منحدرة من أسرة ضباط ساميين من اليمين المتطرف، أصبحت كارين هوغس أمينة سر بوش أيام كان محافظا، ثم مستشارته في الاتصالات لدى البيت الأبيض. صاغت الحملات التسممية لتبرير الهجمات على أفغانستان، ثم على العراق. اليوم تأخذ على عاتقها قطاع " الدعاية" في هيئة الدولة.
يوم 14 مارس2005، عين الرئيس جورج دابليو بوش، كارين هوغس
نائبة سكرتير الدولة للشؤون الدبلوماسية العامة. كان المنصب شاغرا منذ استقالة مارغريت ديب.توتفيلر، الصائفة الماضية. مصطلح " الدبلوماسية العامة" تعني في اللغة السياسية لواشنطن، عمليات التأثير على الرأي العام الدولي. في القواميس البريطانية، تعرف هذه العبارة كنظير لل" دعاية".
كارين هوغس، ابنة النقيب العام هارولد ر.بارفيت. ولدت عام 1956، بينما كان والدها متموقعا في باريس، أين قضى كل طفولته و شبابه داخل القواعد العسكرية الأمريكية. عام 1965، عين النقيب العام ملازما حاكما، ثم حاكما لمنطقة القناة في باناما ثم نائب رئيس " Canal Company ". عدا مرحلة 1968ـ75، التي شارك خلالها في حرب الفيتنام، ثم خدمته في البنتاجون، تقوقع داخل منطقة القناة إلى عودته إلى باناما بتاريخ 30 سبتمبر1979.
ترعرعت كارين هوغس داخل المخيم أين لم يكن ثمة قانونا للتطبيق، و لا حتى دستور الولايات الأمريكية، فقط إرادة والدها المحافظ. في جو كلونيالي، كانت ثمة تفرقة طبقية تقسم بشكل حازم بين " المشبهين بالذهب"، بمعنى العسكريين الأمريكيين، و أولئك المشبهين "بالفضة"، و هم الغاشية البانامية.
كانت تلك القاعدة تضم بالخصوص المدرسة الكارثة " School of Americas" التي كانت تستقطب عشرات الآلاف من العسكريين من أمريكا اللاتينية للتمرن على مكافحة الشيوعية [1] . علاوة على الدروس الأيديولوجية، كانت المدرسة تعطي دروسا في التعذيب. لم تكن الشابة كارين مسؤولية قطعا عن هذا النمط العنصري من الحياة بكل فظاعتها. كان بإمكانها التملص منها، و لكنها لم تفعل.
في السبعينات، استطاعت الجمعيات النسائية دفع عملية إصلاح دستوري لصالح المساواة في العمل. و بموجب هذه المعركة، لاحظت اللجنة الفدرالية للاتصال " Federal Communications Commission (FCC) " اللاتوازن الحاصل بين الرجال و النساء في التلفزيون. القنوات التلفزيونية بدت مجبرة على توظيف عدد من الصحفيات و دفع الرواتب المتخلفة للموظفات السابقات. تلك الرواتب التي كانت أقل من رواتب الرجال. هذه الفترة كانت فرصة سانحة بالنسبة للمرأة الشابة الطموحة، من دون أن يكون بالإمكان القول أن الحصول على مناصبهن بموجب أهلية أم لاحترام الكوتات. بهذا الشكل أصبحت كارين هوغس صحفية سمعية بصرية، مهنة لم تترك فيها ذكريات
[2] .
عام 1984، غيرت كارين هوغس جانب المسرح. التحقت بفرقة الحملة الانتخابية لكل من ريغان ـ بوش، بصفتها مكلفة بالاتصال، أين التقت ببوش "جونيور". بالنسبة للسيدة هوغس، فقد كانت هذه التجربة حاسمة: لقد وجدت طريقها، و لن تعود إلى الصحافة أبدا، مختارة الاتصال السياسي. بعد هذه الفترة أيضا، شاركت في العديد من الحملات الانتخابية المحلية إلى غاية عام 1992، السنة التي عينت فيها مديرة منفذة للحزب الجمهوري في التكساس. بطبيعة الحال، صارت الناطق الرسمي للمرشح جورج بوش جونيور في حاكمية الدولة. ثم فيما بعد، عملت بموازاة مع كارل روف: كانت مكلفة بعملية الاتصال، و كان "روف" مكلفا بعملية فبركة الضربات الموجعة المبطنة. هذا الثنائي استطاع أن ينجحا شخصا لم يكن باديا عليه الاستعداد لهذا النوع من الانتداب، ما عدا كون والده رئيسا سابقا للولايات الأمريكية. لأجل هذه الحملة الانتخابية استعملت، السيدة هوغس كل المبررات التي بدت لها ناجعة، أدانت التعيينات التي قام بها الحاكم المنسحب، اتهمت إدارته باللوطية و السحاقية. وقفت ضد الإجهاض. لعبت الدور نفسه بنفس النجاح، حين وصل بوش جونيور إلى البيت الأبيض. خمنت بدقة الأدوار التي يريد لعبها إلى درجة أنها استطاعت أن تجعله يرى فيها أنيسا.
