ريشار لابيفيير كاتب فرنسي مهتم بشؤون منطقتنا وشجونها، يكتب التاريخ من زاوية ربط الاحداث ببعضها مستنداً الى اثباتات ووقائع، ومن خلال قراءته للواقع واعادة صياغته يلقي ضوءاً فيتح نافذة على الماضي من شأنها ان تجعل الرؤية اكثر انقشاعاً في الحاضر لتتسع بقعة الضوء في المستقبل اكثر.
مجزرة اهدن في 1978 محطة مفصلية في تاريخ لبنان الحديث لا تزال تداعياتها لليوم لان اتخاذ القرار بشأنها كان قرار ضرب المسيحيين للنفاذ الى مشاريع ضرب لبنان كياناً ودولة ونظاماً.
ريشار لابيفيير كتب "المجزرة" وكتابه سيصدر هذا الشهر في فرنسا وفي لبنان الشهر المقبل ليكون وثيقة هامة وهو كان قد صدر له كتاب قيّم عن اسرار القرار 1559 تحت عنوان "الانقلاب الكبير - بغداد - بيروت"
كيف عرض لابيفيير لاسباب ونتائج المجزرة
بدأ بتحديد الاهداف على الشكل التالي:
- إزاحة أحد خصومها الأقوياء في الوسط المسيحي
- دخول منطقة شمال لبنان عسكرياً وبشرياً بعدما دخلتها أمنياً.
- تعميق الخلاف داخل المسيحيين وإشعارهم بالحاجة للحماية الإسرائيلية
- إضعاف حلفاء سوريا في الوسط المسيحي عبر تصفية فرنجية
الكاتب الفرنسي نقل عن مصادر التقاها في جنيف "أن الموساد الإسرائيلي هو الذي اختار سمير جعجع لتنفيذ مهمة اغتيال فرنجية، ونصح بشير الجميل بذلك". وعن أسباب اختيار سمير جعجع لتنفيذ المهمة ينقل لابفيير عن المصادر نفسها قولها "إن الموساد الإسرائيلي قام بدراسة نفسية شملت شخصيات عدة في القوات اللبنانية حينها، فوقع اختياره على سمير جعجع كأفضل شخص يصلح لتنفيذ هذه المهمة". ويقول "لابفيير إنه "خصص الفصل الحادي عشر من كتابه لطريقة إدارة "الموساد" للعملية تحت عنوان "تلاعب الموساد" ويروي فيه كيف تلاعب الإسرائيليون بالقوات اللبنانية في هذا الموضوع وكانوا متأكدين أن طوني فرنجية سيقتل في العملية بسبب معرفتهم بطبيعة فرنجية العشائرية والتي ستدفعه الى المقاومة وعدم تسليم نفسه للأسر. ويضيف "لابفيير" في حديثه "لقد قررت إسرائيل اغتيال طوني فرنجية، لأنها كانت تعتبره عدوا لها وعقبة كبيرة أمام وصول نفوذها إلى المناطق المسيحية في شمال لبنان".
لابفيير أورد قصة إصابة سمير جعجع في بداية الهجوم، معتبرا أن جعجع لم يكن قائد العملية لحظة الاغتيال، وإنما سلم الأمر لنائبه بعد إصابته في يده ويقول أيضا أن من أطلق النار على العائلة هم ثلاثة أشخاص يقيمون الآن في أستراليا، ذكر أسمائهم وإسم الرجل الذي تولى القيادة بعد إصابة جعجع، في كتابه.
وقد خصص الكاتب الفصل الثاني عشر من كتابه لحادثة اغتيال يوسف فرنجية في بلدة بصرما تحت عنوان "مقتل أبو جو" . وفي ذلك يقول "أن يوسف فرنجية هو القتيل الأخير في مجزرة إهدن خصوصا أنه هو الذي أطلق النار على سمير جعجع وأصابه في يده". ويذكر أيضا أن اغتيال يوسف فرنجية جاء بعد حديثه على شاشة " OTV .
الكاتب الفرنسي خصص الفصل الرابع عشر من الكتاب لموضوع مقابلته مع سمير جعجع التي لم تحصل بسهولة، بسبب الإستفسارات التي طلبها مدير مكتب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، غير انه لم يذكر هذا في كتابه، لكنه تحدث عن مقابلة جعجع وعن اعتراف الأخير أن القوات اللبنانية كانت تخطط للسيطرة عسكرياً على منطقة إهدن وجوارها. كما وينقل عن جعجع قوله انه أصيب في بداية العملية وأنه لم يكن لحظة اغتيال عائلة فرنجية".
الكاتب الفرنسي يشير الى أن كتابه يتألف من ثلاثة وعشرين جزءا موزعين على ثلاثمائة وخمسين صفحة، وفيه صور وخرائط، وهو في مرحلة التصحيحات الأخيرة قبل صدوره في نهاية شهر نيسان. الكتاب الذي سيترجم إلى اللغة العربية خلال وقت قصير، طلب كاتبه عدم ذكر اسم الناشر ولا الأسماء الواردة فيه ولا عنوانه حتى صدوره المرتقب وسط ضغوطات يمارسها فريق الموالاة في لبنان عليه لعدم نشر الكاتب قبل السابع من حزيران موعد الإنتخابات النيابية.
"ريشارد لابفيير" في سطور
ولد ريشارد لابفيير في مدينة (دونون) عام 1958 وعمل في إذاعة فرنسا الدولية حتى تسريحه في آب/ أغسطس عام 2008 في ما سمي يومها في فرنسا بـ"أزمة لابفيير"، وكان ذلك على خلفية اتهامات وجهها اللوبي الإسرائيلي له بمحاباة العرب واستضافة الرئيس السوري بشار الأسد في برنامج تلفزيوني.
عمل رئيس تحرير القسم الأجنبي في إذاعة فرنسا الدولية حتى العام(2003)، واستمر معلق افتتاحية حتى عام 2005.
يقول "لابفيير" أنه الصحافي الفرنسي الوحيد الذي استمر في إجراء مقابلات مع المسؤولين العرب ما أثار حفيظة القوى القريبة من إسرائيل ضده، ويتهم مسؤولة الإعلام الخارجي في القطب السمعي والبصري في فرنسا "كريستسن أوكران" وزوجها وزير الخارجية الفرنسي "برنار كوشنير" بالوقوف وراء تسريحه نظرا لتأييده "آلان مينارغ" في قضية فصله من الإذاعة بعد صدور كتابه عن "حائط شارون" في فلسطين. له عشرات المؤلفات ومنها: ضد مجتمع الاتصالات، خلاف في القمة، دولار الرعب، أسامة بن لادن أو اغتيال الأب، التحول الكبير أو القصة السرية للقرار 1559.