نجح الطائفيون في السيطرة على الدولة والمجتمع، وحتى مشاعر الناس. اسسوا مؤسسات رسمية وشعبية. بنوا مدارس وجامعات ومصارف ومستشفيات واندية وشركات واعلام، وكل ما يوحد صفوفهم ويجمع قواهم ويظهر صورتهم.
نجح الطائفيون في السيطرة على الدولة والمجتمع، وحتى مشاعر الناس. اسسوا مؤسسات رسمية وشعبية. بنوا مدارس وجامعات ومصارف ومستشفيات واندية وشركات واعلام، وكل ما يوحد صفوفهم ويجمع قواهم ويظهر صورتهم.
نجح الطائفيون في مصادرة نظام الدولة، فاحتكروا الوظائف والقوانين واقفلوا الباب على امكانية التغيير والتحديث والتطوير من خارج ارادتهم واذنهم ومعبرهم. نجحوا في تطبيق المجتمع، فنظموه على صورتهم ومثالهم، ووضعوا اليد على الهيئات الأهلية، فتقاسموها وتوزعوا الغنائم والمناصب حتى باتت الوظائف والأدوار والحركة مقتصرة عليهم.
نجحوا في القبض على مشاعر الناس وسلكوها ونبضها، فأضحت النفوس مكبلة بالقيود الطائفية والعواطف ملبدة بالعنصرية ضد الآخر الطائفي والنفسية عليلة بوباء الالغاء والحقد والعزلة.
احتل الطائفيون الامكنة والساحات والمساحات، فبات اللاطائفيون او العلمانييون اوالمدنييون يعيشون في غيتوات وعلى الهامش، بعيدون عن التأثير والفعل والحركة.
احزابهم في صمت، اصواتهم خرساء، مبادراتهم بليدة، حركاتهم ينقصها الجرأة والابداع والاستمرارية. لا يكفي تبرير العجز برمي اللائمة على الآخر الطائفي، فاسه ل طريق لرفع المسؤولية هو اتهام الاخرين.
اما الاسباب الفعلية فيمكن اختصارها بمصيبتين:
– المصيبة الاولى تكمن في الاحزاب والحركات اللاطائفية التي اخرجت نفسها من حركية الصراع واستقالت من دورها التاريخي الى الهامش السياسي والآني والعابر، فتخلت طوعاً عن ريادتها ونهضتها ونضالها مرتضية بفتات المكاسب إذ غرقت في عجزها وسكونها.
– المصيبة الثانية تبرز في انانية رموزها وفردانية رجالاتها وشخصانية نجومها وافتقار قادتها الى النهج العملي وبناء المؤسسات وروح الجماعة ومواجهة اغراءات النظام الطائفي السائد.
هل يتحد العلمانيون في وجه هاتين المصيبتين ويعملون معاً من اجل توحيد صفوفهم وجهودهم وبرنامجهم وادارتهم؟ ام سيبقون غارقين كل واحد يحاول احتكار طريقته الى العلمانية ويحاول ان يتفرد باجتهاده او مذهبه الى العلمانية فيفضل ان يكون وحيداً صاحب بدعة على ان يكون جمهوراً او تياراً؟
كثرت الجمعيات والصرعات التي تدين العلمانية. المطلوب قبل الاختلاف على طريقة الوصول اليها، العمل من اجل توحيد العاملين في سبيلها كي يشكلوا اتحاداً له وزن في الحياة العامة علّه صبح حركة تغيير بدل ان يكون جزءاً من لعبة التوازنات والمساومات.
ايها العلمانيون اتحدوا قبل ان يستكمل الطائفيون القبض على انفاس المواطنين فيقضون على من بقي منكم ويقبضون على كل الوطن.