على الرغم من التأكيدات الأميركية بأن سوريا ليست العراق, وأنها لن تتبع ذات الوسائل في التعاطي معها, إلا أنه ولغاية الآن, تبدو إدارة بوش كأنها تريد إعادة تنفيذ السيناريو ذاته, من حيث اقتحام المشهد السوري من باب سوق التهم, وفرض سياسة العزل الدولي, ومن ثم العقوبات الاقتصادية, والأهم محاولة فبركة معارضة سورية خارجية على مقاس المصالح الأميركية. فهل تنجح المساعي الأميركية في فرض هكذا «معارضة» تغنيها عن الاعتراف والتعاون مع المعارضة السورية في الداخل والخارج الرافضة للمشروع الأميركي في المنطقة؟
أكد أكثر من مصدر, أن فريد الغادري زعيم حزب الإصلاح الذي تأسس بعد أحداث 11 أيلول، والذي لا يتجاوز عدد أعضائه تعداد أصابع اليد الواحدة, كما يقال؛ هو من يسعى لوضع حزبه أي نفسه, في خدمة الإدارة الأميركية. وتشير تلك المصادر إلى ثروة الغادري الطائلة التي مكنته من تمويل حملات انتخابية لأعضاء في الكونغرس, مثل إليانا روس التي قادت حملة قانون محاسبة سوريا. كما أشار الكاتب بسام درويش إلى ثروة الغادري في معرض تعداد مناقبه: «خشيت أن يصعب على ابن النعمة هذا الذي يعيش في أميركا, أن يكون قادراً على تفهّم مستوى الفقر الذي أصبحت شرائح عظيمة من الشعب السوري تعيش في بؤرته, لكني عدتُ فوجدت أن هذا الجانب يمكن أن يكون وعلى العكس من ذلك ـ إيجابياً». أما المعارض نبيل فياض فكتب مبرهناً على وطنية الغادري: «أنا لو كنت مكان هذا الصديق الغادري ببيته الهنئ ووضعه المادي الخارق, بحياته الوادعة بين غابات بوتوماك حيث تأتي الغزلان تحت شرفته كل صباح, لما فكرت يوما بالعودة إلى سوريا».
اجتماع حزيران
تأتي هذه المعلومات على الضد مما يشاع بأن واشنطن هي التي تعمل على تصنيعه وتصديره كمعارضة سورية خارجية, وعلى الضد أيضاً مما صرح به الغادري لدى زيارته الشهر الماضي إلى العراق والأردن, عن حصوله على أموال أميركية لتنشيط حزبه في دول الجوار للعمل على زعزعة النظام السوري. وأيا كانت دقة هذه المعلومات, فالنتيجة واحدة, إذا لم ينجح بإقناع أي من المعارضة السورية في الداخل والخارج بحزبه وببرنامجه السياسي. ولا سيما بعدما فشل الغادري فشلاً ذريعاً في الاجتماع الأخير الذي دعا إليه المعارضة السورية الموجودة في أميركا يومي 18 19 حزيران /يونيو/ الماضي, بهدف الاتفاق على صيغة للعمل معاً ضد السلطة السورية. وكان لافتاً ألا تنشر وسائل الإعلام شيئاً عن تفاصيل الاجتماع, إلا بعد مضي أكثر من عشرة أيام على انعقاده, حين تحدث محمد الجبيلي, رئيس «التجمع من أجل سوريا» المعارض, على شبكة الـ«سي.ان.ان» حول اللقاء الذي انتخب فيه متحدثاً رسمياً باسم «المجلس الوطني السوري» المنبثق عن الاجتماع, وقلل من أهمية ما قيل عن فشلهم في التوصل إلى صيغة مشتركة لتغيير النظام في سوريا, وعن دعم واشنطن لهم, وحضور ريتشارد بيرل المستشار السابق في وزارة الدفاع الأميركية. نفى الجبيلي ذلك بشدة, مؤكدا أن المعارضة تختلف مع وجهة نظر بيرل السياسية والفلسفية لتغيير نظام الحكم في سوريا؛ بقوله «ريتشارد