بعد أن فقدت جماعة الإخوان المسلمين الدولة التي منحتها الولايات المتحدة لهم على أرض ممتدة بين العراق وسورية، هاهي تعيد تعريف استخدامها للإرهاب، حيث يقوم مستشار الأمن القومي جون بولتون حالياً بإعادة تدوير سبعة آلاف من إرهابيي داعش في أفغانستان، إضافة إلى أربعة آلاف من أعضاء منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية في ألبانيا.
وهكذا لم يعد "المجاهدون"، الذين بدؤوا عملياتهم العسكرية في عام 1978 ضد النظام الشيوعي في أفغانستان، ومن ثم ضد الجيش الأحمر السوفييتي، حلفاء لحركة طالبان، بل صاروا أعداءً يتوجب قتالهم.
يأتي هذا التحول في الوقت الذي نشرت فيه أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية دراسة حول الصراع الذي جرى بين "المجاهدين" وحركة طالبان في أعقاب الحرب ضد السوفييت.
وهكذا أيضاً تدخلت الولايات المتحدة خلال المعركة الكبرى الأولى التي جرت رحاها هذا الصيف في دارزاب ضد طالبان لإنقاذ جهادييها. كما هاجمت القوات الخاصة الأمريكية في 12 كانون الثاني الجاري على وجه التحديد، قاعدة لطالبان على حدود تركمانستان لتحرير نحو أربعين إرهابياً من مقاتلي داعش.
يستفيد الجهاديون في الميدان، بالإضافة إلى دعم الولايات المتحدة، من دعم رئيس الوزراء السابق، قلب الدين حكمتيار أيضاً. وفي هذا السياق أصدر الرئيس الأفغاني الجديد، في أيلول 2016، عفواً رئاسياً عن الزعيم المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، كما تم شطب اسمه من قائمة الإرهاب المعتمدة لدى الأمم المتحدة. لقد كان حكمتيار دائما رجل الأتراك وحليف الباكستانيين. وحين كان الرئيس التركي الحالي أردغان شاباً، أعلن البيعة لحكمتيار.
وكما حدث في عام 2011 أثناء المفاوضات السرية في برلين، حين لم تفلح طالبان في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة التي دعتهم إلى المفاوضات في قطر، ينظر الأفغان بعين الريبة إلى الجهاديين، ولم يعودوا يثقون بأي غريب، كائناً من كان، ولم يتغير موقفهم قيد أنملة، حتى بعد إيفاد السفير زلماي خليل زاد، "الباشتوني" المولد، والذي قاتل ضد السوفييت قبل أن يتجنس في الولايات المتحدة ويصبح سفيراً في العراق، ثم في الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق أيضاً، جاءت رئيسة منطمة "مجاهدي خلق"، مريم رجوي، قادمة من تيرانا إلى كابول حيث تقيم حالياً. لقد أعيد توطين هذه "الملة" الإيرانية بعد نقلها من العراق إلى ألبانيا بين عامي 2013 و 2015. ثم أنشأت إسرائيل قاعدة عسكرية لهؤلاء في مانزا بالقرب من العاصمة، فأصبح البلد بأكمله قاعدة رئيسية للموساد في أوروبا.
وبحسب معلوماتنا، فقد تم تدريب مقاتلي "مجاهدي خلق" على يد القوات الأمريكية في أفغانستان، في عام 2012. كما اجتمعت مريم رجوي مع مستشار الأمن القومي الأفغاني، السفير السابق في الولايات المتحدة، حمد الله محب، وحصلت على موافقته على إنشاء قاعدة لمجاهدي خلق في حرات.
تقوم فكرة جون بولتون على تنظيم العمل تحت قيادة موحدة مؤلفة من داعش ومجاهدي خلق، وهم في الواقع جماعة إرهابية مشكلة من "السنَة" العرب و"الشيعة" الفرس. وعلى الأرجح فإن القصد من هذا التشكيل الجديد هو إطلاق عمليات ضد إيران، أو ربما أيضاً في جميع أنحاء آسيا الوسطى، إذا أمعنا التدقيق في جنسيات مقاتلي داعش في أفغانستان.
هذه ليست المرة الأولى التي ينشأ فيها هذا النوع من الجسور: لنتذكر الخطاب المطول الذي ألقته مريم رجوي في 23 حزيران 2014 أمام ثمانين ألف عضو من مجاهدي خلق بالإضافة إلى ستمئة شخصية غربية، والذي أعربت فيه عن ترحيبها بغزو داعش للعراق في ذلك العام. كما ينبغي أن لا ننسى أن هذا الانتصار المزعوم ماكان له أن ينجح لو لا مساندة الجنرال عزت إبراهيم الدوري، الذراع اليمنى للرئيس السابق صدام حسين، والذي يحتضن حالياً مجاهدي خلق.