أجاب المسؤول الاميركي السابق نفسه الذي يتعاطى الشأن العام مباشرة ومداورة ويعرف بقضايا لبنان والمنطقة عن الدور السوري في أزمة لبنان قال: "من دون البحث مع سوريا وايران لا حل للموضوع اللبناني. طبعاً لن نذهب الى سوريا لنرجوها تقديم المساعدة لانها في هذه الحال ستحجم عن ذلك. لكننا نستطيع تكوين ظروف تجعلها مضطرة الى المساعدة والتعاون. وأول شيء يجب ان نفعله قبل التوجه الى سوريا طلباً لمساعدتها في حل الأزمة اللبنانية هو اهتمامنا الفعلي (أي اميركا) بالصراع العربي – الاسرائيلي بوجوهه الاسرائيلية واللبنانية والسورية والفلسطينية والعمل لايجاد حل له وبذلك ننقذ لبنان او نساعد في انقاذه". هل تعتقد ان اميركا تسعى الى اسقاط النظام في سوريا؟ سألت. أجاب: "الحقيقة لا أعرف. وليس عندي جواب محدد عن ذلك. لكن ما اعرفه ان اميركا غاضبة جداً من هذا النظام وتهاجمه وتقول علنا انها لن تتحاور معه. وهذا الموقف السلبي منه يدفعه الى مزيد من التشنج. طبعاً يمكن اطلاق عملية ديبلوماسية مع سوريا. لكن الشرط الوحيد لذلك هو ان تلتزم سوريا بشار الاسد تحقيق أمرين.
الأول، قطع الامداد العسكري عن "حزب الله". والثاني تسهيل معالجة الموضوع الفلسطيني الداخلي والموضوع الفلسطيني – الاسرائيلي. أما في موضوع النظام السوري الحاكم فأعتقد ان جميع المعنيين داخل سوريا والعالم العربي والعالم الاوسع يعرفون ان المعارضة العلمانية الديموقراطية الليبيرالية في سوريا لن تتمكن من الوصول الى الحكم. ويعرفون ايضاً ان عبد الحليم خدام المعارض بعدما كان جزءاً من النظام الذي قد يعتقد البعض في واشنطن انه قادر على خلافة بشار الاسد ليس مؤهلاً لذلك اولاً لضعف شعبيته وثانياً لسمعة الفساد التي طاولته والنظام الذي كان جزءاً منه ثم انقلب عليه. "الاخوان المسلمون" هم المعارضة الفعلية في سوريا. وهؤلاء ليسوا مقبولين حتى الآن في أميركا. لا يزال الاميركيون يجمعون بينهم وبين تنظيم "القاعدة" والسلفيين. هناك اميركيون كثيرون يحاولون اقناع ادارة الرئيس بوش بأن "اخوان" سوريا ليسوا "قاعدة" أو كـ"القاعدة". اذا نجحت محاولاتهم يمكن ان يبدأ الحوار معهم. وبدء الحوار مع "الاخوان" من شأنه المساعدة على وصولهم الى الحكم في سوريا او تسلمهم إياه مع فئات معارضة سورية أخرى".
لماذا يسود انطباع داخل اوساط لبنانية وعربية مقيمة ان اميركا واسرائيل قد تكونان حاميتين للنظام في سوريا؟ اجاب المسؤول الاميركي السابق نفسه: "اسرائيل تريد ان تتحدث مع سوريا. لكن اميركا منعتها. علماً انها تسايرها في موقفها الداعي الى تغيير سلوك النظام السوري وليس تغيير النظام نفسه. اما في اسرائيل فان استطلاعات الرأي تظهر ان سبعين في المئة من الاسرائيليين لا يريدون اعادة هضبة الجولان المحتلة الى سوريا وانهم يريدون في الوقت نفسه حواراً مع سوريا وسلاماً. كيف يمكن حل هذا التناقض؟ بوسيلة واحدة هي الحل السياسي والديبلوماسي لاقناع اسرائيل بحدود 4 حزيران 1967".