بيرل والأميركيون يؤمنون بأنه يجب تغيير النظام السوري الحالي بأي شكل من الأشكال. أما وجهة نظرنا, فنحن لا نريد عراق ثانياً, نريد التغيير من الداخل, ونؤمن أن الشعب السوري قادر على تغيير هذه السلطة من دون تمزقات طائفية». ولم ينكر الجبيلي, لقاءه مع المسؤولين الأميركيين «أنا كمواطن أميركي أملك الحق في طرح كل القضايا أمام الكونغرس ووزارة الخارجية والبيت الأبيض». كما شكك في صدقية جهات تعتبر نفسها معارضة من داخل سوريا, معتبراً أن المجموعة التي تسمي نفسها «الحزب الليبرالي» هي حزب مشكوك في أمره. وحين بثت الفضائيات العربية خبر إعلان تشكل «المجلس الوطني السوري» من تكتل أربعة أحزاب معارضة مساء 6/7/2005 , وزع الناطق الرسمي باسم حزب الإصلاح علي الحاج حسين بياناً وصل «الكفاح العربي» نسخة منه أعلن انسحاب حزب الإصلاح من التكتل, لأنه «بعد تقديم الحضور وجهات نظر متعددة تبين أن مجمل محتوى هذا التكتل لا يعكس طموحات كل مكونات الشعب السوري, فقرر الحزب الانسحاب».
التاريخ سيذكر!
بات واضحاً أن سبب خروج حزب الإصلاح خالي الوفاض من اللقاء الذي دعا إليه, هو الخلاف حول «الحزب الليبرالي» الذي يمثل تياره بسام درويش الذي انسحب من الاجتماع, و نبيل فياض الذي زار واشنطن وحل ضيفاً على فريد الغادري, بعدما أعلن انضمامه لحزب الإصلاح في 5/5/2005, كرئيس لفرعه داخل سوريا. وجاء في تفاصيل اجتماع حزيران, كما نقلها المعارض بسام درويش الذي كان حاضراً: «للأسف الشديد, تخلف عن حضور الاجتماع الأشخاص الذين كان فريد الغادري يأمل في حضورهم, بينما تداعى الإسلاميون, والإسلاميون المتسترون بالعلمانية /أو المنافقون/ ليشكلوا في النتيجة غالبية المشاركين فيه». وسرد في عدة مقالات نشرها في موقع الناقد الالكتروني وقائع هجوم المجتمعين عليه, حيث انبروا يعلنون عن غضبهم بأصواتٍ مرتفعة, واتهامه بمهاجمة الإسلام. وذكر أمثلة من تلك الاتهامات للتدليل على طريقة تفكيرهم وتحضيرهم لمؤتمر يناقش «تحرير» سوريا وإرساء الديمقراطية فيها: «إنك تدّعي العلمانية ولكنك تهاجم الإسلام, ولا تتعرض للمسيحية»؟! «لماذا تحارب الإسلام»؟ «لماذا تتهجم على الإسلام, ولا تتهجم على الكهنة الذين يتحرشون جنسياً بالأولاد»؟! حتى ان ريتشارد بيرل أبدى امتعاضه من سلبية أحد الحضور وخروجه «عن أصول اللباقة بمقاطعته المستمرة للحديث, وإبداء آراء تعبّر عن كراهية دفينة للطائفة الشيعية». وعلق بعد خروجه من الاجتماع بأن «الإدارة الأميركية ترفض على الإطلاق التعامل مع أناسٍ من هذه النوعية».
ويكشف بيرل في حديث مع الزميلة «الشرق الاوسط» عن الأسى الذي لمسه من تشتت المعارضة السورية, الامر الذي يبرر لغته المرنة التي تحدث بها حول النظام السوري.
ويأمل بيرل ان يغير «النظام السوري سلوكه بشكل جذري وكامل بما يكفل التحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية وانهاء العداء ضد الولايات المتحدة», نافيا في الوقت نفسه ان يكون قد اعلن دعمه للمجلس الوطني السوري المعارض, الذي تم تشكيله اخيرا في واشنطن.
