سكين العار، المسمى زوراً وبهتاناً "شرف"، لم يشبع بعد من دم النساء السوريات! ما زال يولغ في أعناقهن في ظل حماية قانونية (المادتين 548 و192 من قانون العقوبات السوري)، وحماية اجتماعية عبر قبول هذا القتل وعدم مقاطعة القتلة والمحرضين
سكين العار، المسمى زوراً وبهتاناً "شرف"، لم يشبع بعد من دم النساء السوريات! ما زال يولغ في أعناقهن في ظل حماية قانونية (المادتين 548 و192 من قانون العقوبات السوري)، وحماية اجتماعية عبر قبول هذا القتل وعدم مقاطعة القتلة والمحرضين، بغض النظر عن صفاتهم وألقابهم ومكانتهم، وحماية من بعض رجال الدين الذين ما زالوا يجدون المبرر تلو المبرر لنقض روح كل دين سماوي بمنح حق القصاص للأفراد! وخاصة للحكومة التي لم تفعل بعد شيئاً لا بخصوص تغيير القانون، ولا إطلاق حملة توعية جماهيرية، ولا إطلاق حرية حركة منظمات المجتمع المدني التي يمكن لها، في ظل قانون جمعيات ديمقراطي وعصري ومناسب أن تفعل الكثير لرفع، وإن بعض من هذا الحيف الفادح!..
سكين العار تلك التي يكثر حاملوها بيد واحدة متضامنة، أو رصاص العار اخترق صباح 24/5/2007 صدر الصبية سحر عبد العزيز من حلب، عبر ثلاث رصاصات فجرت إحداها قلبها الصغير، وتركتها جثة هامدة شاهدة على عارنا.
وسحر صبية في الخامسة والعشرين من عمرها، ومتزوجة منذ أكثر من /11/ عاماً. إلا أن زوجها كان يعاني من مشكلة دوالي في الخصيتين منعته من الإنجاب. وبعد علاج طويل، استطاع إجراء عملية جراحية خلصته من المشكلة، وصار قادرا على ذلك.
حملت سحر من زوجها بعد إجرائه العملية، إلا أن أهل الزوج وأقاربه رفضوا تصديق ذلك! وبدؤوا التحريض العلني على قلتها... رغم شهادة الطبيب الذي أجرى العملية أن الزوج بات قادرا على الإنجاب بشكل طبيعي! واستطاعوا دفع الزوج، الذي أمضى كل تلك السنين في العلاج، إلى الوقوف إلى جانبهم! وتقدموا بدعوى ضد سحر بتهمة "التزاني"!
أثبت القضاء صحة حمل سحر، وبشهادة الطبيب تم إثبات أن الرجل قادر على الحمل ودعوى "التزاني" ساقطة. إلا أن "الأهل والأقارب" استمروا في حملة التحريض باتجاه قتل سحر!
القاضي، وبجرأة وبعد نظر يُفخر بها، حول سحر إلى إحدى الجمعيات المعنية في حلب التي تدير مركزاً لحماية الفتيات، ووضعها فيها قيد "الأمانة". حرصاً على حياتها وأملاً في أن يعاود الأهل والزوج التفكير.
لكن الزوج المتواطئ، لعب دوره! والأهل الذين يستطيعون دائماً لعب أدوار "العطف والتسامح"، أقنعوا سحر أن الأمر على مايرام، وأنهم كانوا مخطئين، وأن عليها أن تخرج من المركز لتعود، آمنة، إلى حياتها العادية مع زوجها...
صدقت سحر، كما صدقت الكثير من الضحايا الأخريات لسكين "الشرف"! وطالبت القضاء بإخلاء سبيلها! وكما هو معروف قانونياً، من الصعب على القضاء إبقاءها في مثل هذه الحالة...
الأخ الكبير لعب دوره في إقناعها، وقدم كل التطمينات لسحر، فوقعت على طلب بالسماح لها بمغادرة المركز، و اضطر القضاء إلى الموافقة على ذلك بناء على القوانين المعمول بها. خاصة بعد أن أبدى الأهل "حرصهم" على عودة الأمور إلى مجاريها الطبيعية! وخرجت سحر من المركز بعد أن قضت فيه نحو ثمانية أشهر... ولدت خلالها في المركز.
خرجت الصبية سحر قبل نحو ثلاثة أشهر (في آذار 2007)، لتسكن في رعاية أخيها. أخوها الذي كان يحضر الظرف المناسب لينفذ ما قررته العائلة! وقبل بضعة أيام، أي في 24/5/2007، شهر مسدسه الحربي وأفرغه في صدر سحر! ثلاث رصاصات اخترقت الصدر الذي شهد الطبيب أنه صدراً بريئاً، وأقر القضاء هذه البراءة، ولم يقرها عارنا! ثلاث رصاصات واحدة منها فجرت القلب... وأودت بحياة سحر، مضيفة اسمها إلى قائمة ضحايا "جرائم الشرف" في سورية! ضحايا صمتنا المتواطئ! ضحايا قانون ظالم! ضحايا حقوق إنسان مفقودة! ضحايا "ذكور" لا يختلفون عن أي "ذكور" أخر في الطبيعة قبل أن يخرج منها، وعنها الإنسان!!
سحر.. زهرة.. هدى.. والقائمة ما تزال مفتوحة!
"جرائم شرف"! أبداً... لا شرف لقاتل!... لا شرف لمحرّض على القتل!... ولا شرف لمتساهل مع القتلة!...