يبدو أن الجدالات العديدة المثارة بين الأحزاب اللبنانية المختلفة حول كثير من القضايا المطروحة للمناقشة لمجلس الوزراء خلال جلسته هذا الأسبوع، ليست أكثر من فرضيات لسيناريوهات ما بعد إصدار الأمم المتحدة لتقريرها.
فكل حزب يربط موقفه بالمرحلة التي ستلي صدور تقرير الأمم المتحدة المتعلق بالتحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
يبدو أن كل حزب يتصرف وكأنه يعرف تماماً نتائج التحقيقات، ويقوم بترتيب خطواته وإعداد نفسه للأحداث السياسية التالية بناءً على هذا الأساس.
هذه الأحزاب يمكن تقسيمها إلى ثلاثة فئات اعتماداً على نظريتهم حول ما سيؤول إليه التقرير.
جماعة الفئة الأولى تضم الأحزاب التي تعتقد بأن التقرير سيكشف النقاب عن كامل الحقيقة، وسيحدث تغييرات سياسية أساسية في كل من لبنان وسوريا.
أما الفئة الثانية فتتوقع أن يتم تسييس التقرير كي يتم استهداف سوريا، التي يجب أن تصل إلى تسوية مع الغرب.
أخيراً الفئة الثالثة وهي تشمل أولئك الذين يعتقدون بأن لبنان مقدم على فترة مليئة بالفوضى التي ستزيد من التدخل الأجنبي وسط وضع إقليمي تبدو فيه جميعالاحتمالات ممكنة. وها هي محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق والتقارير الصادرة حول تهريب الأسلحة إلى داخل لبنان أمثلة حقيقة عن التطورات الخطيرة التي تخشى هذه الفئة الوصول إليها.
جميع العيون معلقة على المرحلة القادمة، فكل حزب يحاول تدعيم موقفة استباقاً للانتخابات الرئاسية التي ستجري حتماً بعد صدور التقرير، وللتسوية السياسية الجديدة، ولعلاقات البلاد الخارجية. وهذا يفسر المناقشات الحادة التي دارت خلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الخميس من اجل مناقشة الوضع الأمني، التعيينات الأمنية، وكيفية التحقيق في التفجيرات المستمرة.
هذه النزاعات كانت نتيجة للتفسيرات المختلفة التي وضعتها الأحزاب للمعلومات التي قدمها المحقق ديتليف ميليس للمسؤولين اللبنانيين. ولكن تكتم ميليس الشديد على نتائج تحقيقاته دفعت بعض الأحزاب والمسؤوليين، خاصة وزير العدل شارل رزق، لاستنتاج أن محقق الأمم المتحدة فشل في العثور على أي دليل ملموس يدين قادة الأمن الأربعة السابقين.
الآخرون يعتقدون بأن توجه ميليس ناجم عن اشتباهه ببعض المسؤولين وخوفه من تسرب بعض المعلومات الحساسة إلى بعض الأطراف المشتبه بها.
عندما طلب ميليس تمديد الفترة المحددة لتقديم التقرير، فسر بعض المراقبون طلبه هذا بشكل مختلف تماماً، معتقدين أن ميليس سيترك الهيئة القضائية تصدر اتهاماتها بعد أن استلامها للتقرير وسيسمح للقضاة متابعة القضايا المعلقة. كما يعتقد هؤلاء المراقبون أيضاً أن ميليس اكتشف أن الهيئة القضائية لا تمتلك في الحقيقة تلك الموارد البشرية والسلطة القانونية التي تمكنها من متابعة مهمتها.
من جهة أخرى، يرى الآخرون أن ميليس طلب التمديد لأنه بحاجة للتحقيق مع مسؤولين سوريين مرة ثانية، نظراً لأن جولة التحقيقات الأولى فشلت في الوصول إلى النتائج المرجوة. وينظّر هؤلاء الأشخاص قائلين بأن ميليس قد يطلب مقابلة المسؤوليين السوريين خارج سوريا.
أما المجموعة الأخيرة فقد قالت بأن ميليس سيحتفظ بالأدلة الرئيسية إلى مرحلة المحاكمة، خاصة إذا تم تعيينه كمدعي عام في المحكمة التي ستتألف من قضاة دوليين ولبنانيين.