ست سنوات مضت، والإعلام الغربي لم يتوقف يوما عن اتهام سورية بأفظع الجرائم. كما لم يتوقف منذ ثلاثة أسابع عن التهجم على رئيس الولايات المتحدة المنتخب، يشوه أقواله بشكل ممنهج، ويستخلص منها أسوأ النتائج.
حاول دونالد ترامب، قبل أن يشن الهجوم الكاسح على جماعة الأخوان المسلمين، أن يحصًن بلده، من خلال تعزيز رقابة استباقية على الحدود، فقرر تعليق منح تأشيرات الدخول لمدة ثلاثة أشهر للمواطنين المنحدرين من سبع دول، نظراً لتعذر التحقق من هوياتهم، بدءا من سورية التي أغلق الرئيس السابق سفارة بلاده فيها.
لايوجد في قراره ما يوحي بعدائه للمسلمين، بل هو إجراء ذكي قامت به الشرطة الإدارية.
مع ذلك، لم تتوقف وسائل الإعلام الغربية عن التنديد "بعدائه للمسلمين"، ونعت سورية بالمناسبة، الدولة العلمانية ك "دولة إسلامية".
وفي الوقت الذي يحاول فيه الإعلام في الغرب إنهاك دونالد ترامب، يستمر الأخير في المضي قدما نحو أهدافه.
كان في 11 أيلول 2001، أول شخصية تظهر على القناة التاسعة في نيويورك للطعن في مصداقية الرواية الرسمية، التي كانوا منهمكين في كتابتها عن هجمات نيويورك.
لم يتوقف ترامب منذ ذلك الحين عن بناء حركة سياسية مناهضة للانقلاب الذي حصل في ذلك اليوم من عام 2001. وقد فاجأ الجميع بفوزه بالانتخابات الرئاسية ضد الطبقة السياسية برمتها، بما فيها ضد حزبه الجمهوري.
وهو يبذل قصارى مساعيه الآن لإنهاء الامبريالية الأمريكية، واستبدالها، حيثما هو ممكن، بالتعاون عوضا عن المواجهة.
لايمكن بالتأكيد لهذا الهدف أن يتحقق خلال بضعة أيام، و سوف يستغرق سنوات، إذا قُيض له أن يبقى في البيت الأبيض إلى ذلك الحين.
ابتدأ قراراته في هذا الاتجاه بعزل جميع سفراء الولايات المتحدة في الخارج، بما في ذلك سفراء المنظمات الدولية، وكل المسئولين المدنيين في وزارة الدفاع. وأحكم قبضته على كافة أجهزة الأمن، وأرسل معلومات للجيش الروسي لمساعدته في تدمير مخابيء الجهاديين تحت الأرض في دير الزور، وختمها بالانخراط بمفاوضات سرية مع بكين.
أنشأ ترامب في 3 شباط الجاري في البيت الأبيض، منتدى استراتيجي وسياسي مؤلف من تسعة عشر رجل أعمال، أنيطت بهيئتهم تقديم مقترحات حول كيفية إطلاق فرص عمل، وبشكل أدق، كيفية تحويل اقتصاد الولايات المتحدة القائم على الحرب، إلى اقتصاد سلام.
ستة من أعضاء هذا المنتدى، هم أيضا أعضاء في المجلس الاستشاري لكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة تشينغوا.
يجمع هذا المجلس تحت رئاسة رئيس الوزراء الأسبق تشو رونغي، أكثر الشخصيات الصينية والغربية أهمية في هذا المجال.
أما رئيس المنتدى ستيفين شوارزمان، فهو يدير شركة بلاكستون، التي استحوذ الصندوق السيادي لجمهورية الصين الشعبية منذ عام2007 على حصة من أسهما تصل إلى 9,3%. هذه الشركة التي كان يديرها في تلك الفترة لو جوي، وزير المالية حاليا.
في 7 كانون أول الماضي، أصدر ترامب قرارا عين بموجبه، تيري برانستاد، حاكم ولاية أيوا، سفيرا في بكين.
برانستاد، صديق منذ زمن طويل للرئيس شي جينبنغ، الذي جاء في عام 1985 إلى ولاية أيوا لقضاء فترة تدريبية.
تتجه المفاوضات الحالية بين واشنطن وبكين حول إمكانية دخول الولايات المتحدة في البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية.
إذا سارت الأمور على هذا النحو، فهذا يعني أن الولايات المتحدة سوف تتخلى عن كبح جماح الصين، وتنخرط في تعاون حقيقي معها لتطوير "طرق الحرير"، مما يجعل من استمرار الصراع في كل من أوكرانيا وسورية أمرا لافائدة منه.