صارت مسموعة جدا من قبل جورج دابليو بوش، إلى درجة أنها أصبحت تسير الاتصالات الرئاسية. في سبتمبر 2001، أقامت دقائق صمت لذكرى ضحايا الهجمات، ثم أسست مع الجمهوري جون رندون، مركزا للتحالف الإعلامي " Coalition Information Center " التي توصلت عبره إلى إقناع الرأي العام أن الولايات الأمريكية تحارب أفغانستان لإلقاء القبض على أسامة بن لادن و تقديمه إلى العدالة. في نفس الوقت، هي التي صاغت مكتب " Office of Global Communications " ( مكتب الاتصال الشامل)، الذي أشرنا إلى طريقة عمله عبر هذه الأعمدة حتى قبل أن يرسخ من قبل لجنة بوتلر
[3] .
مهما يكن، فقد غادرت البيت الأبيض رسميا في نهاية 2002 لتلتزم بحياتها الأسرية. هذا الابتعاد لم يمنعها من المشاركة كل أسبوع في اجتماعات " White House Iraq Group (WHIG) " و إعطاء نصائحها لإقناع الرأي العام أن الولايات الأمريكية تهاجم العراق لمصادرة أسلحة الدمار الشامل. هذه المسافة لم تمنعها أيضا من صياغة إعلام أزمة للبيت الأبيض حين نشر بول أونيل كتابا فتاكا عن للفرقة الرئاسية أو حين رفضت أسر ضحايا 11 سبتمبر أن تستغل صور الهجمات في الصور الإشهارية لإعادة انتخابه.
مسيطرة على كلماتها، على الرغم من عدوانيتها الطافحة، استطاعت أن كارين هوغس تصنع من نفسها خبيرة في عملية لمْ الانزلاقات الكلامية للرئيس، دون أن ترتكبها هي نفسها، ما عدا بعض التهور كقولها أن المناصرين للإجهاض أخطر من الإرهابيين.
تعيينها نائبة سكرتير الدولة للدبلوماسية العامة كانت مقترحة من قبل جامس باكر [4]، الذي كان يسيطر على ذلك المنصب و نصب فيما بعد عشيقته السابقة مارغريت ديب توتلويلر [5]، ادوارد دجرجيان، مدير معهد باكر، الكاتب لتقرير حول الدبلوماسية العامة قدم العديد من التعليقات لوسائل الإعلام: " يبقى الكثير يجب القيام به، عندما انهار الاتحاد السوفييتي اعتقدنا أن الحروب الأيديولوجية انتهت و قمنا بفك أدواتنا الاتصالية الدولية، متذاك، لم نفعل شيئا جيدا
[6] . أكد رجل الإعلان دافيد موري الذي كان حاضرا أثناء تعيينها " " تعد الحقيقة أهم دعاية في العالم، لهذا سيكون عم لها قول الحقيقة كدعاية، و القيام بذلك بمهارة، و أعتقد أنها ستستطيع إنجاز ذلك"
[7] .
ها نحن قد تلقينا التحذير إذن.
ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: ياسمينة صالح جميع الحقوق محفوظة 2005©
[1] أنظر الدليل الداخلي لمدرسة الأمريكتين. متوفرا في مكتبتنا الالكترونية.
[2] " BushWomen, Tales of a Cynical Species par Laura Flanders, Verso, 2004 "
[3] " الولايات الأمريكية و بريطانيا يقومان بدعاية مشتركة " بقلم تيري ميسان، فولتير، 21 يناير2003.
[4] "جامس باكر الثالث، صديقا وفيا"، فولتير، 16 ديسمبر2003.
[5] " بيع ديمقراطية السوق"، فولتير، 13 فبراير2004.
[6] Much needs to be done. When the Soviet Union collapsed, we thought the ideological wars were over and dismantled our international communications capability. Ever since, we really haven’t gotten it right ». Cité dans « Karen Hughes picked to polish U.S. image
[7] " Truth is the best propaganda around the world, so it will be her job to tell the truth as propaganda, and do that in a very skillful way, and I think she’ll do that " مذكور في " Hughes Is Picked for Image Job » par Paul Richter, Los Angeles Times, 15 mars 2005.