تحدث المسؤول الاميركي الكبير السابق نفسه عن الخليج "العربي" في صورة عامة، قال: "الخليج كله خائف ويسعى الى تحصين نفسه. دولة الامارات العربية المتحدة تستعد، رغم ان عدد الشيعة فيها ليس كبيراً. وهي تبدو قوية في استعدادها. موقف الامارات من ايران الاسلامية صلب، على كل حال لقد اخطأنا في شن الحرب على العراق". صحيح، كان عراق صدام حسين ضعيفاً ولا يشكل خطراً فعلياً سواء على محيطه او على العالم، علّقتُ. فرد "عليك ان تقنع الكويتيين بذلك.
نعم كان ضعيفاً. سياسة العقوبات هذه فعلت فعلها وانهكته. لكنها لم توصله الى الانهيار". واضاف: "مملكة البحرين عانت مشكلات كبيرة بسبب الغالبية الشيعية فيها. ولكن يبدو الآن انها اكثر استقراراً. دولة قطر تلعب. انها مدعومة من اسرائيل واميركا. تحاول ان تلعب لعبة كبيرة. علاقتها بالعربية السعودية ليست على ما يرام وحصل اشتباك حدودي بين الدولتين في الماضي. انها تحاول الافادة من كونها قاعدة للاميركيين يقيم فيها نحو 45 ألف جندي اميركي وهؤلاء يتمتعون بحرية في التصرف، بينما كانت هذه الحرية مقيدة عندما كان هؤلاء الجنود وضباطهم في قواعد على الارض السعودية. كانوا في ذلك الوقت يواجهون اشكالات كثيرة لدى اضطرارهم الى القيام بتحركات عسكرية معينة في المنطقة. سألت السعوديين عن قطر والعلاقة معها، فاجابوا: نتبادل التهاني (Greetings) في المناسبات والاعياد".
ماذا عن الاردن؟ سألت: فاجاب: "تحدثت مع ارفع المسؤولين في المملكة الاردنية الهاشمية، ولاحظت في آخر زيارة لي لها حركة عمران مهمة ولاسيما في عمان العاصمة. ولكني لاحظت ايضاً تحولاً عاماً او شبه عام فيها نحو المحافظة الدينية (Conservatisme). وهذا امر مقلق، علما ان ذلك لا يقتصر على الاردن بل يشمل معظم العالم الاسلامي. هناك ثلاثة ارباع مليون لاجىء عراقي في الاردن. عادة يتعلم ابناء اللاجئين لغة البلاد التي لجأوا اليها او لهجتها. في الاردن حصل العكس. الاردنيون يتكلمون لغة العراقيين او يستعملون لهجتهم. لقد اقلق شارون من زمان الاردن وشعبه بمشروعه اعتبار الاردن دولة فلسطين بديلا من دولة فلسطينية على الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 اي قطاع غزة والضفة الغربية. هذا القلق اختفى لسنوات، لكنه عاد الى الظهور الآن. الفساد في الاردن لا يزال على حاله، لكنني اكدت للارفع في المسؤولية في الاردن ان يبقى اكثر في بلاده ويمارس الحكم بكل قوة".
ماذا عن مصر؟ سألت. فاجاب: "الرئيس حسني مبارك يتمتع بصحة جيدة. لا يعاني مشكلات صحية خطيرة. لكن تكوّن انطباع عندنا وعند غيرنا ان مركز الثقل او الجاذبية في العالم العربي انتقل الى المملكة العربية السعودية، ولم يعد في مصر الدولة العربية الاكبر والاقوى. قد يكون هذا الانتقال موقتا، ومن ابرز اسبابه المدة الطويلة التي امضاها حتى الآن الرئيس مبارك في السلطة وهي تقارب 26 سنة وهي جعلت الناس يملون. ومن ابرز اسبابه ايضاً خوف مبارك من "الاخوان المسلمين" الذين اثبتوا وجودهم القوي في الشارع المصري وفي الحياة السياسية المصرية.
