تُعدٌ الأمم المتحدة أربع مجموعات عمل تخصصية " للشروع بحراك لصالح وثيقة اطارية سورية, الهدف منها بيان جنيف موضع التنفيذ", وفقا للعرض الذي تقدم به ستافان دي مستورا إلى مجلس الأمن.
من هنا مكمن الألم : لم يسبق للأخضر البراهيمي, ولا لستافان دي مستورا أن تحدثا عن الجهود الكبيرة التي بذلتها الجمهورية العربية السورية منذ 30 حزيران-يونيو 2012 للامتثال لبنود هذا النص.
لنعد بذاكرتنا ثلاث سنوات إلى الوراء. كان الجيش العربي السوري قد هزمَ التكفيريين في تلك الأثناء, إثر استسلام الامارة الاسلامية في بابا عَمر, وابرام اتفاقيات سرية مع كل من فرنسا وتركيا تضمنت إعادة الضباط الأجانب المحتجزين لدى السلطات السورية, مقابل السلام.
في تلك الأثناء أيضا, كانت الولايات المتحدة تتحاور مع روسيا حول تقاسم الشرق الأوسط, وقد تم استدعاء "مجموعة العمل من أجل سورية" لكتابة "بيان جنيف".
كلنا نعرف أن هذا الاتفاق الذي جرى بين القوى العظمى, قد تم تكنيسه بعد ستة أيام من قبل المشاركين في مؤتمر "أصدقاء سورية" في باريس, متبوعا بالاستقالة المهولة لكوفي عنان من مهمته, لتبدا حرب أخرى, أكثر دموية, صار فيها صدام السوريين بين بعضهم البعض هامشيا, مقارنة مع صدامهم ضد الجهاديين الأجانب.
يستند البيان إلى خطة كوفي عنان المؤلفة من ست نقاط, والتي تستند هي الأخرى إلى المقترحات الخمسة للرئيس بشار الأسد, والتي تنص على : وقف أعمال العنف تحت رقابة الأمم المتحدة. الافراج عن السجناء. حرية تنقل الصحفيين الأجانب. حرية تأسيس الجمعيات والتظاهر.
فضلا عن ذلك, تطرق البيان إلى, أنه للانتقال من حالة الحرب إلى السلام, لابد من إنشاء هيئة حكم انتقالي تتألف بالتراضي, وصياغة دستور جديد, وتعهد باجراء المصالحة الوطنية.
ماذا حصل منذ ذلك الوقت حتى الآن؟
أولا, بعض الموقعين على البيان (الولايات المتحدة, فرنسا, الكويت, قطر, بريطانيا, وتركيا) تراجعوا عن التزاماتهم, واستأنفوا الحرب مع "أصدقاء سورية" عبر تنظيم نقل مئات الآلاف من المقاتلين إلى سورية.
ثانيا, "المجلس الوطني" والأفراد الذين انضموا إليه, ضمن "التحالف الوطني لقوى المعارضة والثورة", قرروا تأجيل تطبيق بنود البيان, إلى حين "سقوط النظام", وانخرطوا في دعم الارهاب.
ثالثا, بدأت الجمهورية العربية السورية, والمعارضة الداخلية, ومجموعات متمردة مسلحة سابقة, بمفردهم, وضد كل شيء, بتطبيق البيان, ومحاربة الارهاب معا.
هكذا, أُتيح للعديد من السجناء الاستفادة من مراسيم العفو, ولمئات الصحفيين الأجانب من زيارة البلاد بحرية, وللأحزاب السياسية أن تتطور وفقا لاحتياجاتها.
لقد أبرمت الجمهورية مع عدة جماعات متمردة, الكثير من اتفاقيات المصالحة.
كما أجرى رئيس الجمهورية تعديلات وزارية, لتضم ممثلين من عائلات سياسية جديدة, في اطار حكومة وحدة وطنية, وبما يتفق مع الوصف المتضمن في البيان, عن جسم لحكم انتقالي.
لايزال هناك الكثير مما يجب فعله:
القضاء على الارهاب- بمساعدة منظمة معاهدة الأمن الجماعي- وهزيمة الايديولوجيا الشمولية للأخوان المسلمين. ثم الانتهاء من مسألة تجميل الدستور, واجراء انتخابات بلدية في شهر كانون أول القادم, وانتخابات تشريعية بمجرد الاعلان عن وقف لاطلاق النار.
كلنا أمل هذه المرة أن لايحول شيء دونها, وأن يشارك الجميع فيها, متقبلين بروح ديمقراطية, خيارات شعب ذو سيادة.