تتخوف بعض المراكز السياسية والأبحاث الإستراتيجية الأوربية أن تكون موجة الاغتيالات المتلاحقة في لبنان وما يجري حاليا في العراق من فرز طائفي وأثني بين السنية والشيعة والأكراد إشارة إلى بدء العد العكسي لتنفيذ الخارطة الجيوسياسية التي تقدمت بها المنظمة الصهيونية العالمية إلى مؤتمر السلام في فرساي في العام 1919،
والتي تتخلص في ضرورة العمل على إثارة الانقسامات الأثنية والمذهبية وتفتيت الكيانات السياسية القائمة بدءاً من لبنان ومروراً بسوريا والعراق ومصر والسودان والأردن الذي سيتحول إلى دولة فلسطينية قابلة للوجود بعد أن تنتقل إليه غالبية السكان الذي من المناطق المحتلة.
ويتداول المراقبون في المراكز الأوربية المختصة في ملف الشرق الأوسط نص مشروع يتمحور حول مستقبل إسرائيل في العام 2020 أعده أكثر من 250 من الباحثين والأكاديميين والعسكريين والاقتصاديين والسياسيين من اليهود.
وبحسب معدي هذا التصور إن الضمان الوحيد للأمن القومي الإسرائيلي لن يتحقق الا من خلال إيجاد إسرائيل " فراغ أمني "من حولها لتملأه بقوتها العسكرية ، وهذا يتطلب إقامة كيانات طائفية تتحكم بالعلاقة فيما بينها بحالة “إلا قوة الأعداء” بحيث ينحصر هموم ومشاغل قادتها بالتناحر بين بعضهم البعض مما يدفع الكيان الأضعف منها إلى طلب معونة “الأخت الكبرى” إسرائيل التي عليها البقاء على مسافة واحدة من الجميع العدو للجميع!
ويحدد الباحثون الاستراتيجيون اليهود المجال الحيوي للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي بأنه يصل إلى الأطراف الجنوبية من الاتحاد السوفياتي سابقاً. والصين شرقاً وإفريقيا الوسطى جنوباً والمغرب العربي غرباً ، فهذا المجال الحيوي هو عبارة عن مجموعات قومية ،اثنيه ومذهبية متناحرة.
ففي باكستان شعب “البلوش” والأقلية السنية وفي إيران يتنازع على السلطة كل من الشيعة والبهائين والأكراد وفي تركيا هناك الأكراد والمسألة الأرمنية والأقلية العربية . أما العراق فمشكلاته تندرج في الصراع الدموي بين السنة والشيعة والأكراد في حين أن سوريا تواجه مشكلة طائفية وأثنية ، ولبنان مقسوم إلى عدد من الطوائف المتناحرة ، وان المعطيات الأساسية التي تسببت في الحرب الأهلية عام 1975 لم تتغير. فلبنان سيبقى دولة ثنائية القومية وثنائية الدين وثنائية الطائفة ومن ناحية ميزان القوى الداخلي فإنه ما يزال في طريق مسدود . وحتى وان ظهر الآن نتيجة صدمة اغتيال الحريري تكتل وطني في لبنان .فانه من المستبعد أن يكون عودة إلى وضع تعايش إيجابي بين الطائفتين الإسلامية والأقلية المسيحية .
أما هالة مصر زعيمة العالم العربي فقد ماتت منذ زمن أصبحت اليوم جثة هامدة . وتقسيمها إلى مقاطعات جغرافية واضحة المعالم بات من السهل تحقيقها وستلقى ليبيا والسودان المصير نفسه ، من الشرذمة ، ويجب إقامة دولة قبطية في مصر العليا “الصعيد” ود ويلات أخرى إقليمية قليلة الأهمية... إن تقسيم لبنان إلى /5/ مقاطعات فيدرالية أو كيانات سياسية مستقلة يعطي الصورة المسبقة لما سيحدث في مجمل العالم العربي ، وإن تجزئة سوريا والعراق إلى مناطق مهددة على قاعدة المقاييس العرقية والدينية يجب أن تكون هدفاً أولياً قريب المدى بالنسبة إلى إسرائيل. وتتلخص المرحلة الأولى بإثارة النعرات الطائفية والأثنية تم تشجيع الأقليات على المطالبة بحقوقها المشروعة .على أن يلي ذلك التبني الواضح وبدعم من الدول الغربية الراغبة في إرساء الديمقراطية في المنطقة والموافقة على تطلعات الشعوب بتقرير مصيرها . إقامة أنظمة فيدرالية أو حكم ذاتي لكل من هذه المجموعات الأثنية والطائفية مما يؤدي إلى قيام كيان شيعي على طول الساحل السوري وآخر سني في منطقة حلب وفي دمشق إضافة إلى كيان درزي في حوران وشمال الأردن ... أما مستقبل العراق فبدأ يرتسم بما يتناسب مع السيناريو الإسرائيلي الشامل .
وتوصي الخطة التي وضعها العلماء اليهود بأن ينفذ ساسة تل أبيب جميع بنودها حسب التوقيت المحدد وعلى مراحل زمنية متعاقبة على أن يتم ربط كل بند بالآخر مع إمكانية تعديل بعض البنود وفقا" لحدوث نتائج أخرى غير التي توقعها الباحثون المشرفون على السيناريو .
ويقول البروفسور الإسرائيلي آدم مزور المشرف الأول على السيناريو:«إن البنود التي خرجنا بها حول الصورة المرغوبة للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي في الأعوام المقبلة تتطلب منا استغلال كل الظروف الراهنة والضعف العربي المستشري بالأرض لاستغلال الوجود الأميركي في المنطقة لتحقيق ما تصبو إليه الدولة العبرية» .