تختلف القراءات في العاصمة السورية لتصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس التي تعتبر مفاجئة نوعا ما عن التدخل السوري في لبنان والعراق فالبعض يرى انها بهدف الضغط والبعض يرى انها اخطر من ذلك.
وفيما امتنعت مصادر رسمية سورية عن التعليق على تصريحات رايس واكتفت بالقول عندما استطلعنا رأيها بانها لاتجد جديدا في تصريحات رايس وان كانت تؤشر الى ان اميركا (لم تتعلم من اخطائها ) فإن عددا من المصادر تحدثت طالبة عدم الكشف عن هويتها حتى لايعتبر الموقف يعبر عن السياسة السورية الرسمية.
البعض يعتقد بان رايس تريد التمهيد لزيارتها الشرق اوسطية برفقة وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس والهدف هو ايصال رسالة الى الدول العربية (المعتدلة) بان الحرم السياسي مايزال مضروبا على دمشق وان توطيد تحالفها مع طهران يجب ان يقابل بحزم (عربي واميركي ) .
اما في الجهة الاخرى فهناك في دمشق من يرى بان رايس انما تريد ان تخلق نوعا من التوازن بين الموقفين المتعارضين داخل الادارةالاميركية من دمشق حيث يرى المتشددون من المحافظين الجدد بضرورة ضرب سوريا وايران (لانهما سبب المشاكل كلها) بينما ترى رايس و وزير الدفاع غيتس ان الحوار مع دمشق وطهران هو قضية مهمة وقد تأتي بإيجابيات وان اضطرت واشنطن الى دفع اثمان سياسية لهذين البلدين(المارقين).
ولكن ما يمكن تلمسه بصورة واضحة ان هناك قلقا كبيرا في العاصمة السورية من اقدام الولايات المتحدة الى استخدام جملة من ادوات الضغط الجديدة على سوريا بهدف اجبارها على تقديم تنازلات مرة ولذلك هناك نوع من الدعوة الى المهادنة مع واشنطن فيما يخص الملف اللبناني والعراقي ومن هذه الزواية يمكن النظر الى الغاء مؤتمر للمعارضة العراقية في دمشق الا ان هناك اتجاها لدى القيادة السورية فيما يبدو برفض أي تنازلات مهمة فيما يخص الملف اللبناني ولاسيما ملف رئاسة الجمهورية التي ترى دمشق انه من الضروري التوافق حوله والا فإن (ازمة سياسية كبرى ستعصف بهذا البلد) لان الظرف السياسي في المنطقة لاتحتمل غلبة أي طرف في أي من الملفات الملتهبة.
ويعتقد بعض الدبلوماسيين المخضرمين الذي خبروا السياسة السورية بأن دمشق اليوم تتمتع بوضع مريح نوعا من الناحية السياسية وحتى العسكرية وهي بخلاف السنوات الثلاث الماضية ليست محشورة في الزاوية ولديها العديد من الخيارات كما ان هامش المناورة لديها توسع بشكل يدعوها الى تشديد مواقفها ومنها ان خصومها في ورطة فاميركا غارقة في العراق واي عمل تقدم عليها يبدو نوعا من ضربة اليائس فيما اسرائيل تريد ان تنفخ الروح بالرئيس عباس دون ان جدوى فهو غير مؤهل بعد موقعة غزة لقيادة الشعب الفلسطيني وبالتالي فإنه وحتى مؤتمر السلام الذي دعا اليه بوش لن يعود باي نتيجة خصوصا وان اولمرت لايتمتع بعمر سياسي افتراضي يجعل منه زعيما قادرا على صنع سلام مقبول بالحد الأدنى من قبل الشعب الفلسطيني وربما هذا مادفع –بحسب ما تسرب حتى الان- السعودية الى رفض المشاركة في المؤتمر المذكور .
لاشيء في العاصمة السورية تغير بعد تصريحات رايس ولكن على الاغلب الاعم هناك في مكان ما من ينقل شروط وشروط متبادلة بين سوريا واميركا وهو مادفع رايس الى اطلاق تصريحاتها التي استقبلت هنا بكثير من البرود وربما التجاهل (وان ظاهريا على الاقل).