ويظهر بيرل في المقابلة, خيبة امله الكبيرة في المعارضين الذين التقاهم في العاصمة الاميركية «اعتقدت انها ستكون فرصة للالتقاء بمعارضة موحدة للنظام السوري. ولكنني علمت بعد ذلك ان جزءا من المجموعة التي التقيتها ماض في اتجاه مختلف تماما».
ويؤكد درويش أن توقعاته لم تخب مثل فريد الغادري, ويقول: «بمجرد معرفتي بمشاركة بعض الذين حضروا الاجتماع الأول في شهر آذار /مارس/, كنت على ثقة كاملة بأن الغوغائية وضحالة التفكير سيكونان مظهراً رئيساً من مظاهر هذا الاجتماع». المفارقة أن درويش قال عن الاجتماع نفسه, «إن كتاب التاريخ المدرسي المقبل في سوريا, ربما يفرز مكاناً على صفحاته ليوم الرابع والعشرين من آذار /مارس/ 2005».
في هذا اليوم, جرى أول لقاء رسمي وجدي في مبنى وزارة الخارجية الأميركية بين أفراد يمثلون بعض الاتجاهات المعارضة لهذا الحكم, وأعضاء بارزين في الإدارة الأميركية, وهو اللقاء الذي حضرته ليز تشيني, ابنة نائب الرئيس ديك تشيني والمسؤولة عن نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط, يصف درويش أجواء النقاش الموسع الذي دار, وتباينت فيه الآراء, بأنه كان «نقاشاً حضارياً». وذكر أسماء المجتمعين: فريد الغادري رئيس حزب الإصلاح السوري, الطبيب زهدي جاسر مؤسس «المنتدى الإسلامي من أجل الديمقراطية», د.موفق بني المرجة الأمين العام والناطق الرسمي باسم منبر التضامن للحريات والإصلاح في سوريا, د.محمد نور الدين خوام, طبيب, ورئيس منبر التضامن للحريات والإصلاح في سوريا, د.سلمى الديري مهندسة وسيدة أعمال, د.نجيب الغضبان, أستاذ جامعي ومفكر أكاديمي, د.حسام الديري, طبيب أسنان.
الجدير بالذكر, أن غالبية هؤلاء كانوا في اجتماع حزيران, حيث لم يشر درويش إلا إلى غياب زهدي جاسر الذي وصفه بالمعتدل. وبغض النظر عن حجم تلك المعارضة في أميركا, وكونهم جميعهم مواطنين أميركيين, فإن حجمهم وتأثيرهم معدومان تماماً في سوريا, ولولا ظهور بعضهم على الفضائيات العربية, مثل محمد الجبيلي, ونجيب الغضبان لما سمع بهم السوريون, وهم إذ لا يتمكنون من إخفاء خلافاتهم العميقة, فإن دعاواهم وإن كانت تنادي بالديمقراطية ونبذ الحل العسكري والتغيير من الداخل, من الصعب جداً أن تلقى قبولاً في الداخل, على الأقل بحكم اغترابهم الطويل, واندماجهم في المجتمع الأميركي, الذي افقدهم لغة التخاطب مع الشعب السوري, والذي لا يزال يعلن رفضه العميق للسياسة الأميركية, زاد منها ما حل بالعراق والتخوف من انتشار الفوضى وزعزعة الاستقرار, مما لا يراهن عليه أبداً. وكيف لا يُستحضر المواطن السوري أحمد الجلبي كنموذج للمعارضة الخارجة من العباءة الأميركية, حين يسمع من معارض سوري مثل بسام درويش يقول إنه مواطن أميركي, يتباهى برفعه للعلم الأميركي في كل عيدٍ من الأعياد القومية أمام بيته, ويقف ليحييه بصمت. وكيف يحلم فريد الغادري وغيره, بأن يلقى دعماً من السوريين حين يعد مواطنيه اليهود الأميركيين في اجتماع معهم في الكنيست, إذا ما استلم الحكم في سوريا بافتتاح متحف للهلوكوست؟ كما نقل عن مصادر غربية. لذلك لا عجب عندما تصفه صحيفة اسرائيلية بأنه رجل إسرائيل في المنطقة.
