لم نعرف في البداية حكاية الجد أبو وحيد صاحب حزب الكلكة مع تقديرنا المسبق لتصرفاته المحتملة بعد الكأس السادسة عندما دعا إلى لمة حزبية مفاجئة عطلتنا عن أعمالنا بالرغم من كوننا عاطلون مزمنين و مرحين لا نحمل أية ضغينة للحكومة بدليل أننا لم نتظاهر في أي يوم من الأيام، ولم نعتصم على البيدر، أو نضرب عن الطعام.!
وقد سارعنا إلى تلبية الدعوة لنتجنب غضب الجد الذي لا يحتمل في مثل هذه الحالات الاستثنائية.. وحدث أن مرَّغت المفاجأة أنوفنا في التراب وذلك حين وجدنا الجد صاحب الحزب حليق الشارب واللحية.. ولم يدعنا نرتع في الذهول طويلاً حين قال: هذه أمامكم عدة الحلاقة هلموا وانزعوا شنباتكم ولحاكم قبل أن تداهمنا السلطة الحبيبة فهي لم تعد تطيق رؤية الذكور بالمرة..! ولأننا تربينا في حزبنا على طاعة الأمين العام على عماها وعلى مبدأ نفِّذ ولا تعترض، فقد حملنا ماكينات الحلاقة التي أعدها لنا و تخلّصنا من أثقال وجوهنا في حين كنا نتساءل فيما بيننا عن سبب هذا التحول الثوري المفاجيء..!؟
الرفيق – سخيلات – قال: ربما الوزيرة رايس لا ترغب برؤية معارضة رجالية حين تأتي لزيارة البلد.! لكن النصير – عدسو – قال: أعتقد أن السلطة أصبحت تريد معارضة ناعمة بعد دهور من معارضة أصحاب الشنبات وقد يكون هذا من التوصيات السرية للمؤتمر والله أعلم.! أما جارة الحزب – أم علي – فقد قالت: نعيماً أولاً وثانياً المسألة كما أراها لا تتعدى ملاقاة قانون الطواريء المعدل والله أعلمين.!
وهكذا استمرت التساؤلات بين الرفاق والأنصار وجمهرة القاعدة الحزبية لكن وحده الجد الحليق كان يعرف السر وكيف لا يعرف وهو الذي أمر بأن يصبح جميع كوادر الحزب على الزيرو.!؟
ثم اندفعنا على عجل إلى قاعة الاجتماعات من غير لحانا وشواربنا لنجد أمامنا مفاجأة أخرى حيث أعدَّ لنا الزعيم لباساً تنكرياً نبدو بعد ارتداءه كعارضات الأزياء فاكفّهرت وجوه البعض في حين بدت – أم علي – في غاية الاكتئاب و الاشمئناط.!
ثم حدث في المشهد الرابع وأثناء التصوير بعض الصخب وذلك حين اقتحم الجندرمة المكان وراحوا يستعرضون شنباتهم أمام الكاميرات الثابتة والمتحركة تماماً كما جاء في السيناريو المكتوب شفهياً..! وراحوا يتلمسون وجوهنا بأصابعهم الخشنة ليتأكدوا أن أحداً منا لا يخفي شاربه أو لحيته في زاوية ما وكنا جميعاً ( نتكركر ) فنضحك من غير إرادتنا كلما عقص أحدهم وجوهنا الجرداء، أو نفض بيده فساتيننا الزاهية الطويلة، أو حاول أن يفك عقدة اشارباتنا المزركشة وكل ذلك يحدث أمام أنظار الجد الذي كان يغمز لنا بعينيه مشجِّعاً.. ثم ما لبثوا أن انفضّوا مبتهجين بعد أن همس المخرج في أذن الجد الحليق ما معناه: نحن الآن لا نراكم سيروا إلى العلن وعين ( الأمان ) ترعاكم.!
وهكذا ربح الجد أبو وحيد الجولة الفانتازية وأصبح حزبه يجتمع في وضح النهر بل قاب قوسين ثلاثة من الترخيص.