هذا الواقع يدفع مبارك الى التردد في امور كثيرة منها الاشتراك الفعلي في المواجهة مع ايران الاسلامية التي يشعر معظم العالم العربي انه في مواجهة معها. ومنها ايضا القيام بدور مهم في الحوار معها لحل كل المشكلات والاشكالات القائمة، علماً انه في هذه المواجهة ليس مع ايران، كما انه ليس مع سوريا بشار الاسد حليفتها الوحيدة في العالم العربي. لكنه قد لا يشارك السعودية في موقفها السلبي جداً منها. الخلافة في مصر تأخذ الكثير من تفكير الرئيس حسني مبارك ووقته، والتكهنات حول هذا الامر كثيرة واحياناً متناقضة وخصوصاً في ظل اقتناع مصريين كثيرين بان رئيسهم يحاول تسهيل خلافة نجله جمال اياه في الرئاسة، الا ان ابرز هذه التكهنات، وربما اكثرها قربا للواقع والحقيقة، ان اللواء عمر سليمان المسؤول الاستخباراتي الاول في مصر والقريب جداً من مبارك قد يكون "الخليفة" عندما يحين الوقت. وانا اعرفه فهو واقعي وحكيم. واختم بان اجتماعي ببشار الاسد قبل تركي الادارة كان جيداً. وكان انطباعي ان ما دار في الاجتماع لقي استحسانه بل اعجابه. لكن قرارنا اليوم في الادارة الاميركية هو عدم فتح حوار مع سوريا حول القضايا المختلف عليها بيننا. لذلك رفضت الديبلوماسية الرفيعة التي ارسلتها الى دمشق اخيرا للبحث في موضوع محدد هو اللاجئون العراقيون الى سوريا الاجتماع بوزير الخارجية وليد المعلم رغم اعرابه عن رغبته في لقائها. وكان رفضها نتيجة موقف الادارة ان المعلم سيحاول الانطلاق في الاجتماع من موضوع اللاجئين العراقيين للبحث في كل القضايا الاخرى المختلف عليها، علماً ان هذه الديبلوماسية ربما كانت سترحب باجتماع من هذا النوع".
ماذا قال موظف سابق في احدى الادارات الاميركية وناشط حالي في احد اهم مراكز الابحاث الاميركية في واشنطن ومعروف بتأييده التام لاسرائيل وسياساتها؟ قال: "اسرائيل لا تهتم بلبنان كلبنان. ولم تهتم به يوما. كانت مرتاحة الى وجود سوريا فيه".
هل يعني ذلك ان اسرائيل تحمي النظام السوري ومعها اميركا وذلك ما يردده كثيرون في لبنان وخارجه؟ سألت. اجاب: "اميركا قالت لا لحوار اسرائيل مع سوريا لأن الوقت لم يحن لذلك، وليس لان اميركا تريد حماية النظام فيها الذي تعتبره سيئاً جداً. وهي قالت ذلك له وعنه ولا تزال تقوله".
ماذا عن مزارع شبعا؟ سألت، فقال "اذا ارادت الادارة الاميركية مساعدة لبنان وحكومته فيجب ان تقنع المعنيين، وهم كثر في المنطقة وخارجها، بوضع هذه المزارع في ادارة الامم المتحدة (بواسطة القوة الدولية)، الى ان يصبح الاطراف المعنيون بها جاهزين لتحديد هويتها وتالياً التفاهم حولها وترسيم الحدود اللبنانية – السورية – الاسرائيلية. في اي حال تخشى سوريا المحكمة الخاصة ذات الطابع الدولي المقررة لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الشهداء. وتخشى تحديدا ان تأخذ في طريقها قيادات من الحلقة الضيقة الفاعلة في النظام السوري. في كل حال سيصبح النظام السوري ضعيفا. وسيبقى ضعيفاً. هذا ما يريده بوش واسرائيل اللذان لا يريدان القضاء عليه بل ابقاءه في حال من الضعف الدائم".
ماذا قال الموظف الاميركي السابق نفسه عن قضايا اخرى محلية واقليمية؟ وماذا كان رأي عدد من مراكز الابحاث "المتنوعة" السياسات التي زرتها في واشنطن ونيويورك