا ميتيران، هلموت كوهل، و جورج بوش لإسقاط جدار برلين [13]. بقيت صامتة حول العلاقات التي كان يخوضها الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون و الروسي بوريس إيلتسين.
زعيمة رجالات الانتخاب
حياتها السياسية لم تنته. في سنة 1996، بعد تأسيس " Congressionnal Policy Advisory Board " من قبل مارتن أندرسون، التحقت بصفوف هذه المجموعة من المسؤولين الجمهوريين المكلفين بصياغة برنامج لمرشحهم المقبل للانتخابات الرئاسية لسنة 2000. داخل فرقة مختصة في السياسة الخارجية، صاحبت "دونالد رامسفيلد"، "ديك تشيني"، " بول وولفويتز"، و أيضا صديقه "جورج شولتز"، و "جاسبر وينبرغر". في أغسطس 1998، نظمت أول لقاء مع محافظ التكساس جورج دابليو بوش في الإقامة العائلية في " "كينيبونكبورت"، للتطرق إلى الانتخابات المقبلة. في نفس الوقت الذي كان ينهار فيه الاقتصاد الروسي، هاجمت بقوة حكومة إيلتسين و الدعم الذي حظي به من طرف الديمقراطيين. حثت بانفصال الولايات الأمريكية عن الفدرالية الروسية و دعم المعارضة للحرب في الشيشان. هذا الكلام فسر من قبل العديد من الأخصائيين من روسيا بأنه نداء للعودة إلى استراتيجية الاحتواء (containment ). فيما بعد، كلفت من قبل جورج بوش بالاعتناء بهذا الجانب" السياسة الخارجية" للحملة الانتخابية القادمة. لهذا الغرض، ساندها بول وولفويتز، و إن كانت علاقتها المتميزة بالرئيس القادم تضمن لها رفعة معينة. في عام 1999، أقاما معا فريقا من المستشارين، يطلق عليه " Vulcains ". هذه الفرقة تضم " ريتشارد أرميتاج"، ريتشارد بيرل، ستيفان هادلي، روبرت بلاكويل و روبرت زوليك.
المغامرة تكللت بالنجاح. بكونها نجحت في تجاوز فاقة خطيرة في مجال المعرفة الجيو/استراتيجية، جورج دابليو بوش وصل إلى البيت البيض بتاريخ 20 يناير2001، بقرار من المحكمة العليا. الفلكانيون، في الصف الأول بمن فيهم كونداليسا رايس، ادمج في الإدارة الجديدة. على الأقل لخمس سنوات، صارت المرأة الأولى الممثلة للجالية الأمريكية السوداء لإدارة مجلس الأمن القومي.
ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: ياسمينة صالح جميع الحقوق محفوظة 2005©
[1] "A lesson from Condoleezza Rice " بقلم: ديريك ز.جاكسون. بوستون غلوب.20 نوفمبر2002.
[2] "Famous Members, Phi Beta Kappa Website "
[3] " Bushwomen - Tales of a Cynical Species " بقلم: لورا فلاندرس، فيرسو 2004.
[4] " Small Steps, Giant Leaps " بقلم كونداليسا رايس، in A Voice of Our Own, ed. Nancy M. Newman, Jossey-Bass ، 1996.
[5] الأميرال وليام ج.كروو خدم في الفيتنام و في الخليج، ثم قاد قوات التحالف في أوروبا الجنوبية من عام 1980 إلى 1983. صار فيما بعد قائد أركان الحرب للقوات المشتركة الأسلحة تحت إدارة رونالد ريغان و جورج بوش الأب. عضو في مجلس" Council on Foreign Relations " أين رأس مجموعة عمل في فبراير 2001 حول الطرق الإنذار من المخاطر الإرهابية التي تهدد الولايات الأمريكية. صار رئيسا لشركة " Bioport "، الشركة الصيدلية المكلفة " بإنتاج" و تجريب، و تعليب و تخزين اللقاء المضاد ل"الجمرة الخبيثة" أنظر " التسميم على طريقة الجمرة الخبيثة"، بقلم: بول لابريك، فولتير 10 مارس2004.
[6] " The Soviet Alliance System "بقلم: كونداليسا رايس، " in The Gorbachev Era "، بقلم ألكسندر دالين، و كونداليسا رايس، منشورات ستانفورد، 1986.
[7] " The Rise of the Vulcans " بقلم: جامس مان، منشورات فيكينغ، 2004. 172 صفحة.
[8] " Chevron oil and the Savimbi problem " بقلم: جامس ب.لوسييه لمجلة " mooniste Insight "، 29 أبريل 2002.
[9] اثناء تعيينها مستشارة للأمن القومي سنة 2001، أعلنت كونداليسا رايس أنها تملك 250.000 دولار كذخيرة في شفرون، بالإضافة إلى إيراد سنوي يفوق 550.000 دولار.
[10] يمكنكم تصفح النص الأصلي للعريضة على
الموزع لجامعة ستانفورد.
[11] أكثر المعلومات على " stanford report, CSF Guarsman و Stanford Magazine"
[12] أكثر المعلومات على موزع مجلس الجامعة " le serveur du conseil de la faculté".
[13] " Germany Unified and Europe Transformed - A Study in Statecraft " بقلم: " فيليب د.زليكو" و "كونداليسا رايس" منشورات هارفارد. 1995.