كيف ترى الموضوع الفلسطيني في واشنطن؟ سألت. أجاب:"لا يمكن اقناع حركة "حماس" بشروط المجتمع الدولي (الرباعية الدولية) وبالطريقة التي تُفرض بها هذه الشروط. لذلك لا بد ايضاً من اعتماد الديبلوماسية والحوار في هذا الموضوع. لا يمكن في رأيي فرض شروط على "حماس" او على الفلسطينيين عموماً والقول لهم اننا لن نحاوركم قبل تنفيذها. سأل زائر اميركي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عن هذه الامور كلها وطلب منها أو بالأحرى اقترح عليها اثارتها مع الرئيس بوش والبحث معه فيها اذا اقتنعت هي بصواب ذلك. اجابته سلباً ولكن بلغة العيون مشيرة الى ان بوش لن يقبل". واضاف: "يقولون ان "حماس" لا تريد السلام. فهي رفضت اي كلام معها ورفضت الشروط الثلاثة للرباعية الدولية. حسناً، لكنني اجتمعت في بيروت عام 2005 ببعض من "حماس" ولم ألمس أي رفض للتغيير في المواقف. وجماعة "حماس" على كل حال اقل فساداً وتورطاً من جماعة "فتح". علماً انني لم المس ايجابية اثناء اجتماعي في الفترة نفسها ببعض من "حزب الله". وربما على الوزيرة رايس ان توفد السفير ديفيد ساترفيلد او مساعدها لشؤون الشرق الادنى ديفيد ولش الى المنطقة سراً للبحث مع قادة "حماس" في كل هذه الامور". علقت على ذلك: "العلنية في هذا النوع من الموضوعات افضل لأن السرية تفسح في المجال امام اطلاق النار على المهمة التي تقترح واحباطها. اجاب: "انت محق في ذلك اذ ان اليهود الاميركيين قد يعارضون هذا الأمر ويوجهون انتقادات علنية الى الرئيس بوش. وهو لا يحتاج اليها وخصوصاً في هذه المرحلة اي في آخر سنتين من ولايته. يعتقد بوش ان الاميركيين سينصفونه لاحقاً ربما بعد 15 سنة بسبب اقدامه على محاربة الارهاب. وأي كلام او حوار الآن مع "حماس" المصنفة ارهابية في اميركا قد يلحق بحربه على الارهاب اكبر ضرر ممكن".
ماذا عن ايران الاسلامية واميركا؟ اجاب المسؤول الاميركي السابق نفسه: "اعتقد ان الحوار مع ايران فكرة جيدة. اجتماع وزراء الخارجية لدول جوار العراق المقرر في الشهر الجاري (نيسان) يمكن ان يفتح المجال لذلك اذا توسع اطار المحادثات. البحث مع ايران ممكن. وهناك متسع من الوقت لذلك لأن خطرها النووي ليس داهماً وربما أصبح داهماً بعد سنوات. قرارها هو امتلاك قدرة نووية سلمية قابلة للتحول عسكرية اذا شعرت بالخطر. وهي تحتاج الى سنوات لامتلاك هذه القدرة. لذلك يمكن البحث معها في هذا الأمر تدريجاً. ووفقاً لمعلوماتي ثمة امكان كهذا داخل ايران. هناك مناقشات تحصل داخل النظام لا اقول بين معتدلين ومحافظين لأن المعتدلين انتهوا أو بالأحرى اخفقوا بل بين محافظين لهم نظرات مختلفة او متباينة. انهم يناقشون والقرار الاخير للمرشد الولي الفقيه. وللحرس الثوري من ورائه. في أي حال نسمع كثيراً ان مدنيين قد يحكمون ايران مستقبلاً أو ربما سيصبحون مستعدين للتفاهم مع اميركا وخصوصاً اذا حققوا تقدماً في الموضوع النووي. في اختصار نحن لا نخشى ان تقوم ايران النووية باطلاق صواريخ ذات رؤوس نووية على اسرائيل أو على غيرها وهي اكثر وعياً وتعقلاً من أن تفعل ذلك. ما نخشاه هو تسرّب بعض مكونات اسلحة الدمار الشامل الى جماعات ارهابية تستعملها في حربها على العالم. وهذا محتمل في دولة لامركزية فيها للمؤسسات الامنية والعسكرية التي لكل منها دولتها".
هل تتوقع ضربة عسكرية جوية لايران؟ اجاب المسؤول الاميركي السابق نفسه: "الضربة أمر محتمل. لكنه مدمر ولا أحد يستطيع التأكد من نجاحها. في كل حال بدأت روسيا تعي خطر النووية الايرانية. اذ ماذا يمنع تسرب مكوناتها الى الانفصاليين الشيشان الذين يحاربونها؟ لذلك بدأت تراجع موقفها".
ماذا قال مسؤول اميركي كبير سابق عن كل هذه القضايا اي لبنان وسوريا وفلسطين والعراق والسعودية ومصر وغيرها؟