ليسوا خونة
هؤلاء ليسوا خونة ولا عملاء, أو مجرد متأمركين, وإنما هم مواطنون أميركيون في الصميم ومستعربون على الهامش, وبالتالي كيف يأخذ السوريون معارضتهم على محمل الجد؟ الغادري وحسب مصادر مطلعة, بدأ يدرك هذا الأمر ويعمل على إعادة تأهيل ذاته وتدارك جهله الكبير باللغة والتاريخ العربي والإسلامي, وما استقطابه لنبيل فياض كباحث يحرض على الجدل, سوى محاولة لفتح قناة لفهم المجتمع السوري. لكن حتى فياض وما يقال عن ثقافته الدينية الموسوعية وفكره الليبرالي, تثير أفكاره الاستفزازية شرائح واسعة من السوريين, سواء المتدينون أو العلمانيون, وتكاد طروحاته تشكل ظاهرة خاصة جداً, تستفز الغالبية العظمى من السوريين. وإعلان الغادري وفياض في محاضرة لهما في معهد هدسون عن التغيير الديمقراطي وحتمية التغيير والليبرالية «البديل الثالث», خطاب صالح للاستهلاك الإعلامي والسياسي الأميركي, لكن يشك بصلاحيته لمخاطبة الداخل السوري, أو على الأقل تغيير الصورة التي شكلها الرأي العام السوري عن الغادري, بوصفه «جلبي سوريا». وحسب معلومات أكدتها مصادر عدة عن صداقة تجمع الغادري والجلبي وناتان شيرانسكي مستشار شارون, فإن مجرد وجود الأسماء الثلاث معاً, يستدعي وجود علاقات ومصالح تجارية تحت مظلة الرجل الأميركي ريتشارد بيرل مهندس الحرب على العراق. ومن الطبيعي أن يبحث الغادري عن دور سياسي, بعد تمكنه من جني ثروة كبيرة بفترة قياسية, لتسهيل أعماله الاستثمارية والتجارية.
من هو الغادري؟
وحسب معلومات ذكرها د. سهيل حداد في مقال مطول نشر في صحيفة دنيا الوطن, ونشرة «كلنا شركاء في الوطن», فإن الغادري ومنذ العام 1983 بدأ يعمل لحسابه الخاص. وفي سنة 1989 حالفه الحظ في الأسهم الأميركية فربح أموالا طائلة ليصبح فيما بعد من رجال الأعمال المعروفين في الولايات المتحدة. إلا أنه شخصية غير معروفة, ومرفوضة في سوريا شعبياً وسياسياً. وعن سيرته, حياته ونشأته, يقول حداد: «فريد ابن نهاد الغادري الصحفي والسياسي المعروف. من مواليد 1954منطقة أريحا في محافظة ادلب شمال سوريا. هاجر مع عائلته إلى لبنان في بداية الستينيات, ثم إلى أميركا في مطلع الثمانينيات. في العام 1979 أنهى تعليمه العالي في الجامعة الأميركية في واشنطن تخصص مالية وتسويق. عمل في العديد من الشركات الضخمة ذات الشهرة العالمية. الغادري مواطن أميركي من أصل سوري يحمل ثلاث جنسيات: السورية والأميركية والسعودية. سحبت الجنسية السعودية منه في العام 1996 لتأسيسه جمعية «أميركيون من أجل سعودية حرة»؛ تنادي بالحرية والديمقراطية في السعودية, مثلما ينادي اليوم بالحرية والديمقراطية في سوريا!! تربطه علاقة وثيقة مع الإدارة الأميركية الحالية والمحافظين الجدد الذين يريدون زعزعة سوريا وتقسيمها إلى كانتونات عرقية وطائفية, إضافة إلى دعم كبير من وسائل الإعلام الأميركية المقربة من اللوبي «الإسرائيلي» الصهيوني التي تروج لحزبه وأهدافه في نشر الفكر الديمقراطي.
