في الوقت الذي توصل فيه البيت الأبيض والكريملين مرة ثانية إلى عقد اتفاق للسلام في الشرق الأوسط، نشر الصحفي سيمور هيرش في صحيفة " لندن ريفيو أوف بوك"، تحقيقا مطولا حول الطريقة التي لجأت إليها هيئة الأركان الأميركية المشتركة، برئاسة الجنرال مارتن ديمبسي، لمقاومة أوهام باراك أوباما.
وفقا لسيمور هيرش، حاول العسكريون البقاء على اتصال مع نظرائهم الروس، على الرغم من الإدارة السياسية للأزمة الأوكرانية. يقولون أنهم سلموا معلومات في غاية الأهمية لكل من روسيا وألمانيا على أمل أن ينقلها هؤلاء للسوريين، وامتنعوا عن تقديم أية مساعدة مباشرة لدمشق.
يرثي سيمور هيرش تغير الأحوال منذ تولي الجنرال جوزيف دانفورد رئاسة هيئة الأركان العامة.
بالنسبة لكبار ضباط الولايات المتحدة :
أولا، يجب دعم الرئيس بشار الأسد لكي ينتصر، ويبقى في السلطة.
ثانيا، يجب العمل مع روسيا ضد داعش.
ثالثا، يجب معاقبة تركيا التي لاتتصرف كحليف، بل كعدو.
رابعا، يجب الكف عن تخيل وجود "متمردين سوريين معتدلين"، والاختباء وراء هذا الوهم، للسماح لوكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.ايه) بدعم الإرهابيين.
لنتذكر كيف أُقيل وزير الدفاع تشاك هاغل من منصبه في شباط-فبراير 2014’ لأنه حاول الاستفسار من البيت الأبيض عن تناقضاته، وتمت الاستعاضة عنه بأشتون كارتر-مسؤول كبير وعميل سابق لكوندوليزا رايس- الذي كان يتغاضى عن تصرفات سي.آي.ايه.
بعد ذلك، وفي غضون شهر أكتوبر من العام 2014، رأينا كيف أخذت مؤسسة "راند كوربورشن"، وهي أهم معهد بحثي تابع للمجمع الصناعي العسكري، موقفا رسميا لصالح الرئيس الأسد، موضحة أن هزيمته، سيعقبها على الفور استيلاء الجهاديين على السلطة، بينما سيسمح انتصاره باستقرار المنطقة.
في شهر آب-أغسطس 2015، جاء دور الجنرال ميشيل ت.فلاين، المدير السابق لوكالة استخبارات الدفاع، ليكشف على قناة الجزيرة عن جهوده في تحذير البيت الأبيض من عمليات تخطط لها وكالة الاستخبارات المركزية، وحلفاء واشنطن، مع الجهاديين. وقد علق على أحد تقاريره التي تم رفع السرية عنها مؤخرا، بالإعلان عن إنشاء داعش.
أخيرا، صرح في الشهر الجاري ديسمبر 2015، وزير الدفاع الأسبق، تشاك هاغل لصحيفة فورن بوليسي، بالقول أن موقف البيت الأبيض من سورية، أضعفَ من مصداقية الرئيس أوباما.
قبل مغادرته منصبه، عين الجنرال مارتن ديمبسي، الكولونيل جيمس باكر، مديرا لمكتب استشراف المستقبل واالاستراتيجيا في وزارة الدفاع.
من المعروف عن باكر أنه مستقيم، وعقلاني، وحكيم، على النقيض تماما من الستراوسيين.
على الرغم من أن سيمور هيرش لم يذكره في مقالته، إلا أننا نستشف بصماته على هيئة أركان الولايات المتحدة.
على أي حال، توضح مقالة سيمور هيرش إرادة هيئة الأركان الأميركية في التميز، على حد سواء، عن البيت الأبيض، والصقور الليبراليين مثل ديفيد بترايوس، وجون آلن، مع الإشارة، بشكل أو بآخر، إلى أنه ليس لدى الرئيس أوباما، في السياق الحالي للأحداث، أي حق بمتابعة الغموض، الذي خضع له خلال السنوات الثلاث الأخيرة.