لم تعد واشنطن بالمطلق راغبة في إسقاط الجمهورية العربية السورية، لأنها تعتبر «الائتلاف الوطني» غير قادر على الحكم، ولأنها لا تتمنى رؤية البلاد غارقة في فوضى لا يمكن السيطرة عليها.
في الواقع، وعلى عكس ليبيا والعراق، فإن سورية، هي جارة إسرائيل. الفوضى في هذا المكان يمكن أن تكون فاجعة لربيبة الولايات المتحدة.
تدريجيا، بدأت رئاسة الأركان تعيد النظر في مشروع إعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير، على النحو المحدد عام 2001. هناك فصيل داخل إدارة أوباما يدفع باتجاه تنفيذ خطة جديدة: تقسيم العراق وسورية إلى خمس دول في وقت واحد، منها دولتان بحدود مشتركة.
ذكر ممثل بان كي مون في العراق، الألماني مارتن كوبلر المحسوب على المحافظين الجدد، في مجلس الأمن بجلسته المنعقدة في تموز 2013 ضرورة توحيد ميادين القتال بين العراق وسورية.
نشرت الصحفية روبن رايت خريطة المشروع الجديد في شهر أيلول من العام الماضي 2013، حين كانت تعمل باحثة في معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو في الحقيقة مركز بحوث تابع لوزارة الدفاع، ويتضمن المخطط الجديد قضم ثلاثة أرباع مساحة سورية الحالية بشكل حاسم. يحظى هذا المشروع بدعم إسرائيل طبقا لما أشار إليه وزير دفاعها، موشه يعالون، أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة.
تعتزم واشنطن، بموجب هذا المخطط، الحفاظ على الجمهورية، على طول حدودها مع إسرائيل، وفي دمشق، وعلى شواطئها على البحر المتوسط.
في المقابل، فرنسا وتركيا، لا ترغبان بدمج كردستان العراق مع شمال سورية، الذي من شأنه أن يؤدي حتماً إلى تقسيم تركيا. كما لا تحبذان نشوء دولة سنية تضم الجزء الذي تحتله داعش من العراق مع البادية السورية، لأنها ستخرج عن سيطرتهما، لمصلحة الولايات المتحدة والسعودية.
نظراً لمقاومة الشعب السوري، والانتصارات المستمرة لجيش الجمهورية منذ أكثر من عام، لم تعد واشنطن متأكدة من جدوى مخططها.
من هنا، تخيل الرئيس أوباما أمر إشراك إيران، فكتب سراً إلى مرشد الثورة، آية الله على خامنئي، مقترحا عليه التحالف من أجل سحق داعش، إذا، وفقط إذا، كان موافقا على البروتوكول الذي تم التفاوض عليه من قبل حكومة الشيخ حسن روحاني في العاصمة النمساوية فيينا.
«سحق داعش»، يمكن أن يعني فيما يعنيه، التحرير الشعبي للعراق وسورية من قبضتها، والعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الحرب، وإما ، وباسم الواقعية، تنصيب حكومة أكثر شرعية في نطاق داعش، أي تنفيذ مخطط رايت.
آخذة بعين الاعتبار أن المرشد لا بد أن يرفض المقترح الأميركي، وأن واشنطن لن تتوانى عن مهاجمة الجيش العربي السوري كي تجبره على التراجع إلى دمشق واللاذقية، أخذت القيادة السورية زمام المبادرة بالضغط على روسيا لتزويدها بأحدث جيل من صواريخ اس-300، نظرا لأنها وحدها القادرة على إبعاد سلاح الجو الأميركي عن أجوائها. وقد أكدت موسكو أن ذلك سيتحقق بمجرد الانتهاء من بعض الإجراءات الادارية.
من المؤكد أن التحالف المنقسم بعمق حول أهدافه، لن يذهب إلى النصر في نهاية المطاف.