يقول حداد: لا يخفي فريد تعامله مع مؤسسة بنادور أسوسيت(Benador Associates)التي تمثل مجموعة من الشخصيات التي شجعت على ضرب العراق واحتلاله, وتشجع على الإطاحة بوصي العرش السعودي, وإسقاط الأنظمة المعادية لإسرائيل, وإعادة رسم حدود الدول في الشرق الأوسط. معظم المتعاملين مع هذه المؤسسة, هم من المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية, والمستشارين الإسرائيليين, وهنالك عراقيون وبعض اللبنانيين وباكستانيون وفرنسيون مثل ميشل غرفينكل مدير تحرير القيم الحالية Values Actuelles, التي تمتلكها مجموعة داسو. وهو عضو في اللجنة السياسية للمجلس الممثل للمؤسسات اليهودية في فرنسا, وعضو إداري في حلف فرنساإسرائيل. جميع المهتمين في قضايا الشرق الأوسط يعلمون حالياً الدور الذي لعبته وتلعبه هذه المؤسسة في تحضير ماكينة الحرب الإعلامية ضد العراق, والتي تعتبر وكيلاً من أجل خبراء الشرق الأوسط والإرهاب, تروج لهم وتنظم ظهورهم إعلامياً وتساعدهم في صيغة خطبهم وتصريحاتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الغادري لعب دوراً مهماً في تمرير قانون محاسبة سوريا وفرض العقوبات عليها, ورحب بالقرار 1559. ولم يوفر مناسبة إلا واستغلها للمناداة بزيادة الضغوط على سوريا وعزلها دولياً. ولأن الشيء بالشيء يذكر, فإن أحمد الجلبي عندما اتهمه مسؤولون أميركيون بالكذب عليهم بخصوص وجود أسلحة الدمار الشامل, أجابهم بفخر انه استطاع تحقيق هدفه بإقناع الإدارة الأميركية للمضي في إسقاط النظام العراقي. إلا أن قدرته هذه لم تنجح في إقناع العراقيين كي يبقى في واجهة حكومتهم.
التجربة العراقية
بناء على تلك المعطيات, يبدو أن الإدارة الأميركية, بعد تجربتها مع المعارضة العراقية, تفضل التعامل مع معارضة مستجدة, لا تمتلك أجندة أيديولوجية ولا سياسية مناهضة, ولو نظرياً لمشاريعها. هذه الميزات لا تتوافر في المعارضات المستندة إلى تيارات فكرية وسياسية ودينية, ولا إلى شخصيات لها تاريخ سياسي مرموق, كما هي المعارضة السورية العريقة في الداخل والخارج, لأن التعاون معها لن يضمن عدم انقلابها بعد تنفيذها لأهدافها المرحلية. كما ليس من السهل استخدام هكذا معارضة كأوراق قابلة للحرق السريع. عموماً, نتائج التجربة الأميركية السياسية في العراق غير مبشرة للطرفين, فقد أخفقت المعارضة العراقية في إضفاء شرعية على الحرب, مع أنها من أهم واكبر المعارضات العربية, ولم تنجح في توطيد الاستقرار بعد سقوط نظام صدام حسين, بل وحسب الأرقام الأميركية ازداد عدد الهجمات على قوات الاحتلال بعد تسليم السيادة لحكومة عراقية منتخبة, من حوالى أربعين هجوماً في اليوم إلى حوالى سبعين هجوماً, مع استثناء الهجمات التي لا توقع خسائر.
حيال ظاهرة الغادري, يرى المعارض ميشال كيلو: «إنها حالة مبالغ فيها, أُعطيت اكبر من حجمها بكثير», وربما يمكن القول إن الغادري حتى لو لم يفلح بالحصول على قاعدة شعبية داخل سوريا, فهو ورقة ضغط سياسية بيد أميركا, وحسبنا تقييم زيارة الغادري إلى دول الجوار, على أنها تنحو إلى العمل على التنسيق مع الأنظمة العربية ضد سوريا, لفرضه على الواقع السياسي بهدف زيادة الضغط الخارجي.